للأسف! لا زال أولادنا يُلقَّنون هذه القصة في المدارس، لذلك نعيد نشر هذا المقال للأهمية، خاصة مع انتشار دعوات الخنوع والضعف والمذلة تحت عنوان (التسامح)!
قصة اليهودي الذي كان يضع القمامة أمام باب النبي غير صحيحة
من أكثر القصص انتشاراً قصة اليهودي الذي كان يضع القمامة على باب بيت النبي كل يوم فيخرج النبي ويزيح القمامة وينطلق، إلى أن جاء يوم لم يجد فيه النبي القمامة فسأل عن اليهودي فأخبره الناس بأنه مريض، فزاره النبي، فتفاجأ اليهودي وأسلم.
هذه القصة لا أصل لها، لا أقول (حديث ضعيف)، بل لا أصل لها، أي لم يروها أحد من المحدثين أبدا.
بالإضافة إلى ذلك فهي لا تصح من حيث المعنى، إذ:
1) لم يخالط النبي اليهود إلا في المدينة، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدَ المسلمين، وكان اليهود يكيدون للإسلام خفية في ذل وصغار، لا يجرؤ أحد منهم على القيام بمثل هذا.
2) كيف يُتصور أن يضع اليهودي القمامة على باب بيت النبي ويترك الصحابة القمامة إلى أن يضطر رسول الله لإزاحتها؟ ففي هذا انتقاص من توقير الصحابة للنبي.
3) هذه القصة يوردها الناس لضرب المثل لتسامح النبي صلى الله عليه وسلم. والحق أن هذا ليس تسامحا، بل ضعف، وحاشا رسول الله. فالتسامح يكون مع من بدرت منه إساءة مرة من المرات كالرجل الذي جذب النبي من ثوبه وقال أعطني يا محمد. أما أن يقوم يهودي خبيث بهذا الفعل ويكرره ويسكت عنه النبي ويكتفي بإزاحة القمامة، فهذا ضعف نُـجل عنه المقام النبوي.
نعود فنقول ونؤكد: لو كانت القصة صحيحة من حيث الإسناد لبحثنا لها عن تفسير، فلسنا ممن يرفض الأحاديث الصحيحة لأن عقله لم يستوعبها، لكن هذه القصة لا تثبت أبدا.
فيا إخواني المربين، ويا أخواتي المربيات! الله الله في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. والله ما لنا عذر ووسائل معرفة صحة الروايات من ضعفها منتشرة ميسورة. في الصحيح كفاية عن الباطل والموضوع والمكذوب. وأحاديث حلم النبي وعفوه وسمو نفسه كثيرة غزيرة يسهل استخراج دررها من كتب الحديث الصحيحة.
أرجو ممن يقرأ هذا الكلام أن ينشره تنقيحا لسنة الحبيب مما علق بها.
والسلام عليكم ورحمة الله
د. إياد قنيبي