التراث والمجتمع: قراءة في المجتمع العربي المعاصر (3)
التراث والمجتمع: قراءة في المجتمع العربي المعاصر (3)
-2 التراث قضية شخصية في سياقها التاريخي
نتناول في هذا المقام التراث من حيث مفهومه ومستوياته وقيمته، خاصة في المجتمعات التاريخية التراثية التي يمثل فيها التراث عصب الحياة المادية والروحية، بشقيه المادي واللامادي· وأمام تعدد وتنوع النماذج المجتمعية في صلتها بالتراث يُقدم النموذج البنائي التجديدي الإحيائي على نحو يحفظ شروط قيام هذا النموذج بعيدا عن النموذجين، النموذج التراثي البحت والنموذج اللاّتراثي الصرف· أما صلة التراث بالعمل السياسي في المجتمعات النامية، فتقوم على صلة الحاكم بالمحكوم، والتراث سلطة في نفوس الناس والعمل السياسي تطوير للمجتمع ونقله من حال إلى حال ومن فترة تاريخية إلى أخرى، وهو ذلك الذي يشمل التغيير في كافة قطاعات المجتمع، فالتراث العلمي متمثلا في الأقسام العلمية الثلاثة النقلي والعقلي والعقلي النقلي له أثره الملموس على العمل السياسي قديما وحديثا·
يربط حسن حنفي انشغال الفكر العربي المعاصر بموضوع التراث بهزيمة العرب في سنة .1967 بعد تقهقر الأنا في مجابهة الآخر. فالهزيمة في جوهرها هي هزيمة التراث فلا أدبيات السياسة ولا أدبيات الدين، وهي منبعثة من التراث استطاعت أن ترد الهزيمة، كما ارتبط الاهتمام بالتراث في وقت أصبحت فيه القومية العربية نمطا للحرية وسبيلا إلى الاستقلال في العالم الثالث بأكمله الذي عاش أزمة لم تهدد الحدود الجغرافية أو السياسية للبلاد العربية بل هددتها في وجودها، ''وما زالت آثارها تتوالى لإزاحة العرب خارج التاريخ ولوراثتهم من شعوب أخرى، وبقوميات بديلة وبتصورات جديدة عن الشرق الأوسط، وحوض البحر الأبيض المتوسط، عصر إسرائيل الكبرى''·
وإذا كان التراث قد قام انطلاقا من الدين وابتداء به، فهذا لا يعني أنه ظاهرة دينية تفرض الدفاع عن الماضي من مشروعية دينية، إنما هو إقحام في تحديات الحاضر ومعارك العصر، ''فالتراث ما زال حيا في قلوب الناس، ويؤثر فيهم سلبا وإيجابا يلجأون إليه ساعة الأزمات، ويحتمون به إذا اشتدت بهم عوائد الدهر... مطلق يضع لهم معايير السلوك. ويحدد لهم تصوراتهم للعالم. بل أنه أكثر وضوحا من الحاضر نفسه لأنه حضور معنوي وفعلي، ذهني ومادي، عقلي وحسّي. البداية به ليست مثالية بل عن الواقعية. فالتراث واقع وليس مثالا وإن إزاحته بدعوة الواقعية أو المادية الجدلية لهو إزاحة للواقع نفسه وتخلّ عن النظرة العلمية''.
