الوطن في داخلي
أكبر من مشرط الخفير وأحَدُّ من سيف الملك والأمير
أمسكَ مِشرطا، وشقَّ صدري بلا تخدير
... لما صرختُ بأعلى صوتي،
كفوا عن التزوير،
كفوا عن التقتير،
كفوا عن عبادة ملكٍ وأمير
تعقّبَ في الأحشاءِ وطنا ركِبَ أنفاسي بساطَ حريرِ
يَعبرُني مع كل شهقةٍ،
فألفظُ أعداءَه مع الزفير
دشَّن البحثَ في القلب، بسُمِّ رمحٍ وقيدِ خفير
ملأ جوفي بدلَ مسكِ الظِّبىَ، سوادا وروائحَ كير
كي يطردَ مني عِشقي،
ويخنقَ فيَّ غايةَ عمري،
كي يلاحقَ مصدر نبضي،
ويحاصرَ أماني قبل أمني
ظن أن الوطنَ في قلبي عابرُ سبيل
يفرُّ إذا شحِّ الهواءُ لاحقا بأولِ عير
ويقضي إذا غمَّ الضياء تاركا مأواه لسوء المصير
تبا لك يا ساكبَ السُّمِّ في قلبي،
تبا لقيدِك الهشِّ حول ذرات كبدي،
تبا لك يا أبأسَ رسولٍ وأتْفَهَ سفير
قل لربِّك إن ربي أكرم،
وقل له إن ربي أعظم،
وقل له إن ربي أرحم
فلن يسلِّطَ على وطني بعد اليوم سُمَّ حاقد
لا ولن يسلِّط سَفَه ملكٍ وحُمْقَ أمير
وطني يا ساكبَ السُّمِّ، يا ذا الرعونة،
هو بصمةُ الإلهِ،
قلبي له أوثرُ سرير،
وعقلي به لا يكفُّ عن التفكير،
وروحي فيه جلبةُ هدير وعُدَّة نفير
وهو يغتذيني حتى يرتوي
هواؤه، وصايا يخطُّها يراعي من دمي
وضياءُ شمسِه ذكرٌ وتسبيحٌ يُلْهَجُ في فمي
فاترك مشارطَ الشيطان للشيطان
لن تجزيك بحثا عن أيقونةٍ
ليست هي القلب ولا هي كبِدي،
ولا هي الماء ولا الهواء،
ولا كانت هي ثلجي ولا بردي
بل هي قوامي من أزلي إلى أبدي،
فإن أغرقتَني،
عدتُ إليك وطنا من فُقاعاتِ المَعاد
وإن أحرقتَني،
جئتك غبارَ طلعٍ في الرماد
وإن دفنتني،
زرتك بقايا قبرٍ في الليل
أحرمك النومَ والسهاد
فاحذرني،
أنا في وترياتِ وطني،
ساكن وأنا المسكون
أنا اللاعن
ويا ساكبَ السُّم أنت الملعون
فوطني في داخلي،
أكبر من مشرط الخفير،
وأحدُّ من سيف الملك والأمير