إنها دمشق
قصة واقعية رواها لي جدي رحمه الله
في الشام سوق إسمه سوق مدحت باشا أو السوق الطويل
كانت العادة أن توضع اﻷمانات من أموال و ذهب عند أي
دكان في هذا السوق ويغادر صاحبها الى الحج وعند عودته
يمر على صاحب الدكان ويأخذ أمانته ويمضي الى بلده
جاء رجل يحمل صرة حمراء توقف عند إحدى الدكاكين
وأعطى صاحب الدكان هذه الصرة طالباً منه أن يودعها عنده أمانةً
الى حين عودته من الحج
فوافق صاحب الدكان بعد أن تأكد من عددها البالغ ثﻼثة
آﻻف درهم و تعرف عليه وغادر الرجل الى الحج قاصداً بيت
الله الحرام ...
بعد شهرين عاد الرجل ودخل إلى الدكان فلم يجد صاحبها
فسأل عنه فقال له العمال إنه في البيت وسيعود قريباً
وعند عودته طلب منه الرجل ماله فقال له كم أودعت لدينا
قال له ثﻼثة آﻻف درهم
قال له : ما اسمك
قال له : اسمي فﻼن أﻻ تذكرني
قال له : في أي يوم كان
قال : يوم كذا وبدأ الرجل يرتاب من اﻷسئلة
قال له : مالون الصرة التي وضعتهم بها
قال له : صرة حمراء
قال له : إجلس قليﻼً وأمر بإحضار طعام الغداء واستأذن منه
بأن عنده أمر ضروري وسيعود على الفور
إنتظر الرجل وقتاً ليس بالقصير وإذا بصاحب الدكان قد
جاء حامﻼً معه صرةًحمراء وفيها ثﻼثة آﻻف درهم
عدهم الرجل وتأكد منهم وقال لصاحب الدكان جزاك الله
خيراً وانصرف
وهو يمشي في السوق إذا به يرى شيئاً غريباً اقترب
ليتأكد ....
دخل إلى الدكان وكانت المفاجأة هذه هي الدكان التي وضع
أمانته فيها
قال لصاحب الدكان السﻼم عليكم
رد صاحب الدكان عليكم السﻼم ورحمة الله تقبل الله منك
الحج والحمد لله على سﻼمتك
هذه صرتك وفيها ثﻼثة آﻻف درهم
أصاب الرجل الدهشة فقص عليه ما حصل وأنه أخطأ في
الدكان ودخل عند جاره فأعطاه المال ولم يشكك بكﻼمه
فذهبوا إليه وسألوه كيف تعطي الرجل المال ولم تتأكد من
صدق كﻼمه وهو لم يضع عندك أمانته في اﻷصل
فقال لهم : والله الذي ﻻ إله إﻻ هو لم يكن معي إﻻ خمسمائة
درهم وحين أتاني هذا الرجل يطالبني بأمانة له وضعها
عندي
فكرت أني إن لم أعطه أمانته سيذهب مكسور الخاطر
وسيحدث أهله
ويقول أن أمانته سرقت منه بالشام وسيذيع الصيت عن
أهل الشام كلهم وليس عن الشخص الذي سرق منه اﻷمانة
والله يقول: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ}
فذهبت وبعت بضاعة كانت عندي بألف درهم فلم تكفي لسداد اﻷمانة فبعت بيتي بألف واستدنت خمسمائة من فﻼن وكان معي خمسمائة فأكملتهم له
فبكى الرجل صاحب اﻷمانة وقال له : بارك الله لكم بدينكم
وبلدكم هذه والله إنكم ﻷهل حق ....
[ منقول]