ويؤكد حسن حنفي على حقيقة التراث في كونه ليس دينيا فقط، ''ففيه يتداخل الديني والشعبي، المقدس والدنيوي. لا فرق في الاستخدام الشعبي بين الاستشهاد بالآية القرآنية والحديث النبوي وبين الاستشهاد بالمثل الشعبي وبسير الأبطال كلاهما مصدر سلطة ومنبعا لمعايير السلوك. وتتداخل معهما أقوال الآباء والأجداد ونصائح المعلمين والمشايخ والرواد، الكل حجة سلطة وليس حجة عقل يتداخل فيه الصحيح والموضوع، التاريخي والأسطوري، المروي والخيالي، الكل يكون مخزونا في اللاشعور التاريخي للأمة وفي ذاكرتها الجماعية''·
الانشغال في التراث ليس من قبيل الدفاع عن الأنا وحمايته، إثبات الهوية والمحافظة عليها، فالتراث هو أحد مكونات الأنا لا الأنا ككل، لا الذات بأجمعها، فالأنا في حقيقته تراث وعصرنة أو عصرية، انحصار الذات في التراث يؤدي إلى التقوقع، وتصبح هوية لا وجود لها في الحاضر والمستقبل. وقد يستخدم التراث في إخفاء الانصهار في الآخر واتباعه والانقياد إليه. كثير من الأنظمة التي تدّعي أمام شعوبها حماية التراث ومصالحها مع الآخر. التراث ليس مطلوبا لذاته في المشروع بل هو مجرد أداة ووظيفة وليس جوهرا، يتميز بالتغير لا بالثبات، التراث منعدم في انعدام أساليب استعماله، والواقع الذي يُستعمل فيه والقائم على ذلك الفرد والجماعة، سلطة الدولة وسلطة الجماهير، فهو مدرك في إطار فعل التغير الاجتماعي حين يقوم كعائق أمام التغير أو يقوم كعنصر فاعل على التقدم وعندما تستخدمه السلطة كوسيلة لضبط المجتمع أو لبعث الحركة بداخله ومن داخله، فالتراث جزء من التغير الاجتماعي، فهو طاقة مشحونة قد تتحرك سلبا وقد تتحرك إيجابا تبعا لاختيارات السلطة الاجتماعية والسياسية.
لذا، فالتراث عند حسن حنفي ليس تراثا واحدا بل ''التراث تراثان: تراث السلطة وتراث المعارضة، تراث الدولة وتراث الشعب، الثقافة الرسمية والثقافة المضادة. فالثقافة كالمجتمع تتمايز بتمايز السلطة في المجتمع. ولما تكوّن المجتمع من طبقات اجتماعية وكان الصراع على السلطة فيه طبقا لصراع الطبقات أفرزت كل طبقة أي كل سلطة تراثها وثقافتها... التراث نتاج اجتماعي لا يسبق وجود المجتمع، وليد الصراع الاجتماعي والسياسي وليس سابقاً عليه، إفراز اجتماعي كأحد أشكال القوى الاجتماعية المؤثرة في الصراع الاجتماعي. يتغير بتغير موازين القوى. التراث سلطة لأنه يمدّ السلطة السياسية القائمة بشرعيتها والتي تحاول أن تنزع الشرعية عن سلطة المعارضة وتراثها''·
إن الأزمة القائمة حاليا في التحجر والجمود في العالم العربي والإسلامي والثبات الاجتماعي تعود أساسا إلى كوننا ''نريد تغيير الواقع الاجتماعي بتراث السلطة السائدة في أجهزة الإعلام وتحت سيطرة الدولة، والموجّه الأول لمناهج التعليم والرافد الرئيسي في الموروث الثقافي الشعبي حتى أصبح جزءاً من تصورنا للعالم وكأنه هو التراث كله ولا بديل عنه... فالعالم شكله مخروطي هرمي، له قمّة وقاعدة، أعلى وأدنى، يقوم على التدرج''.
وإذا كان التراث ليس هو الدين ذاته ولا هو وسيلة للدفاع عنه، ولا هو الأنا ولا هو وسيلة للدفاع عن الأنا، وليس هو غاية أو موضوع أو جوهر أو ثبات بل وسيلة ووظيفة وتغيّر نشط في داخل المجتمع، ويرتبط بكل ما في المجتمع ويجري في سياق تاريخي ومتصل بكل ما في السياق التاريخي، فهو ينهض في الواقع بالإنسان داخل التاريخ، كما يرتبط التراث بالوطن والوطنية، ويقول صاحب مشروع ''التراث والتجديد'' في ذلك: ''ولكنه قضية وطنية تمس حياة المواطنين وتتدخل في شقائهم أو سعادتهم... قضية ''التراث والتجديد'' قضية وطنية لأنها جزء من واقعنا، نحن مسؤولون عنه كما أننا مسؤولون عن الشعب والأرض والثروة، وكما أننا مسؤولون عن الآثار القديمة والمأثورات الشعبية''.
