لا تنفك علاقة الإنسان بأرضه التي سقاها بدمه وعرق جبينه مهما حالت قوة على الأرض أن تبعده عنها .. هي علاقة مشابهة تماماً لعلاقة الأم بابنها .. أو علاقة الزوج بزوجته الحقيقية الإنسانية ذات الرباط الروحي الشرعي والتي تمثل نصفه الآخر المثمر ...
هل يمكن فصل هذه العلاقة ؟
كيف يمكن لقوة مهما كانت غاصبة أو عدوانية أن تبعد أهل الأرض عن أرضهم وتعويضهم بأموال فانية ؟ ..
هذه محاولة لتصوير هذه العلاقة المتراكبة شعرياً ..
الحُلْمُ .. الإنْسَانُ والأرض ..
كأنِّي بِحُـلْمٍ وما زِلْـتُ أهْـذي =كأنِّـي بطـيـفٍ يـزورُ الـمَنامَـا
لِـقاءٌ نـديٌّ وقـولٌ رقـيـقٌ = فـيا حُلْمُ دُمْ طـالـما الوصـلُ داما
كأنـي بِـمَرْجٍ منَ العُشْـب زاهٍ =يـَمُـوجُ بـروحي هَوى مُسْتَـهامـا
لـها جـُلَّـنارٌ زَهِـيٌّ بنـفسي =وعِشْـقٌ لرمَّـانِهـا قــدْ تَـنَامـى
وأشـجـارُ نَـخْلٍ وطَلْحٍ نَضيدٍ =وعِـطْْـرٌ زكـيُّ يَــفوحُ دوامــاً
وبئـرٌ لـها مِـنْ رشاءٍ جَمـيلٍ = تـصب مياهـاً بـلَمْسِ السُّـلامـى
كأنـي بفردوسِ أرضِ خـصيبٍ =فَـطِبْتُ جُـلوساً وطـابتْ مـُقـاما
أمَـرِّغُ نَـفْسي بِـتُرْبٍ طَـهُورٍ =غـذانـي نـعيـمـاً أزالَ السِّـقاما
وأشربُ مِـنْ بئْـرِهَا منْ رَحـيق = يـزيدُ بقـلبـي وعـقـلي هُـُيامـاً
نَطَقْـتُ بروحي كلامـاً عَطُوفـاً =فأنَّـتْ حـنـيناً ولانَـتْ كـلامـا
فصَارَتْ فِراشي وصِـرْتُ لِـحَافاً = يُـغَـطِّي بغَـيْمٍ نـدى مُسْـتَـداما
فَـغِـبْنا عقـولاً وصِـرْنا بروحٍ =كأنَّـا سـنبقى لـيومِ الـقيـامَــه
وسـالت سُيولٌ من الماءِ تـجري =وتـكـفي سقـاءً أراضي تِـهامَـه
فَـزالَ السُّهـافُ ودُمـنا رواءً =وصـارَ اشـتياقي بوجـهي علامَـه
فكيـف افتِراقيَ بَـعْدَ ارتـوائي =سأبـقـى غَـيُوراً ، وتبـقى دُرامـا
يريـدونَ مَـنْـعاً أعود لأرضي =هـو الظُّـلْمُ حَـتْماً يعـادي السلامَا
سيَبـْقَـوْنَ دوماً علـينا لـئاماً =لأنّـَا كِـرامٌ ونـأبـى الـلآمَــه
سأبـقى وفِـيَّاً ليـومِ التلاقـي =شَـرِبْـنا مـعَـاً طِيبَـهُ والكرامَـه
ولنْ يُـبعدونِيَ ما دمـتُ حَـيَّـاً =سـأعـلو بـديني وأرفَـعُ هـامَـه
أعـودُ إليـكِ بروحي وقَـلْبـي =ويفْـنَى الشَّـقاءُ وتَفْـنى السَّـآمـه
كما كانَ حُلْـماً نَـدِيَّـاً سعيداً =نعــودُ بِـحقٍّ ونجــلو اللِّـئـاما
ونَصْحُو لما فـاتَ مِـنْ هَـفـْوَةٍ =وبالحـقِّ نعـلو ونُعلي الشَّـهـامَـه
ونربو بِجـيل على حبِّ الاقـصى=يُـزيـلُ الشِّـقاقَ ويُـتْـمَ اليـتامى
نـعـودُ لـحُـلْمٍ جَـميلٍ بَهيٍّ =وذكـرى وِصَالٍ بـه العُـمْـرُ دامـا
أأنسى التحـامي بروحي لأرضي ؟=أأنسى هُـيامـي وأنـسى الـمَنَـامَا؟
أأنـسى ميـاهاً تُـرَوِّي بـذوراً =لتـنمو بـأمـنٍ بأرضِ السـلامـه ؟
فلا عـاشَ عاصٍ لذكـرى وِصَالٍ = فَـذَاكَ شَـقِيٌّ بِـتـيـهِ النَّـدامَـه
شعر الدكتور ضياء الدين الجماس