عزيزتي دنيا وقعت عيناها على هذه الكلمات على ذلك المظروف الموضوع على المنضدة ، لم تفكر حتى في أن تفض الخطاب لتعلم ما به و اكتفت أن تلقي نظرة تهكم على من كتبه الذي كان ممدد بجوارها على الفراش ... ، طرحته أرضا و ولت إلى حيث انتوت.
خرجت إلى تلك الزاوية من منزلها، أمسكت بعلبة تبغها ، أخرجت لفافة ، أشعلتها ، أخذت شهيقا عميقا ، أخرجت الزفير بذلك الدخان الأسود ، مرت الساعة الأولي ... الثانية .... ، لفافة التبغ تستدعي الأخرى ، مرت الساعة ... الثالثة .... الرابعة ، ألن يستيقظ هذا الوغد لينفذ ما اتفقنا عليه عشية أمس ؟ آآآه لكم أشعر بالهدوء في غيابه ، لقد كان يوماً مشئوم يوم أن قبلت الزواج منه ... هههه كنت أظن أنني سأكون سعيدة معه .
لقد كانت تصرخ وجنتي عندما كان يضع يده الخشنتين عليها ، أنا الفراشة الحسناء أتزوج من هذا الأجير المغبر الوجه و الثياب دائما .
لفظت أخر زفير في لفافة تبغها الأخيرة ، قفزت في اتجاه الغرفة ... استيقظ أيها الأبلة ، سئمت من الحياة معك طيلة هذه السنوات ، حررني و إلا قتلت نفسي ، لم يجيبها هذا الجسد بأي إشارة هزهزته يمينا و يسار و لكنه لم يحرك ساكنا .
هرولت إلى هاتفها الخلوي تطلب الطبيب ، أتى الطبيب ، جلس جلسته
المعتادة بجانب المريض أمسك بيده , نظر في ساعته .
عزيزتي دنيا .... وقعت عينها على هذا الخطاب ثانية ، مدت يدها و تناولته ، قاطعها الطبيب قبل فضه
- لأبد و أن ينقل إلى المستشفي توا ... حالته تسوء
أيها الوغد كفاني و ما تفعله بي " في قرارة نفسها و هي تؤمي للطبيب بالقبول "
استدعي الطبيب سيارة الإسعاف ، نقل إلى غرفة الرعاية المركزة ، اصطحبته إلى هناك ، جلست على المقعد بجوار الغرفة ، نظرت إلى الخطاب – الذي مازال في يدها – ممتعضة الوجه ، تأففت ، فضته ....
عزيزتي دنيا..... كنت أسعد مخلوق يوم أن وهبك الله لي ، تخليت عن مستقبلي المهني طرحت أحلامي وراء ظهري و إرتضيت العمل كأجير لأستطيع توفير ما كنتِ تطلبيه ....
- القلب تزداد نبضاته يا دكتور " قال المساعد للطبيب "
.... كم يوما مر علي و أنا أتألم و تنضح جروحي و لكن كنت أحول دائما دون أن تشعري بي لكي لا أقلق منامك ، تحجرت يدي من قسوة العمل و كل هذا كان من أجلك و كنتِ دائما ما تمنعيني من حتى التحدث معكِ أحديثنا العاشقة التي كانت لا تنقطع أيام الجامعة أو حتى نستعيد ذكرياتنا و قصة حبنا التي
أصبحت محكا للعاشقين .....
- ضع جهاز التنفس على فمه و أحضر منشفة لنمسح تلك الدموع التي تخرجت من عينه " قال الطبيب لمساعده صارخا " .
شقت دمعة طريقها - وسط مساحيق التجميل التي تتزين بها دائما – و سقطت عند ، لم يستطع لساني أن يلفظ ما طلبتي مني ... ، أبا قلبي - الذي لم يكن يسكن ضلوعي أبداً و إنما تسلل إليكِ مهرولا دون تفكير – أن تتركيه وحيدا ، شريدا ، مظلما و لن يتحمل بعدك عنه ......
احمرت مقلتيها ، لاحت فيهن سيل من الدموع ، .... بعد أن تنتهي من قراءة كلماتي أعدك بأني لن أشكل عثرة في حياتك بعد الآن .
توقف القلب يا دكتور و لكن الدموع مازالت تنهمر " صرخ المساعد لطبيبه "
أحضر جهاز الصدمات الكهربائي " طلب الطبيب "
القلب لا يستجيب !! " بعد محاولات فاشلة قال المساعد "
خرج الطبيب مطأطأ الرأس ، نظرت إلى الأرض و كأنها تعلم ما سيقوله التقط أنفاسه قائلا " البقية في حياتك "
تمــت