الحديث عن التراث ليس هو حديث عن الدين، لأن التراث ظاهرة حضارية ثقافية، والحضارة تتكون في الزمان والمكان وبفعلهما، فالدين جزء من التراث وليس كل ما في التراث في الدين، وليس كل ما في الدين في التراث. ''فالتراث إن هو إلا عطاء زماني أو مكاني يحمل في طياته كل شيء... لا يوجد دين في ذاته بل يوجد تراث لجماعة معينة ظهر في لحظة تاريخية محددة ويمكن تطويرها طبقاً للحظة تاريخية قادمة''· ولم يطلق وصف ''إسلامية'' على الحضارة لأنه وصف ديني والمسألة حضارية في أصلها، فالإسلام ظاهرة حضارية وقعت في التاريخ وفي حالات كثيرة تستعمل الألفاظ الدينية بمعانٍ تصف الحضارة التي أنتجها الإسلام باعتباره معطيات حضارية تاريخية إنسانية وليس باعتباره دينا. بالإضافة إلى كون التراث قضية وطنية، فهو قضية شخصية في حياة الجماعة العربية الإسلامية، لأن هذه الجماعة تتعاطى باستمرار مع موروثها الشخصي، وهو موروث إسلامي، ''والنسبة تشير إلى الحضارة أكثر مما تشير إلى الدين وتعني أننا والتراث من منطقة حضارية معينة كما يعيش الغربي في تراث مسيحي ولا يكون هو مسيحيا أو كما يعيش الهندي في تراث هندي ولا يكون هندوكيا أو بوذياً. التراث قضية شخصية نلتزم بها، وتختلف دراستنا له عن دراستنا مثلا للتراث الهندي أو الفارسي أو الصيني أو الغربي، لأننا في هذه الحالة نكون مجرد باحثين، في حين أننا في الحالة الأولى نكون أكثر من باحثين بل نكون ملتزمين بقضية شخصية''· ففي الحالة الأولى، تكون الذات المدروسة ويكون الموضوع المدروس أمرا واحدا، فهو وجود إنساني تاريخي يلتقي فيه الحاضر والماضي والمستقبل ويكون الباحث صاحب مسؤولية قومية. أما عند دراسة تراث الغير، فلا الذات تندمج في الموضوع ولا موضوع الدراسة جزء من ثقافة الذات الوطنية ولا مسؤولية قومية في البحث.
إن أخطاء التراث تعاد صياغتها، ونقائصه لا تُبرر ولا تتعرّض للنقد فقط بل يتم إكمالها والزيادة فيها، ''فالباحث على نفس مستوى مسؤولية المفكرين القدماء. وهم أتوا به وليسوا غرباء عنه. فإذا انفصل الباحث عنهم وقع في الغربة وأصبحت مسؤوليته هو وليست مسؤولية التراث أن يقضي على اغترابه حتى يشعر بالانتماء وبأنه جزء من التراث وبأن التراث جزء منه''. ويضيف حسن حنفي مؤكدا على صفة الشخصية في البحث في التراث على أنه شخصي ويعيب على الدراسات التي تنعدم فيها هذه الصفة قائلا: ''لذلك تغيب على معظم دراسات باحثينا في التراث عدم أخذ قضاياه كقضايا شخصية والاكتفاء بعرض المادة القديمة كما هي إلى حد التبسيط الرخيص المخلّ بأهمية مثل هذه القضايا للقدماء، وقد تطايرت من أجلها الرقاب حينذاك، في حين وأن المعاصرين وقد ضاعت أرضهم وثرواتهم لم يهتزوا ولم يلتزموا، وظل التراث بالنسبة لهم قضية ميتة لأنهم ميتون... لذلك كان ''التراث والتجديد'' تعبيرا عن الحياة الشخصية للباحث. والمشاكل التي عرضت له إبان العشرين سنة الماضية، وحرصه على التراث وعلى تغيير الواقع في آن واحد، وهي قضية المثقفين الثوريين لهذا الجيل''. تبنى المفكر قضية التراث المرتبطة بالتجديد في مشروعه الحضاري القومي على أنها مسألة شخصية، ناهيك عن كونها وطنية وقومية، وإذا كان الالتزام في التراث أمرا مطلوبا وأساسيا، فذلك لا يضر بحياده كباحث وبموضوعيته كدارس. وعلمه هو مدى التزامه بمشكلات وقضايا التغيير داخل المجتمع والالتزام في هذه الحالة يحتوي العلم، وإذا كان العلم يتعارض مع الإيديولوجية في الفكر الغربي وفي الفكر الماركسي، ففي الوعي القومي في بلدان العالم الثالث، كل منهما يشدّ الجمهور نحو غاية واحدة. فلا الإيديولوجية تضر بالعلم ولا العلم يضر بالإيديولوجية، لأن الالتزام بالتراث وبالثقافة وبالوحدة الوطنية وهي معطيات تتحد فيها الإيديولوجية بالعلم.
