حب أيام زمان آخر تحديث:الأحد ,29/06/2008
صالح الخريبي
رحم الله أيام زمان، وشباب أيام زمان، وحب أيام زمان، فقد كان الحب في تلك الأيام فيه الكثير من الحياء والدهشة، وحتى فرانسواز ساجان التي تجاوزت خطوط أيام زمان الحمراء كانت ترى أن الحب “سحابة تحمل الإعجاز والدهشة”.
صحيح أن العاشق العربي، إذا اعتبرنا الأغاني مرآة لحياة الشعوب، كان أيام زمان “لزقة أمريكية”، ولكنها لزقة تخفي معنى جيدا من معاني الحياة، فها هو فريد الأطرش يقول “تطلع للسما أطلع لك، تنزل للأرض أنزل لك” وتتحدث نجاة الصغيرة عن حالة مشابهة فتقول: “فاكر ولاّ ناسي ولاّ قاسي مش حانساك/ ظالم ولاّ حنين ولاّ جافي قلبي معاك” وتحار ماذا تفعل مع هذه المرأة لكي تتركك بحال سبيلك فلا تدري.
وأطرف حالات الحب هي تلك التي صورتها شادية: فتاة في سن المراهقة تعتبر أن كل من يسكن في الحي الذي تسكن فيه يجب أن يقع في هواها وإلا فإن عليه أن يرحل من الحي في أسرع وقت ممكن. وتشاء الصدف أن يسكن قرب منزلها شاب لطيف ظريف من النوع الذي غنت له سعاد حسني “يا واد يا تقيل”، فتستخدم شادية نفوذها لدى بواب العمارة وتحصل على رقم هاتفه، وتتصل به، وعندما يرد ويقول: ألو.. أيوه.. مين؟ لا ترد هي، وإنما تسمعه أغنية لعبد الحليم حافظ.
بل إن هذا النوع من الفتيات الذي تقدمه شادية كان يحب الشاب قبل أن يعرفه أو حتى يعرف اسمه، فهي أحبته لمجرد أنه يلبس بنطلوناً لا تنورة، وعندما تتحدث عنه تشير إليه بعبارة “يا اسمك إيهش، وعندما يسألها كيف عرفت أنها تحبه تقول له: “شوف يا سيدي، ييجي أبويا يعوز فنجان قهوة أعمله شاي واديه لامي، وكلامك ييجي على سهوة ما افرقش ما بين خالتي وعمي” ويسألها بدهشة: كيف يحدث ذلك كله، وهل خالتك وعمتك بشنبات، فتضحك بكسوف، ولا ترد.
والحب تغير كثيرا هذه الأيام، ومرة أخرى نأخذ الأغاني كمؤشر لنكتشف أن شباب هذه الأيام يبحثون عن حب غير عادي ينسجم مع الحياة غير العادية التي يعيشونها، فها هي لطيفة تقول إنها ملّت من الحب الهادي، وإنها “عايزة حب يهز فؤادي” ويحتار الشاب ماذا يفعل، خصوصا وأن أفئدة فتيات هذه الأيام لا تهتز بسهولة.
وأحيانا تعطي الفتاة لنفسها حق مشاغلة هذا الشاب أو ذاك لكي تزهو أمام كل من يعرفها بالقول: “أنا حواليّا كثير” وإذا اعترض خطيبها تقول له: “ما تخفش من الناس عنك لو شغلوني المسألة إحساس مش نظرات يا عيوني” ويحاول الشاب أن يوفق بين طرفي هذه المعادلة فلا يستطيع.
ويا أيام زمان رحم الله الكسوف.
أبو خلدون