حرائر فلسطين ... شبح يطارد (إسرائيل)
قلم / غسان مصطفى الشامي
تاريخ المرأة الفلسطينية حافل بالمحطات النضالية البارزة، المكتوبة بمداد الذهب على صفحات التاريخ النضالي الثوري لشعب فلسطين، هذا التاريخ العريق الذي يمتد لأكثر من مائة عام ثورة ونضال وفكرا، فقد جاهدت المرأة الفلسطينية ونافحت عن الحق الفلسطيني في وجه العدو الصهيوني؛ كما شاركت المرأة الفلسطينية الرجل في جهاده ضد الغزاة والمحتلين لأرض فلسطين، فمنذ بدايات الهجرات اليهودية إلى أرضنا المباركة، ونساء فلسطين يجاهدن ضد الاحتلال البريطاني بالمسيرات، وكتابة المنشورات، والعرائض السياسية، والتاريخ الفلسطيني زاخر ببطولات المرأة الفلسطينية فقد أسست المناضلة الفلسطينية العريقة زليخا الشهابي في عام 1921م الاتحاد الفلسطيني النسائي، وكان من أهدافه مواجهة (الانتداب البريطاني)، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني ، وتم بعد ذلك تشكيل لجنة السيدات العربيات، في مؤتمر عام عقد في القدس في شهر تشرين الأول/ أكتوبر1929م وحضرته 300 سيدة عربية، وبعد المؤتمر نظمت النساء مسيرة في السيارات توجهت لمنزل القنصل البريطاني في القدس، وعبرن فيها عن رفضهن للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين، وقدموا العديد من المطالبات النسائية الفلسطينية.
المناضلة الفلسطينية الأسيرة المحررة رسمية يوسف عودة (66 عاما) الناشطة الاجتماعية في إحدى الجمعيات العربية في شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تقيم فيها منذ عشرين عاما، حيث صدّر بحقها حديثا، قرار إبعاد عن مقر إقامتها المؤقتة في أمريكا، إلى بلد آخر تختاره، و منعتها السلطات الأمريكية من السفر مرة أخرى إلى أمريكا، والسبب نضالها الثوري ومقاومتها الاحتلال ( الإسرائيلي) دفاعا عن حق شعبها الفلسطيني في الحرية، وتقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة؛ فقد جاء القرار الأمريكي الإسرائيلي بحق المناضلة عودة لأسباب واهية وضعيفة، وغير مقنعة عندما تعلن أنها علمت حديثا أن المناضلة الفلسطينية عودة التي دخلت أمريكا عام 1995م، قامت في عام 1969م بزرع عبوه ناسفه سوق "محانيه يهودا" في قلب القدس المحتلة، وأدت هذه العملية الفدائية إلى مقتل عدد من الصهاينة، وإصابة آخرين، حيث اعتقلتها سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) وحكمت عليها بالسجن المؤبد، وقضت من الحكم 10 سنوات، ووجهت سلطات الاحتلال إليها تهم كثيرة منها، الانتماء إلى منظمه إرهابيه وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، القيام بعمل إرهابي مسلح أدى إلى مقتل عدد من الصهاينة، حيث تحررت المناضلة عودة في صفقة النورس التي تمت في مارس/ آذار1979 وبين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة والاحتلال الإسرائيلي، وبموجبها تحرر 76 أسيرا، بينهن 6 أسيرات، مقابل إطلاق سراح جندي إسرائيلي أسرته الجبهة في لبنان..
القرار الأمريكي الصهيوني بحق المناضلة رسمية لن يضيرها ولن يؤثر عليها وعلى تاريخها النضالي، وإن كان همها مواصلة العمل في الخارج لخدمة القضية الفلسطينية، وخدمة أبناء شعبنا الفلسطيني؛ إن هذا القرار أثره أهون في النفس عن العذابات التي لاقتها المناضلة عودة يوم أن كانت أسيرة في زنازين سجن المسكوبية الصهيوني، فقد قضت في سجون الاحتلال 10 سنوات لاقت خلالهم أشد ألوان العذاب، مثلها مثل المئات من الأسيرات الفلسطينية الذين صنعن تاريخ الحركة النسائية الأسيرة في سجون الاحتلال.
لن يؤثر القرار الأمريكي على المناضلة الفلسطينية عودة التي عانت من ويلات الهجرة والإبعاد عن أرضها، فقد هجرت عودة مع عائلتها من قريتها لفتا شمال القدس وهي بعمر عامين، وعاشت حياة صعبة مثلها من كافة الأسر الفلسطينية التي هجرت من قراها ومدنها في نكبة فلسطين .
لم تكن المناضلة عودة وحدها في خط الدفاع عن أرض فلسطين، وفي مواصلة نضالها الثوري بعد أن تعرضت للسجن عشرة أعوام، بل سبقها الكثير من حرائر فلسطين منهن الشهيدة حياة البلبيسي التي استشهدت في معارك عام 1948م وهي تدافع عن أرضها وتقف في وجه العصابات الصهيونية، والمناضلة فاطمة برناوي أول أسيرة فلسطينية ونفذت عملية فدائية في تشرين أول /أكتوبر عام 1967م اعتقلتها سلطات الاحتلال بعد وضعها قنبلة في سينما صهيون في مدينة القدس، والشهيدة شادية أبو غزالة أول شهيدة فلسطينية بعد نكسة يونيو حزيران/1967م، ارتقت شهيدة أثناء إعدادها قنبلة متفجرة في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1968م، والشهيدة الفدائية دلال المغربي التي استشهدت في عملية بطولية تستهدف مجموعة من الصهاينة بالقرب من مدينة تل الربيع المحتلة، في 11 مارس/آذار 1978م، وخنساء فلسطين أم نضال فرحات رحمها الله، وخنساء فلسطين أم رضوان الشيخ خليل، وغيرهن الكثيرات من نساء فلسطين رسمن تاريخ نضال المرأة الفلسطينية في وجه الاحتلال الصهيوني، وضربن أروع نماذج الصبر والصمود والتحدي.. كيف لا والعالم بأسره شاهد نضالات المرأة الفلسطينية وهي تودع ابنها الاستشهادي، كما شاهد العالم صور الاستشهادية فاطمة النجار، والاستشهادية دارين أبو عيشة، والاستشهادية هنادي جرادات والاستشهادية ريم الرياشي والقائمة تطول بأسماء مناضلات فلسطينيات تركن بصمات الجهاد والفداء والثورة في تاريخ شعب فلسطين..
نقف اليوم أمام تاريخ نضالي كبير شاهق ومشرف للمرأة الفلسطينية، ولن يُمثل القرار الأمريكي الصهيوني بحق الأسيرة المحررة رسمية عودة شيئا بل وشرف لها ، وإن نضالات المرأة الفلسطينية أقوى من أن تتأثر بمثل هذه القرارات الجائرة الضعيفة، وستواصل المناضلة عودة نضالها الفلسطيني وهي كافة نساء فلسطين من أجل الحرية والعودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله ،،
إلى الملتقى ،،
قلم / غسان مصطفى الشامي