ما دام التراث مخزونا نفسيا في الجماهير، وهو مسؤولية فردية وجماعية، شخصية وقومية ووطنية ليس هو الأنا بل يحميها ولا يرفض الآخر بل يشاركه الحياة بإيجابية وفعّالية، ليس هو الدين بل الدين جزء منه، الواحد منها يحمي الآخر ويُفعّله، التراث ينمو ويزدهر بالعلم حينما يلتزم الباحث في التراث والالتزام شرط العلم فالإيديولوجية لا تضاد العلم بل تتحد معه في الوعي القومي العربي والإسلامي وفي الوعي القومي لشعوب العالم الثالث. هذه كلها تمثل دوافع إعادة بناء التراث العربي الإسلامي بشكل عام والتراث الفلسفي بشكل خاص ''علومه وأبنيته وحلوله واختياراته وبدائلها الممكنة هي تغير الظروف كلية من عصر إلى عصر، ومن فترة إلى فترة... هناك إذن فترتان متمايزتان في تراثنا القديم وفي حضارتنا الإسلامية، الأولى الفترة القديمة والثانية الفترة الحديثة، الأولى اكتملت فيها الحضارة في دورتها الأولى والثانية ما زلنا نشاهدها... الأولى تعادل في التراث الغربي العصر الوسيط فيه والثانية تعادل عصوره الحديثة وعلى هذا يكون التقابل بين التراثين، التراث القديم والتراث الغربي محددا جدل الأنا والآخر، عصر الازدهار والاكتمال لدينا في الفترة الأولى هو العصر الوسيط الأوربي، وعصر التدوين والشروح والملخصات أي التوقف والاجترار في العصور الغربية الحديثة. فليس تراثنا القديم هو العصر الوسيط إسقاط الآخر على الأنا، كما أننا لا نعيش في العصور الغربية الحديثة إسقاط الأنا على الآخر''.
كما أن محاولة إعادة بناء التراث تصبح ضرورة ملحة لأن مجتمعاتنا النامية تراثية والنموذج الاجتماعي التراثي يكون في نمطه يعاني من عيوب رئيسية كأن يؤخذ التراث فيه غاية في ذاته وليس وسيلة لتقدم الشعوب ونهضة المجتمعات، ويكون التراث منفصلا عن الواقع وليس محددا له وموجها إياه، لأن التراث فكر وواقع معا، ويؤخذ التراث كله أو يُلغى كله ولا يقبل التجزئة أو الانتقائية فهو ''حقيقة أبدية لا تتطور أو تتغير ولا يخضع لتأويل أو تفسير أو وجهة نظر يشمل الزمان والمكان ويحتويهما فيه فلا فرق بين الماضي والحاضر والمستقبل ولا وجود لمراحل التاريخ أو نوعية المجتمعات أو خصوصيات الشعوب، وبالتالي تم التنكر للحاضر كلية''· والواقع برمته فاسد لا يجوز تطويره بل هدمه من الأساس ويبدأ البناء من جديد. وبالمقابل، نجد النمط اللاتراثي يأتي كرد فعل على النمط التراثي وهو نمط أو نموذج يقطع صلته بالتراث القديم لبناء الجديد، ''على أسس من العلم والمعرفة والجهد الإنساني الخالص بعد اكتشاف عورات التراث وعدم ثباته أمام العلم الجديد، فالتقدم نحو الجديد مرهون بالتخلص من القديم وهو نمط عيوبه كثيرة، فالتغيير لديه سطحي والتقدم في المظاهر مما أدى إلى انفصام الشخصية الوطنية وسيطرة الأقلية