مقتل محمد جواد النقري ابن رئيس فرع الأمن الداخلي بتفجير سيارته البورشه وقيمتها 40 مليون ليرة
tإياد عيسى: كلنا شركاء
لا معلومات كثيرة، حول ظروف وملابسات مقتل الشاب محمد جواد النقري، المُلقب دلعاً بحمودة، وابن رئيس فرع الأمن الداخلي خلال السبعينيات، التابع لأمن الدولة.
( الشهيد) ، كم اسمته ( دمشق الاخبارية ) الموالية، حمودة هذا، قٌتل بتفجير سيارته بعبوة ناسفة في العاصمة دمشق، مابين شارع بغداد والأزبكية، بحسب ما ذكره آل النقري في نعيهم ( لبطلهم ) فيما حدد موقع اعلامي آخر المكان، عند الدوار القريب من مبنى فرع دمشق للبعث في شارع الثورة، بينما أشارت معلومات عن وقوع التفجير بالقرب من معهد الحرية ( اللاييك ) سابقاً، وبكل الأحوال، تبقى كل المواقع المذكورة بقرب بعضها وفي ذات المنطقة، وسط دمشق.
مهتمون بالتحليل العسكري، رأو أن العبوة تم تفجيرها لاسلكياً عن بعد، فيما لا يستبعد آخرون أن تكون العبوة من النوع الذي ينفجر في حال عبور السيارة فوق مطبات، أو تجاوزها لحفرة.
ليست المشكلة في المعلومات حقيقة، ولا حتى بأهمية الشخص ذاته، وتأثيره بالأحداث، إذ تبقى مجرد واحدة من عمليات الاغتيال، الدارجة موضتها في مختلف أنحاء سوريا، لكن المشكلة هي في سيارة ( الشهيد حمودة ) البورش، والتي يُقدر ثمنها بنحو 40 مليون ليرة سورية، فيما نحو 80% من السوريين تحت خط الفقر، والعشرات منهم يموتون جوعاً كل شهر.
أيضاً المشكلة، في المنزل الذي كان يقطنه المرحوم في المزرعة، وهو أحد أحياء دمشق الراقية، وتُقدر قيمته بحوالي 230 مليون ليرة، بينما ملايين السوريين تحت العراء، أو سقف خيمة مثقوية.
ترجمة الحسبة أن الشاب حمودة، كان يملك بحدود ربع مليار ليرة، كمقتنيات شخصية مجمدة، عدا السيولة المالية في البنوك، بالمناسبة هذا حسد شخصي، وفوقها ضيقة عين، اللهم فاشهد.
لا يمكن التشكيك بنزاهة الراحل الشاب شخصياً، إذ غالباً، كان يلعب ويتمتع بجزء من ثروة ( البابا ) العميد المتقاعد فريد النقري، ولاشك الثروة كبيرة، ومن حر مال أمن الدولة، إذ أن الرجل، كان رئيساً لأهم فرع فيها على الاطلاق، ولسنوات عدة.
يعتبر الفرع الداخلي، ومقره في جادة الخطيب بشارع بغداد الدمشقي، أشبه بإدارة أمنية مستقلة، تمتد أذرعها على شكل مفارز في مختلف المحافظات، وتتدخل في كل شاردة، ووادة فيما يتعلق بالدوائر الحكومية المدنية، ومتابعة المدنيين عموماَ، ورغم تبعيتها الأسمية لإدارة أمن الدولة، وتشابك العلاقة بينهما في كثير من الجوانب خاصة الإدارية، رغم ذلك، يتصرف الفرع الداخلي في كثير من الملفات بشكل مستقل تماماً، بل سري، وبتكليف خاص من القصر الجمهوري مباشرة.
فرع أمني، ذات طبيعة خاصة، من الطبيعي، أن يتصرف بنهر من الأموال غير خاضع للرقابة المالية والمحاسبة القانونية، ويتحكم بمصير الآلاف من أصحاب المصالح، والاحتكارات، وبالتالي من الطبيعي أن يلعق رئيسه الأموال بالمغرفة وليس بالملعقة.
ولعل أكثر ما يدلل على خطورة الفرع هو توليه منذ تأسيسه تقريباً، الاشراف والتحكم مباشرة بتسيير أمور الدولة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وأمنياً خاصة في دمشق، والأهم من ذلك، هو تدخل الفرع المباشر بتعيين الحكومات بدءً من رؤسائها، وانتهاءً بأصغر عامل مياوم، أو مؤقت.
مهمة خطيرة، مارسها بقوة وهدوء اللواء محمد ناصيف أشهر رئيس عرفه الفرع، ومارسه بفجاجة وابتزال اللواء بهجت سليمان، السفير المطرود من عمان أمس.
ربما، لا تكون تلك المشاكل مثيرة لاهتمام الشارع، لكن المؤكد انها تختلف تماماُ عن مشاكل، وأولويات السلطة، المتخوفة حالياً من عودة مسلسل، ومشاهد التفجيرات والعبوات الناسفة إلى شوارع العاصمة دمشق، عشية بدء مسرحية الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي من شأنه توجيه رسائل، لا تعجب النظام الأمني، لهجة ومضموناً، ويمكن أن تنسف كل ما فعله النظام لرفع معنويات مريديه، وتسويق انتصاراته العسكرية المزعومة على الأرض داخلياً، في حين يعني تواصل الانفجارات بنظر العالم الغربي إضافة إلى موسكو، أن الأسد عاجز عن السيطرة على قلب عاصمته بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الثورة.
شخصياً، ما يهمني هو الترحم على ( حمودة )، حيث لا يجوز على الميت إلا الرحمة، وقبله على (البورش) أم 40 مليون متفجرة، والمنزل أبو 230 مليون مركونة، وكم أنت غالٍ أيها المسروق من لحمنا.