اللطيفة القرآنية اليوم, اخترتها من سورة النور لأحبائي الأطفال, لأقدمها هدية لهم حيث تتألق أنوار البراءة على وجوههم.أصحبكم أخوتي الآباء وأخواتي الأمهات ومعنا الأحبة الأطفال إلى رحاب الآيتين (58و59) من السورة الكريمة لنمضي معاً إلى دوحة الأنس نقضي أمتع اللحظات متحلّقين حول مائدة الرحمن – جلّ وعلا - حيث يقول :
( يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ طوّافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبيّن لكم الآيات والله عليم حكيم.وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم كذلك يبيّن الله لكم آياته والله عليم حكيم . ) أحبائي , ألا تلحظون حبّ الله لنا , وعنايته بنا , ورعايته لنا ونحن في بيوتنا , يعلّمنا الأدب الراقي في أهم قضيّة تمسّ حياتنا الاجتماعية,أما خطر بذهنك أيّها الطفل أن تسأل والدك أو والدتك,كيف أدخل غرفتكما أن أردت طلب ما أحتاج إليه,أو شكوت من ألم أو صداع أو عرض لي سؤال عن حاجة ضرورية ؟ إذا لم يقدر خطر لك بعد أن تسأل, فبادر واسأل.وتجد من يعلّمك.وأنت أخي الأب,وأنت أختنا الأم,أعدّا الجواب على السؤال قبل أن يطرحه الطفل أمامكما.المخاطب هو الله عزّ وجلّ منزّل القرآن الّذي يحمل بين حروفه وكلماته الرحمة والخير,الحب والودّ,الأدب والنظام.ذلك من أجل أن ننعم بالاستقرار والهدوء والتوازن النفسي,والمخاطب نحن الأمة المؤمنة في كل زمان ومكان إلى يوم القيامة,وذلك يحمل من معاني الإكرام الإلهي لنا ما تعجز العقول عن تصوّره والأقلام عن وصفه,وهذا حافز لنا على تدبّر الخطاب الربّاني والمسارعة إلى تفعيلة واقعاً عمليّاً وسلوكاً يومياً في حياتنا يمضي عليه المسلم رجلاً وامرأة وطفلاً.أما سألت نفسك, ماذا يريد مني ربي حيث خاطبني بهذا الخطاب ؟ يريد منّا ربنا أن نتعلم أدب الاستئذان على الأقارب ونعلّمه أطفالنا وخدمنا,بنيّ الطفل,إذا عرضت لك حاجة أو خطر لك أن تسأل أحد أبويك عن شيء أو شكوت ألماّ,وأردت أن تدخل غرفة أبويك عند صلاة الفجر أو عند قيلولة الظهيرة أو في الليل حيث وقت النوم والخلود للراحة.عليك أن تستأذن فتقرع الباب بلطف مرّة ثم انتظر قليلاً فإن أذن لك وسمعت كلمة أدخل, فافتح الباب برفق,وإلاّ فاعد قرع الباب كما علّمتك برفق,ليؤذن لك,فإن أذن لك,فادخل, وإلاّ أعد قرع الباب مرّة ثالثة,فإن لم تسمع الإذن بالدخول,فحذار أن تدخل.حتى لا يقع نظرك على ما يكره والديك من حالهما. وافعل ما علّمتك إذا أردت الدخول على أي من أقاربك أخوتك الكبار وأخواتك وعماتك وخالاتك وأخوالك وأعمامك,ولا تنسوا أحبائي الأوقات التي ينبغي الاستئذان فيها وقد مرّت آنفاّ.ولا حرج عليكم في سائر الأوقات غيرها.لضرورة المخالطة خدماً كنتم أو أطفالاً.
تلك حكمة الخالق سبحانه يضع كل شيء في موضعه غاية في المصلحة,هذا الذي قلناه أنّما هو أدب ما قبل البلوغ وأمّا بعد البلوغ فالاستئذان واجب في كل الأوقات من ليل أو نهار. وهذه غاية الأدب ورأس النظام . إ ذاً يعلّمنا ربنا ويأمرنا أن نعلم أطفالنا الصغار حسن التصرّف في هذه القضية الاجتماعية الهامّة للغاية.وهذه بعض الومضات الإيضاحية لجوانب هامّة في تلكما الآيتين : 1- ثلاث عورات : أ- العورة ما تخفيه عن الآخرين حياء أو لقبح النظر إليه وهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بحفظه فقال:"احفظ عورتك إلاّ من زوجتك وما ملكت يمينك."
وهذه عورة البدن أوردها للإطلاع ولا شأن لها بالعورة هنا.
ب- العورة الواردة في آية سورة النور هي عورة الوقت.وهي التي يجب مراعاتها.
ج- وسمّيت عورة لأن الثياب تلقى عن البدن في هذه الأوقات الثلاثة فلابد من طلب الإذن حتى لا تكشف العورات.
2-طوّافون عليكم:والطّواف كثرة الدخول للمجالسة والطعام وتقديم الخدمات وغير ذلك.
3- الحلم :الاحتلام حيث يصبح الطفل رجلاً والفتاة امرأة ويجري عليهما قلم التكيف.
4- سبب النزول:روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أرسل غلاماً من الأنصار إلى عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه, فدقّ الباب ودخل وكان عمر نائماً فتكشّف منه شيء فقال:
" وددت لو يستأذن علينا خدمنا وأبناؤنا." ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بالآية قد أنزلت.
4- هذه الآية مما ترك الناس العمل بها كما يخبرنا بذلك عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما.فيقول:"ثلاث آيات ترك الناس العمل بهنّ,(وإذا حضر القسمة أولي القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً.) ..( يا أيها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم والّذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات ....) ....
( أنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ...) المأمول أن أكون قد قدّمت في هذه اللطيفة القرآنية ما هو نافع ومفيد لأبناء أمتي مما يعود عليهم بالخير في الدنيا والآخرة.