د مسلم تسابحجيMarch 31, 2015 at 4:29am ·
تحدي الأزمات
========
العمل حيث لا يجدي اللوم
===============
أثناء الحرب العالمية الثانية كانت هناك غواصة تسبح بهدوء في أعماق البحر، وعلى السطح كانت هناك سفينة مدمرة تبحث عن الغواصة التي أطفأت جميع محركاتها وكل طاقمها كان يهمس همساً خوفاً على حياتهم، وفجأة أسقط أحدهم قطعة معدنية كبيرة على أرضية الغواصة الحديدية مما جعل الغواصة تصدر صوتاً عالياً وكأنها جرس كبير يقرع.
وخلال لحظات استطاعت المدمرة تحديد مصدر الصوت وإطلاق قذائفها الجهنمية التي أصابت الغواصة وأحدثت أضراراً هائلة، المحركات لم تعد تعمل، الكهرباء تعطلت، وبدأت الغواصة بالنزول نحو قاع البحر، وكلما نزلت ازداد الضغط على الغواصة وبدأت تمتلئ بالماء، هل هذه هي النهاية؟
دعونا نتوقف قليلاً ونحدد ما الذي ينبغي ألا نفعله الآن! لا شك أن الذي ينبغي عدم فعله هو البدء بمحكمة عسكرية لمحاكمة الرجل الذي أسقط القطعة النقدية!
ليس هذا هو الوقت المناسب ولا المكان المناسب لذلك.
كما أنه ليس من المقبول أن نبدأ تحقيقاً لنفهم كيف يمكن لشخص متمرس في البحرية أن يرتكب مثل هذا الخطأ القاتل.
جسم الغواصة يئن تحت وطأة ضغط الماء المتزايد، بعض الرجال مصابون وجرحى يصرخون من الألم ،الفريق الهندسي بحالة هستيرية يحاول إيقاف تدفق الماء من عشرات الشقوق، الفريق الميكانيكي يكافح وهم يغوصون داخل الماء لمحاولة إصلاح أحد المحركات.
ماذا عن الرجل الذي أسقط القطعة النقدية؟
هل يجدر أن يلطم خده ويندب حظه ويبكي في أحد الزوايا مؤنباً نفسه على زملائه الذين ماتوا أو تشوهوا بسبب الكارثة التي تسبب بها؟
إطلاقاً. الموقف يستدعي جهد كل إنسان وكل طاقة متبقية، ولا يتطلب الموقف الآن من ذلك الرجل أي حماقة أو تهور أو محاولة التصرف بشكل بطولي.
عليه فقط أن يبذل جهده كما يفعل الجميع من غير زيادة ولا نقصان.
وبالفعل استطاع هذا الرجل أن يصنع المعجزة فبعد أربعة أيام وأربع ليال بدأ أحد المحركات يتحرك وبدأت الغواصة تغادر قاع البحر نحو السطح نحو النجاة.
وماذا حصل بعد ذلك؟
أقيمت محكمة عسكرية لذلك الرجل ، ولكن الذين أصدروا الحكم أدركوا أن ما حدث هو مجرد خطأ بشري غير مقصود وأن أي أحد معرض للوقوع في مثل هذا الخطأ ،ولكن حسن تصرفه وثباته أثناء التحدي كان نموذجاً يقتدى. لذلك كان الحكم هو الثناء والتقدير لبراعة ذلك الرجل وحكمته إزاء الصعاب.
على المؤسسات أن تتعلم درساً من القصة السابقة، فعندما تواجه أزمة ما صغيرة كانت أم كبيرة فليس الوقت وقت البحث عمن يوجه إليه اللوم أو عمن يحاكم على ما حدث.
عندما تكون هناك أزمة فعلى الجميع أن يعملوا على تلطيفها وتجاوزها بأسرع ما يمكن، وبعد تجاوز الأزمة ، يمكن عندئذ أن نبحث في الأسباب والنتائج والدروس المستفادة.
أعزائي القراء هل هناك تطبيقات عملية في حياتكم للفوائد المستخلصة من هذه القصة؟
ننتظر مشاركاتكم