بقلم
محمود القصاص
بي بي سي، لندن
قصة بطولة طالب مصري حاول ان يتصدى لقاتل جامعة فرجينيا
محمود القصاص
بي بي سي، لندن
لم يكن يخطر على ذهن طالب الدكتوراه المصري وليد محمد شعلان وهو يتوجه لاداء احد اختباراته في جامعة فرجينيا يوم الاثنين 16 ابريل/نيسان ان هذا سيكون يومه الاخير.
وليد شعلان (الى اليسار) مع احد استذته في مقر الجامعة
فقد اتصل وليد، الذي لم يتجاوز عمره 32 عاما، باسرته في مصر يوم السبت 14 ابريل/نيسان، وتحدث الى والده محمد شعلان، وهو وكيل سابق بوزارة الري المصرية، وزوجته اميرة، وهي ايضا مهندسة، واطمأن على طفله الوحيد خالد الذي لم يتجاوز عمره سنة وعدة اشهر.
واخبر وليد اسرته ان حجز تذاكر العودة الى مصر يوم 13 مايو/آيار القادم، وانه يتلهف لرؤية اسرته.
وحسبما يروي والده محمد شعلان فان ابنه لم يتصل به يوم الاثنين كما وعد، وفي نفس الوقت بدأ يسمع اخبار اطلاق النار على طلبة بجامعة فيرجينيا التي يدرس بها، فأخذ القلق يساوره حول مصير ابنه.
حاول الاب، وابنه الآخر احمد، الاتصال بالدكتور عبد الحليم صابر، وهو استاذ مصري بجامعة فرجينيا، فأخبرهم انه لا توجد لديه معلومات، وان الشرطة اغلقت مقر الجامعة ولا يستطيع الوصول اليها.
وليد اثناء قيامه باحدى التجارب في معمل بالجامعة
وتوالت الاتصالات مع زملاء وليد في جامعة فيرجينيا، ومع السفارة المصرية في واشنطن.
واخير اتصل مندوب السفارة المصرية عبد الله بازرعة بالاب يوم الاربعاء، ليعزيه في وفاة وليد.
ويروي احمد شقيق وليد انه في اول الامر كان يحاول ان يقنع نفسه بان وليد بعيد عن الخطر نظرا لان الاخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام ان القاتل كان يدرس اللغة الانجليزية، بينما كان وليد يدرس بكلية الهندسة، ولهذا اذا كان القاتل على خلاف مع زملائه او اساتذته في قسم اللغة الانجليزية فمن المؤكد ان قسم الهندسة الذي يدرس به شقيقه خارج هذا الخلاف. او على الاقل هذا ما كان يأمله احمد شعلان.
ويضيف احمد لا اصدق حتى الآن ما حدث ولا اصدق انني لن ارى شيقي مرة اخرى.
قصة بطولة
كان وليد يتمتع بعلاقات طيبة مع زملاءه واساتذته
ويضيف احمد شعلان: تحدثت الينا مجموعة من زملاء وليد، وقالوا لنا انه حاول الامساك بالطالب القاتل، الا ان افلت منه واطلق عليه رصاصتين، ثم مضى يطلق النار علي باقي الطلبة في قاعة الدراسة حتى قضى عليهم جميعا ثم عاد الى وليد الذي كان مصابا لكن لم يمت، واطلق عليه الرصاصة الثالثة التي اودت بحياته.
ويضيف احمد: كان اخي شجاعا دائما، وعندما سمعت هذه القصة من زملاء وليد ومن احدى الصحفيات الامريكيات لم اندهش، فهذه طبيعته. لكن القاتل اراد ان يرسل رسالة للجميع، وهي ان مصير من يقاومه هو القتل.
ويوضح امين شيجاني، وهو طالب دكتوراه في علوم الكمبيوتر بجامعة فرجينيا، جانب آخر من اللحظات الاخيرة في حياة وليد.
يقول شيجاني ان الدكتور هشام رقا الاستاذ بكلية الهندسة بالجامعة قال لهم ان احد الطلبة الامريكيين الذي طلب عدم ذكر اسمه، اكد ان وليد انقذ حياته.
وليد بالقرب من مقر الجامعة في فرجينيا
فقد عاد الطالب الكوري تشو سيونج-هوي بعد ان اطلق النار على كل من كان في قاعة الدراسة ليتأكد انهم جميعا موتى، وتظاهر هذا الطالب الامريكي بانه ميت، وعندما اقترب منه القاتل وشعر وليد، الذي كان مصابا بطلقتين كما ذكرت، بانه سيأخذ حياة زميله ايضا حاول ان يلفت نظره ليبتعد عنه فعاجله القاتل بطلقة ثالثة اودت بحياته.
ويضيف شيجاني: لقد قام الطلب الكوري بالتوجه الى مبنى كلية الهندسة، وهي اكبر كلية بالجامعة، ودخل احد اهم مبانيها، وهو المبنى الذي به مقر عميد الكلية، واغلق ابواب المبنى بسلاسل حديدية ليمنع خروج أي فرد منه.
ثم بدأ في المرور على قاعات الدراسة، واطلق النار على كل من استطاع في اربع قاعات منها، واستغرق الامر كله خمس دقائق فقتل 32 فردا. ومن يعرفوا هذا الطالب لم يشاهدوه ابدا مع أي فرد. ولم يكن له صديق او صديقة.
حلم لم يكتمل
ويقول محمد شعلان والد الفقيد، الذي ظهر منه الصبر والتسليم بالقضاء رغم الازمة: ان طموح ابني العلمي بلا حدود. فقد احب الهندسة منذ صغره لانني ايضا مهندس ري وكانت لي ابحاث في هذا التخصص اطلع عليها وليد، وكان يتمنى ان يضيف اليها، وكان دائما متفوقا.
ويضيف: كان ابني يحلم بان يكون من كبار العلماء في تخصصه، وان يحقق نجاحا مثل الذي حققه مشاهير العلماء كاحمد زويل.
وينهي حديثه بقوله "لم يمهله القدر ليحقق احلامه لكني احتسبه عند الله من الشهداء".