رتويت خلف القضبان
يبدو أن أياما قليلة تفصل الممثل القدير فايز المالكي عن دخول السجن، جراء قيامه برتويت لتغريدة عابرة لمريض عابر!
هذه ليست ليست مزحة عابرة مع مطلع العام الميلادي الجديد؛ لكنها الحقيقة فعلا؛ إذ قامت إحدى المؤسسات الصحية في بلادنا برفع قضية على "المالكي" لقيامه بإعادة تدوير -رتويت- لتغريدة كتبها أحد الأشخاص، ينتقد فيها التعامل الذي تواجهه والدته من المؤسسة الصحية، ويطالب بالتدخل لإنقاذها والوقوف معه.
لا أدافع عن المالكي، لكن المشهد مؤلم. أتحدث بعيدا عن "فايز المالكي" الممثل، أو المنتج، أو مقدم البرامج، وبعيدا عن شخصية مناحي، حتى لا تختلط الأمور فيأتي من يتعامل مع هذه القضية بأدوات الناقد الفني.
نحن أمام قضية إنسانية لا علاقة لها بدوران الكاميرات ولا لغة المونتاج ولا إشارات الإخراج.
نحن نتحدث عن الشخصية الاجتماعية الشهيرة "فايز المالكي"، الذي أمسى وكأنه مؤسسة خيرية متنقلة، يبذل اسمه، وشهرته، وعلاقاته، لخدمة المجتمع من حوله. يقدم عملا اجتماعيا هو أكبر مثال لمفهوم "زكاة الشهرة"، ربما، بل هو البوابة الأكبر التي عبر خلالها نحو قلوب الناس.
"رتويت" لشخص صاحب معاناة، كان الهدف منها -حسبما يقول لي المالكي نفسه- هو التحقق من معاناة الرجل والوقوف معه ومساعدته لا أكثر. ليجد نفسه في مواجهة مؤسسة حكومية تطالب بتطبيق نظام الجريمة المعلوماتية ضد رجل بذل وقته وماله وعلاقته لخدمة الفقراء والأيتام والوافدين.
مفارقة مدهشة: النوايا الحسنة ربما تقود سفيرها إلى السجن!
كثيرون من مشاهير الفن المحلي ما يزالون يفتقدون أي دور اجتماعي حقيقي. لا جديد حينما نقول: لا يستثمر كثير من المشاهير شهرتهم لخدمة مجتمعهم، ولا أعرف السر حتى الآن.
الفن -بالقيد والشرط- عنصر فاعل مؤثر في عمليتي البناء والهدم. ينشر الوعي، ويعزز القيم الفاضلة، بل ولا يقل عن بقية النخب البشرية الأخرى.
يغرد المالكي وحيدا في عالم الخدمة الاجتماعية، وعند أول خطأ يجد نفسه في مواجهة مؤسسة تطالب بسجنه، بدلا من تكريمه لأنه أرشدها.
يقول الملك سلمان "يحفظه الله": النقد إن كان صحيحا يعطي الجهة الحكومية فرصة للأخذ به، وإن كان خاطئا فهو يعطيها فرصة أخرى لتوضح للناس الحقيقة.
كلنا مع فايز المالكي. المواطن الذي بذل وقته لخدمة الناس.
http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...rticleId=32905