مفاتيح البحور

http://www.quran-light.com/arabic/pages/news.php?nid=31

قوله تعالى : ........ ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) ........

فإن هذه الآية الكريمة دلت بصراحة على أنه تعالى لم يعلم نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) الشعر
ولا ينبغي الشعر له ، فيجب أن لا يكون فيما علمه تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) شئ من الشعر ،
ونحن لو فتشنا القرآن الذي علمه الله تعالى لنبيه لوجدنا فيه من الشعر الشئ الكثير ،
حتى أن بعض الأدباء نظم البحور الستة عشر بأوزانها الخاصة وضمنها آيات من
القرآن الكريم مما يدل على أنه ليس من أوزان الشعر شئ إلا وهو في القرآن الكريم .
ولنذكر هاهنا بالآيات ، وتمتعا للأسماع والأبصار :

بحر الطويل :


أطال عذولي فيك كفرانه الهوى ........ وآمنت يا ذا الظبي فانس ولا تنفر
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن ........ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

بحر المديد :


يا مديد الهجر هل من كتاب ........ فيه آيات الشفا للسقيم
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن ........ تلك آيات الكتاب الحكيم


وقال الآخر أيضا :



لو مددنا بابتهال يدينا ........ نرتجيكم هل يكون العطاء
فاعلاتن فاعلن فاعلاتن ........ إن زعمتم أنكم أولياء

بحر البسيط :


إذا بسطت يدي أدعو على فئة ........ لاموا عليك عسى تخلو أماكنهم
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ........ فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم

بحر الوافر :



غرامي في الأحبة وفّرتْه ........ وشاة في الأزقة راكزونا
مفاعلتن مفاعلتن فعولن ........ إذا مروا بهم يتغامزونا


بحر الكامل :


كملت صفاتك يا رشا والوا الهوى ........ قد بايعوك وحظهم بك قد نما
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ........ إن الذين يبايعونك إنما

بحر الهزج :



لئن تهزج بعشاق ........ فهم في عشقهم تاهوا
مفاعيلن مفاعيلن ........ وقالوا حسبنا الله

بحر الرجز :



يا راجزا باللوم في موسى الذي ........ أهوى وعشقي فيه كان المبتغى
مستفعلن مستفعلن مستفعلن ........ اذهب إلى فرعون إنه طغى

بحر الرمل :



إن رملتم نحو ظبي نافر ........ فاستميلوه بداعي انسه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن ........ ولقد راودته عن نفسه



بحر السريع :


سارع إلى غزلان وادي الحمى ........ وقل أيا غيد ارحموا صبكم
مستفعلن مستفعلن فاعلن ........ يا أيها الناس اتقوا ربكم

بحر المنسرح :



تنسرح العين في خديد رشا ........ حيى بكأس وقال خذه بفي
مستفعلن مفعولات مستفعلن ........ هو الذي أنزل السكينة في


بحر الخفيف :



خف حمل الهوى علينا ولكن ........ ثقلته عواذل تترنم
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن ........ ربنا أصرف عنا عذاب جهنم

بحر المضارع :



إلى كم تضارعونا ........ فتى وجهه نضير
مفاعيلن فاعلاتن ........ ألم يأتكم نذير


بحر المقتضب :



إقتضب من وشاة هوى ........ من سناك حاولهم
مفعولات مفتعلن ........ كلما أضاء لهم


بحر المجتث :



إجتث من عاب ثغرا ........ فيه الجمان النظيم
مستفع لن فاعلاتن ........ وهو العلي العظيم


بحر المتقارب :



تقارب وهات اسقني كأس راح ........ وباعد وشاتك بعد السماء
فعولن فعولن فعولن فعولن ........ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء


بحر المتدارك [ بل هو الخبب ] :



دارك قلبي بلمى ثغر ........ في مبسمه نظم الجوهر
فعلن فعلن فعلن فعلن ........ إنا أعطيناك الكوثر


بحر مخلع البسيط :



خلعت قلبي بنار عشق ........ تصلى بها مهجتي الحرارة
مستفعلن فاعلن فعولن ........ وقودها الناس والحجارة


هذه هي البحور الستة عشرة ، مع غض النظر عن مجزواتها وما يشبه المجزوات ، وقد رأيت أن ليس منها بحر إلا وهو في القرآن الكريم ، فأين موضع قوله تعالى : ........ ( وما علمناه الشعر ) ........ وهل هذا إلا الشعر كما تراه فكيف الجواب ؟

هذا هو السؤال ، وحيث استمعنا إليك - أيها السائل الكريم - لما ألقيت من السؤال ، فاستمع الآن لما نلقيه عليك من الجواب : إن الجواب عن هذا لا يتجلى لنا بوضوح إلا إذا رفنا حقيقة الشعر ومعناه بوضوح :

اعلم أنهم قد عرفوا الشعر بأنه : عبارة عن كلام موزون مقفى وزنا عن تعمد وقصد ، فأنت ترى أنه اشترط في الشعر - حسب ما جاء في مفردات تعريفه - أمور :

الوزن ، والظاهر أن اشتراطه شئ لا كلام ولا خلاف فيه . والتقفية ، وهي رعاية القافية والقصد إليها ، وقد قال بعضهم : إنها لا تلزم الشعر لكونه شعرا ، بل لأمر عارض ، ككونه مصرعا أو قطعة أو قصيدة أو لاقتراح مقترح ، وإلا فليس للتقفية معنى غير إنهاء الموزون ، وأن ذلك الوزن لابد فيه من القصد والعمد .

واشترطوا ذلك لأنهم قالوا : إنه لو لم نشترطه لكان كل لافظ في الدنيا شاعرا ، إذ ما من لافظ - إن تتبعه - إلا وجدت في ألفاظه ما يكون على الوزن . أو ما ترى إذا قيل لباذنجاني :

بكم تبيع ألف باذنجانة ؟ = 3 3 3 3 4 2

فقال :

أبيعها بعشر عدليات . 3 3 3 3 4 ه

كيف تجد القولين على الوزن ؟ وإذا قيل لنجار :

هل تم ذاك الكرسي ؟ = 4 3 4 2

فقال :

نعم ، فرغنا منه يوم الجمعة = 3 3 4 3 4 2

كيف نجد ذلك على الأوزان ؟ وعلى هذا إذا قيل لجماعة :

من جاءكم يوم الأحد ؟ = 4 3 2 3

فقالوا :

زيد بن عمرو بن أسد = 4 3 2 1 3

وقالوا : إن تسمية كل لافظ شاعرا مما لا يرتكبه عاقل عنده إنصاف ، فلذا قيد اللفظ الموزون بأن يكون ذلك عن قصد وعمد .

فمن هنا تعرف الجواب عما جاء في القرآن الكريم من الألفاظ الموزونة ، فإن القرآن الكريم نظرا إلى أنه بلغ من البلاغة أعلاها ، ومن الفصاحة منتهاها ، ومن الانسجام والانتظام وسهولة اللفظ وسلاسة العبارة بلغ الحد الأعلى من الاعجاز ، ومن أجل ذلك يوجد فيه ما يكون على وزن الشعر ، فإنه من مقتضيات هذا الانسجام والسهولة ، ومن لوازم الرقة والسلاسة .

ومن هنا يتفرع الجواب عما جاء في كلام النبي ( صلى الله عليه وآله ) مما هو على صورة الشعر الموزون ، مثل قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب " والأمر مرن سيال لا في كل ما جاء على هذا المنوال ، ولو أننا استقرأنا - ولو بعض الاستقراء - منثور كلام العرب ، لوجدنا من ذلك الشئ الكثير .