أحمد حمادة هكذا كانت تناديه والدته الضريرة المعاقة فيهرع لها ولو كان في عميق منامه .
كان يطعمها بيديه ويساعدها في كل شيء ويحممها ويصفف شعرها ، تحمل أعباءها وهو في الخامسة من عمره قبل ثلاث سنوات لم يكن لها سواه شاء القدر أن يلبسه ثياب الهرم قبل أن يلبس ثياب الشباب .
في الصباح تجده لامعا في صفه ، وعند الظهيرة يقوم بنقل بضائع الناس الى بيوتهم بعربته الخشبية البالية مقابل أجر بسيط يسد به رمقه ورمق والدته التي لم تبخل عليه يوما من دعاءها .
كان من عادته أن يرجع بين الفينة والفينة من السوق ليطل على أمه فربما كانت تحتاجه . وذات مرة وعند رجوعه أبصر حمامة أمام داره وكانت عليها علامات الإعياء نظر لها وقال في نفسه مسكينة أنت سيحل الظلام وتصبحِ طعاما للقطط أو الكلاب فلم يطاوعه قلبه فالتقط الحمامة عن الأرض وأدخلها بيته واعتنى بها واطعمها وسقاها حتى رويت ، سألته والدته ماعندك يابني ؟
أجابها حمامةً يا أمي . سألته وفي صوتها نبرة عتاب لمن تلك الحمامة ؟ فحدثها بحديثها وأثناء تفحصه لها وجد ورقة ملفوفة في ساقها فتح الورقة وكانت تحمل رقم هاتف جوال .
قال لوالدته أمي وجدت رقم هاتف في ساق الحمامة . قالت له والدته بني اتصل به وسلم الأمانة الى أهلها .
رجع الفتى الى السوق وسأل أحد التجار أن يسمح له باستخدام الهاتف وافق التاجر بعد أن استوفَ أجر المكالمة قبل أن يتصل الفتى .
رن الهاتف طويلا قبل أن يرد رجل بصوت رخيم من المتصل ؟ أجاب احمد بخوف وارتباك أنا وجدت حمامتكم وفي ساقها هذا الرقم ابتهج الرجل بالخبر وسأله عن عنوانه فدله عليه .
ولم تمض ساعة إلا والرجل بباب بيت احمد ترجل من سيارته الفخمة ونظر الى أحمد نظرة عطف أنت من وجد الحمامة ؟ نعم سيدي ودخل بيته وعاد بها وسلمها للرجل قلبها الرجل وتعرف عليها ثم قال كم تريد مقابل هته الحمامة نظر أحمد الى الأرض وقال : لاشيء سيدي والدتي قالت لي لا تأخذ قرشا مقابل أمانتك فألح الرجل فأبى أحمد وبعد جدل قال له أريد أن أرى والدتك . رد أحمد لا تحاول فلن تقبل والدتي الأجر فرد الرجل لن أعطيها شيء بل كي أشكرها لحسن تربيتها لك .
دخل الرجل ونظر الى المرأة عمياء معاقة فما كان منه إلا أن بكى وقال هته الحمامة زاجل إشتريتها ب ستة آلاف دولار وأنتم تعيشون بمثل هته الحال ؟ بني من هته الحظة أنا كفيلكم وادعوك الى الإجتهاد في دروسك لتعينني في عملي فنعم العون الأمين .
وهكذا تبدل حال أحمد من الشقاء والفقر الى اليسر ببركة دعاء والدته