"أشراف سكنوا المهاجرين"
الاستاذ تيسير العيتي
من يذكر هذا الوجه الصبوح وهذا الثغر البسّام وهاتين العينين اللتين تشعان ذكاء وطيبة وفرحا وايمانا وتقوى وطمأنينة , الاستاذ تيسير العيتي من أرقى الشخصيات التي عايشتها خلال كل مراحل دراستي .. في عام 1972 كان لنا الشرف ان يكون الاستاذ تيسير مدرّسنا للرياضيات في ثانوية الثقفي , لا أقول بأنه من أمهر وأذكى من درّس هذه المادة فحسب , فهو ليس بحاجة لشهادةٍ مِنْ مثلي بل نحن بحاجة لشهادته فينا , بل كان من أرفع المدرسين خُلقاً و جديّة , ونفْسٍ لا تفارقها روح الدعابة , يمزج العلم والجدية والدعابة في خلطة متفردة فيعطي لهذه المادة الجافة روحاً جديدة يتقبلها الدارس.. ولا أنسى في أول العام يوم أخرجني الى السبورة ممتحناً لي لحلّ مسألة رياضية وبعد أن قمتُ بحلّها بشكل صحيح ووصلتُ الى المعادلة النهائية مترقبا الثناء، فقال لي : اسْطلها , فوقفت مرتبكاً ! فماذا فعلت حتى يقول لي ذلك ؟؟! فتبسّم في وجهي ضاحكا في دعابة لطيفة وقال: اسطلها للمعادلة , أي ضعها ضمن مستطيل يا بنيّ..! ..
ولد الأستاذ تيسير العيتي عام 1934 في أسرة متواضعة مكونة من خمس أخوات ووالدٍ يعمل تاجراً بسيطاً ووالدةٍ تولّد النساء في بيوتهن (قابلة). آمن الأستاذ تيسير منذ نعومة أظافره بالعلم طريقاً إلى النجاح والعيش الكريم، فعُرف عنه منذ طفولته تفوقه الدراسي على الرغم من الظروف الصعبة التي رافقت نشأته وبعدما أنهى دراسته الثانوية عرض عليه صيدلي مشهور، عمل معه في صيدليته، أن يدرس الطب على نفقته لكنه آثر أن يكون مستقلاً في مهنته وقراره فدخل كلية التربية (قسم الرياضيات). تخرج الأستاذ تيسير من كلية التربية عام 1955 حاملاً معه إجازة في الرياضيات ودبلوم في التربية. حيث درّس في الثانوية الصناعية في حلب بين عامي 1955- 1957، ثم تنقّل في التدريس في دمشق من الثانوية الصناعية إلى ثانوية جول جمال إلى الثقفي إلى جودت الهاشمي إلى ابن خلدون إلى بسام بكورة إلى سامي الدروبي إلى عز الدين التنوخي ثم عاد إلى ابن خلدون قبل أن يتقاعد من التدريس في المدارس الحكومية عام 1996. في موازاة ذلك درّس في مدرستين خاصتين؛ في معهد اللغات الأجنبية (لنغوا) وفي ثانوية السعادة وظل يدرّس في السعادة حتى عام 2003 ثم عمل فيها مشرفاً على تدريس الرياضيات حتى عام 2011. سافر الأستاذ تيسير إلى السعودية بين عامي 1963 – 1968 حيث عمل مدرساً في جامعة الملك سعود، كما ابتعثته وزارة التربية السورية إلى فرنسا عام 1974 لمدة عام واحد اطلع فيه على تدريس الرياضيات الحديثة واستخدام الكمبيوتر في دراسة الرياضيات، وشارك في دورات الرياضيات الحديثة لمدرسي الحكومة الليبية "وكالة هيئة الأمم" التي أقيمت في دمشق وكان أول من أدخل الرياضيات الحديثة وعلم المجموعات إلى المناهج التعليمية في سورية. ألّف الأستاذ تيسير الكتب التالية: مسائل الميكانيك (الجزء الأول: للصف الثاني الثانوي العلمي) و(الجزء الثاني لشهادة الدراسة الثانوية) نشر هذان الكتابان في دار الفكر في دمشق 1962 - الرياضيات المعاصرة (الجزء الأول) نشرته مؤسسة الرسالة في بيروت 1971 - المسائل (3 أجزاء) للصف الثالث الثانوي العلمي 1972الجبر للصف الثالث الثانوي العلمي 1972 - مقدمة في المجموعات والتحليل الرياضي للصف الثاني الثانوي العلمي 1972الرياضيات المعاصرة (الجزء الأول: التحليل الرياضي) للصف الثالث الثانوي العلمي 1974جدول اللوغاريتم وقد كتب في آخره خلاصة عن الرياضيات في المرحلتين الإعدادية والثانوية 1973 كان الأستاذ تيسير يُدعى إلى كل لجنة ولا سيما لجان السلالم الثانوية لثقة القائمين في وزارة التربية به، وقد شارك في تأليف كتب الرياضيات للمراحل المختلفة ولا سيما الثانوية منها: الحساب والهندسة للصف الخامس الابتدائي 1958 - الميكانيك للصف الثالث الثانوي 1964 - كتاب الرياضيات للصف الرابع من دور المعلمين والمعلمات للعام الدراسي 1965 (نجح بمسابقة)- كتاب الرياضيات للصف الثالث من دور المعلمين والمعلمات للعام الدراسي 1968 (وزارة المعارف السعودية)
اشتهر الأستاذ تيسير العيتي بفهمه العميق لمادة الرياضيات وببراعته في التدريس حتى ذاع صيته في الآفاق داخل سورية وخارجها ولم يكن مدرّساً فقط بل كان ذلك المربي الذي تترك تصرفاته ومواقفه أثراً لا يُمحى في قلوب وعقول طلابه. عُرف عن الأستاذ تيسير إضافة إلى علمه الوافر تديّنه وحبّه لدينه واعتزازه به واهتمامه بشؤون وطنه وأمّته وحبه للكتاب والتعلم والإطلاع على كل جديد فضمت مكتبته الواسعة كتباً في الكثير من المجالات العلمية والدينية والأدبية، كما عُرف بأخلاقه الدمثة ولين معشره فأحبه الجميع حتى من يخالفونه في الرأي. للأستاذ تيسير خمسة أولاد، اثنان من الذكور وثلاثة بنات، بارك الله في عمره وأمده بالصحة والعافية .
الاستاذ تيسير العيتي من سكان المهاجرين الاكارم وهو زهرة من أزهار منطقة خورشيد ينعم بها منذ عقود وينعم أهلها بجواره وببركته ,, أطال الله عمره ومتّعه بالعافية وجزاه الله حُسن الثواب ..
حمدي رمضان
عن صفحة ابن العم العزيز وسيم موفق الخاني