وتراث الأقلية وانعزال الطبقة الثورية وما ينتج عن ذلك من مخاطر سياسية واقتصادية واجتماعية، الأمر الذي يستدعي قيام النمط الثالث، وهو نمط أو نموذج إعادة بناء التراث وإحيائه وبعثه تطبيقا لمشروع ''التراث والتجديد''. فإذا كان النمط التراثي يضحي بالتغيير الاجتماعي من أجل المحافظة على التراث وكان النمط اللاتراثي يضحي بالتراث من أجل التغيير الاجتماعي، فإن تجديد التراث أو إحيائه أو إعادة بنائه طبقا لحاجات العصر هو الذي يحفظ من التراث دوافعه على التقدم ويقضي على معوقاته، وهو القادر على إحداث التغيير الاجتماعي بطريقة أرسخ وأبقى وأحفظ له في التاريخ من الانتكاسات والردّة وحركات النكوص''.
وإذا كان التراث في المجتمعات التراثية النامية ليس دينا مقدسا ولا بناءً صوريا ولا نصوصا محفوظة أو كتب صفراء فهو سلطة تقوم في مقابل سلطة العقل تمنح الإنسان تصورات عن العالم وعن السلوك وقيّمه ويشكل واحدا من مقومات الشعوب النامية في وجودها ويمثل عامل تنميتها وازدهارها في أصولها التاريخية، ولما كان التراث كذلك فهو مستعمل من قبل السلطة ومن قبل المعارضة في المجتمعات الديمقراطية كما يستعمل من قبل الحاكم والمحكوم والقاهر والمقهور في المجتمعات الطبيعية. كل منهما يجد في التراث ما يؤيده. ويؤكد حسن حنفي على ضرورة الاهتمام بالتراث دراسة وبحثا واندماجا متبادلا بين الذات الدارسة والموضوع المدروس، والتزاما من قبل البحث، لأن المستشرق يرصد التراث من حيث حركته التاريخية فيفقد الحياة والموضوعية.
''وبالتالي كان علينا تطويره وتغييره بل وقلبه رأسا على عقب، ومن هنا كان التراث واجبا وطنيا والنواح على سلبياته مجرد بكاء وصراخ وعويل لا يجدي. فالسلبيات يمكن القضاء عليها بإنتاج تراث آخر أو تحويلها إلى إيجابيات بفعل سياسي مضاد. كما أن التغني بإيجابياته إعجاب بتراث الآباء والأجداد لا قيمة له إلا بمقدار مساهمة هذه الإيجابيات في حل قضايا العصر الأساسية وقبول تحدياته الرئيسية. فما الفائدة في التغنّي بالعقل في مجتمع غيبي أو الفخر بالعدالة الاجتماعية والمساواة في مجتمع الفقر والفشل والبؤس والشقاء أو الاعتزاز بالحرية في مجتمع القهر والتسلط تفتح فيه السجون والمعتقلات أكثر مما تفتح فيه المدارس ودور العلم أو التشدّق بالوحدة في أمة تقطعت أوصالها وتفرقت شيّعا يحارب بعضها بعضا''.(كل حزب بما لديهم فرحون).
فقراءة التراث ونقده وإعادة صياغته ومحاولة إعادة بنائه وفق ما تتطلبه حاجات العصر هو الوحيد الكفيل بتوظيف التراث إيجابيا وبفعالية في بناء الحاضر والتطلع إلى المستقبل، وهي مهمة مشروع ''التراث والتجديد'' متجاوزا النمط التراثي والنموذج اللاتراثي.. انتهى
*دكتور جيلالي بوبكر
* أستاذ محاضر بجامعة حسيبة
بن بوعلي بالشلف