باسم الله الرحمان الرحيم
رسالة من نصر بن سيار
قديما قال نصر(1) مستجيرا = أأيقاظ أُمية أم نيام
و نار قد تبدت في خفاء = فأوجس أن يكون لها ضرام
فما حال ابن سيار إذا ما = رأى مما أراه و ما الكلام؟
أرى في الأفق ألسنة لنار = و يوشك أن يبادرنا الحِمام
و لولا دعوة المختار فينا(2) = حسبت الصخرَ(3) يمطرُنا الغمام
جراح ذلة قهر هوان = و أهوال يشيب لها الغلام
يموت اليوم إخوان لدين = و ظن البعض أنا لا نلام
و خالوا الجهد أن قاموا ليدعوا = و مطعمهم و ملبسهم حرام
و قالوا قد يجيء النصر طوعا = نظرنا كَمْ و كَمْ ...عامٌ... فعام
دعَوْنا خصمنا أن يأكلونا = كما يدعو الى الأكل الطعام
فنادوا اِتبعونا ! أن هلموا ! = كما قد قص غيركمو فقاموا!
وأسقونا شراب النحل حلوا = و ممزوجا به السم الزؤام
و أنسونا مقالة ديك شوقي(4) = بأن دين الثعالب لا يرام
و فَتُّوا لُحمة الإسلام منا = فعمَّ البغض فينا و الخصام
و مات المارد الكَلُّ المريض = و نُسُّوا كم مجائده العظام
فصرنا كعكة بخوان قوم = و قُسِّمنا ...لبئس الاقتسام!
تشرذمنا دويلات لعرق = و عدنا القهقرى، و هم أمام
لسان القول أن عيش كريم = و حال القوم أكرمهم يضام
كأيتام بمأدبة جياع = و عيشتهم بما جاد اللئام
نسينا بعضنا بعضا، تركنا = عرى الإسلام يعروها الفصام
فكيف اليوم أو بغدٍ إذا ما = نموت إذاً و لله الدوام؟
و دعوة ربنا فينا صراح = بأن دمكم و عرضكم حرام
فماعذري و عذرك في دماهم = إذا ما قام للحشر الأنام
ألا لبوا نداء الله فيكم ! = و هبوا يعطَكم منه الوسام
فإن ننفر فتلك جنان خلد = و إن نثقل فقد ساء الختام(5)
ودعوانا أن انصر يا مغيثي = و أيقظ من همو فينا نيام
(1)- نصر بن سيار آخر ولاة الأمويين على خراسان و قد استفحل أمر الدعوة العباسية في عهده بخراسان و كان من ضمن ما كتب الى آخر خلفاء بني أمية يحذره : أرى خَلَلَ الرماد وميض نار -- وأخشى أن يكون لها ضرام--- فإن النار بالعودين تزكو -- وإن الحرب أولها كلام--- أقول من التعجب ليت شعري -- أأيقاظ أمية أم نيام
(2) استبطأ قوم نزول الأمطار في عهد أحد التابعين (قيل الحسن البصري) فقال لهم "أنتم تستبطئون نزول المطر وأنا أستبطى نزول الحجر من السماء
(3) عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "سألت ربي عزَّ وجلَّ ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم فأعطانيها، فسألت ربي عزَّ وجلَّ أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها، فسألت ربي أن لا يلبسنا شيعاً فمنعنيها
(4) كتب أحمد شوقي: برز الثعلب يوماً في --- ثياب الواعظينا --- فمشى في الأرض يهدي --- ويسبّ الماكرينا ... واطلبوا الديك يؤذن--- لصلاة الصبح فينا … فأجاب الديك : عذراً--- يا أضلّ المهتدينا … مخطئٌ من ظنّ يوماً-- أنّ للثعلب دينا
(5) يقول الله تعالى : ( يا ايها الذين آمنو ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الارض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة الا قليل،الا تنفروا يعذبكم عذابا اليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير ) سورة التوبة