نجوم افتقدوا في الليلة الظلماء ( 1 )
( عماد الدين زنكي ) قبس من سيرته ، واخبار من بطولته
.................................................. ............................
توطئة :
..........
إن المتأمل في تاريخنا العريق يجد انه قد ساهم في صنعه وتسطيرهه بدمائهم وارواحهم رجال لا مثيل لهم في تاريخ الأمم جميعا . رجال كان همهم هو رفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله خفاقة عالية شماء ، منهم من يعرفهم الكثيرين والكثير منهم بل الغالبية العظمى منهم ولست ابالغ لم نعرفهم حتى الآن للأسف .
لذا وعرفانا لهم ، وتقديرا لجهودهم ، واعترافا بفضلهم وجودهم وبذلهم وكرمهم وفدائهم ، سنجتهد قدر الأمكان أن نزيل ركام التراب الذي غطى سيرهم ، ونفتح صفحات النور والضياء الذين سطروها بجهادهم سائلين الله تعالى أن يوفقنا لنصرة دينه ودين نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأن يجمعنا في الجنة مع سادات وقادات الامة من علمائها ومجاهديها وابطالها إنه ولي ذلك والقادر عليه .
ومع أول من افتقدناهم في الكثير من ليالينا المظلمة البطل الشهيد ( نحسبه عند الله كذلك ) بطل الإسلام ومعلم الجهاد في زمن ندررت فيه سلعته الأمير المجاهد ( عماد الدين زنكي ) رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ، ورحم الله اولاده المجاهدين ( سيف الدين غازي ) ، ( نور الدين محمود ) ، ( قطب الدين مودود ) .
نتناول قبس من سيرته و اخبار من بطولته ، وذلك من كتاب ( مفرج الكروب في اخبار بني ايوب ) لابن واصل ، تحقيق الدكتور جمال الدين الشيال ، والكتاب يقع في خمسة مجلدات ، ولا غنى عنه لمن يريد ان يقرأ عن الحروب الصليبية عموما ، ودولتي نور الدين وصلاح الدين ، ودولة السلاجقة خصوصا .
.......... ذكر سيرته وصفته - رحمه الله - ...................
............................................
يقول ابن واصل في كتابه ( صــ100-101 ) :
.................................................. ..........
كان حسن الصورة ، اسمر اللون ، حسن العينين ، قد وخطه الشيب ، وكان عمره قد زاد على ستين سنة ، وكان صارما حازما شجاعا شهما مقداما ، عظيم الهمة أبي النفس ، قد خافه الملوك ، وارتاع لذكره اصحاب الاطراف ، وكان الخليفة والسلطان ( يقصد السلطان السلجوقي ) يجاور بلادهما بلاده ، وكان يجاور ابن سكمان صاحب خلاط ، وداود ابن سقمان صاحب حصن كيفا ، وصاحب آمد ، وصاحب ماردين ، والفرنج ، وصاحب دمشق ، وقد احاطت هذه الممالك بمملكته من سائر جهاتها ، ومع هذا مرة يقصد هذا ، وزمرة يأخذ من هذا ، ومرة يصانع هذا إلى ان ملك من كل من يليه طرفا ، وكان الكل يتقونه ويدارونه ، ويخافون منه ، وكان شديد الهيبة على رعيته وعساكره ، عظيم الهيبة في صدورهم حسن السياسة ، لا يقدر القوي على ظلم الضعيف ، وكانت البلاد خرابا قبل ان يملكها فعمها العدل ، وعمرت لما ملكها ، وقد ذكر أنه كان عنده في مبدا امره ظلم ، فسمع ليلة وهو نازل بحماة شخصا يغني على شط العاصي :
اعدلوا ما دام أمركم ..... نافذا في النفع والضررر
واحفظوا أيام دولتكم .... إنكم منها على خطر
فبكى وتبدلت نيته في الظلم ، واخذ نفسه من حينئذ بالعدل .
..............................................
صورة لحماة الجريحة بسوريا الشهيدة التي لا عماد لها الآن
See Translation