الغنيمة المجانية ليست كسبا...
الغنيمة المجانية ليست كسبا...
يشعر أحدنا بالسعادة ، عندما يعرض عليه عمل مجاني تطوعي لخدمة ما ، هو مقتنع بها في قرارة نفسه، لكن الأمر يصبح التزاما لا يدعو للتزكية، عنما تقدم بإخلاص وفوق طاقتك ، ويتكرر الطلب، دون أن تحصل على أقل مقدار من العرفان بالجميل...
لغويا:
مَجَنَ الشيءُ يَمْجُنُ مُجُوناً إِذا صَلُبَ وغَلُظَ، ومنه اشتقاقُ الماجِن لصلابة وجهه وقلة استحيائه.
والمِجَنُّ: التُّرْسُ منه
الليث: المَجّانُ عطية الشيء بلا مِنَّة ولا ثمن؛
يقول المَجّان، عند العرب، الباطلُ.
تجاريا: هو أمر تسويقي صرف، وتمرير للبضاعة قبل نهاية مدة إنتاجها او هناك ربما اعتبارات أخرى ليست من اختصاصنا.
حتى أنه وإداريا ، تدرس هكذا أمور، من باب الدعاية والإعلان، فكم خدعنا بكلمة مجاني فتبين أننا سندفع أكثر مما يصلنا، وينطبق هذا الأمر ، على الموائد المفتوحة مثلا في الفندق والمطاعم الكبيرة، والتي تعرف مسبقا ان الفرد لن يأكل أكثر مما تتسع لها معدته، لكن المبلغ الذي يدفعه أكثر طبعا، وبذلك تقدم الوجبات بطريقة حضارية ناجحة، خادعة للمستهلك.[1] رغم انها تسعده.
باختصار: ادرس العُروض ، وأعرف المكسب مقابل المبلغ المدفوع، ولن ننسى أن الزبون ليس غبيا ليتقبل أي عرض مغرٍ، لكن هناك عروض معقولة ، يمكنها المرور بسهولة.
لو فكرنا أدبيا وثقافيا، فنرى أن المثقف مستغل لأقصى حد ، خاصة في العالم العربي، في أمور مجانية ، لكن أن تكون على حساب حياته واستغلالا لعدم حاجته المادية أو غير ذلك.، فهنا نقول أنها حالة عدم تقدير لملكاته وخبراته.
يقول المحامي السوري عبادة الخطيب:
إن أي أمر مجاني في المجتمع لا يُحترم ولا يقدر في مقابل المأجور ، ربما في بلادنا خاصة، حيث يتم استغلاله حتى آخر قطرة أو إهماله لذا نجد الغياب خاصة في الدورات التثقيفية والترميمية الدراسية المجانية لعدم تقديرهم لهذا الأمر المجاني الذي يعتقدون أنه تافه وغير مجدٍ.
ويستهتر الطالب بالأستاذ الذي يأت بصفة تطوعية، بينما يشعر بالالتزام والاحترام لمن لا يتقبل عملا إلا ماجورا، فماهي الفلسفة هنا؟ ، والانعكاس النفسي للطالب، وحتى للمؤسسة التي تستغل عمله.
بالمقابل، تلك الأمور التقنية كالواتس والفيس، وبصرف النظر عما درج من تنبيهات لعدم إضاعة الوقت وخلافه، نجد أن هناك من يجد نفسه وسط مجموعات ما أنزل الله بها من سلطان ، لا تعرف مديرها ولا غايتها فقط أنت فيها...فقط لأن الأمر مجاني فيكثر سرطانيا بلا جدوى...
هل الحالة المجانية تفتح لك المجال للشطط باستعمالها دون مراعاة أدب ومنهج الاستعمال القويم؟.
من البديهي أن من يفتتح مجموعة ( على الواتس أي أي أمر مشابه)عليه، أن يعرف بنفسه برسالة المجموعة ، بصفة أعضاء المجموعة، وإن أمكن بأعمدتها، ومن ثم يعرف الباقون واللاحقون عن انفسهم، وقد قمت مرة بتقويم مجموعة نابعة من إدارة مركز ثقافي معروف، بد الخروج منه وعودتهم لتنصيبي من الأوليين فيه، لأضع له المناهج ، وأعرف بنفسي فمضى بسلام وأمان...خاصة أننا لم نعد نزكي من تطرف برأيه لدرجة الامتناع عن النقاش الحر الثقافي طبعا.
من جهة أخرى يعد النشاط الذي تقدمه المؤسسات عموما ، هو صرف الشباب عن جهود سلبية قد تعود عليهم بضرر، مثل( وليس هو المثال النموذجي ولكن للاستشهاد فقط)، الرياضة وانصرافهم لها، ومحفزات لدخول غمارها من أوسع الأبواب، فهل ينطوي هذا تحت بند المجان؟ ورب قائل:
-هو جهد محمود.
نعم لكنه ليس منهج حياة وحرفة عندما لا نجد مردودا محترما من خلالها.
علينا البحث بدقة عما نقدم عليه بدراية ووعي، وتفتق ذهن على تحوير كل ما نحب لفائدة وإبداع وعطاء.
على الهامش:
عندما قسمت من كتبي حصة للشباب ولمن يتمنى القراءة ولا يدمنها ولا يقوى على ذلك...بات لمفهوم المجان، بعدا آخر ممتع وجميل.. نتائج مرجوة إيجابية طال انتظارها...
فهل هناك أفكار جديدة للمجان بناءة ولا تحمل خسارة للطرفين؟
وإذن ماذا نسمي هذا الآن؟.
الخميس 6-8-2015
[1] يمكنك معرفة الفكرة بشكل اوضح بالاستعانة بالكتاب المبين : وتعتبر فلسفته المطروحة إدارية هامة، حيث تبين كيفية كسب الزبون.subscription business model
اسم الكتاب:
The Automatic Customer