السلام عليكم
هو جندي مجهول يسبح عبر عباب موقع الادباء العرب:
نقدم ما لملمناه عنه:
تقديم:

أنه من مواليد 5 مايو 1957 في مدينة بورسعيد ـ على ما أعتقد ـ، المدينة التي لا أشك في أنه يكن لها حبا شديدا، لأن ذلك ينعكس في تخصيصها بموقع للصور القديمة، وكيف لا وهي المدينة التي شهدت أحداث مهمة من تاريخ مصر الحديثة. كما لاحظت أن الأستاذ محمد شعبان الموجي يميل إلى كتابة المقالة الصحفية التي يغلب عليها الطابع الديني والسياسي بنسبة أقل. وأذكر ـ من خلال بعض ردود الأستاذ محمد شعبان الموجي ـ أنه مر بتجربة الاعتقال.

نتركه يتكلم عن نفسه:بعد طرح اسئلة الكاتب علوشي عثمان:

1ـ من يكون محمد شعبان الموجي؟ أين ترعرع؟ كيف عاش طفولته وشبابه وكيف يعيش الآن؟ كيف كانت مسيرته الدراسية والمهنية؟


أما أنا فمولود في : مدينة بورسعيد – مصر في 5 مايو 1957
حاصل على بكالوريوس هندسة – قسم ميكانيكا الإنتاج
واعمل في مجال التجارة والإستيراد

أما كيف عشت طفولتي فقد كانت طفولة مدللة .. ناعمة .. أو كما يقولون ولدت وفي فمي ملعقة من الذهب في وقت كان الغنى والثراء فيه شىء نادر .. ومع ذلك فلم يكن أبي رحمه الله ممن يميل إلى حياة الترف والبذخ .. بل عشت حياة الطبقة الوسطى بكل معانيها .


ثم جاءت هزيمة يونية 1967 لتشكل علامة فارقة في حياتي .. حيث اضطررنا إلى الهجرة الأولى إلى مدينة دمياط القريبة من بورسعيد .. وتركنا وراءنا كل ما مصادر رزقنا التي تأثرت كثيرا جدا بالنكسة .. ثم كانت الهجرة الثانية إلى مدينة سمنود تابعة لمحافظة الغربية .. ثم استقر بنا الحال في مدينة القاهرة العاصمة .

في اثناء هذه الأحداث .. رأيت من الأهوال ومن تغير الأحوال .. وأنماط يشرية جديدة لم أعهدها من قبل .. مماتشيب له الولدان .. فدخلت في مرحلة الشباب بنفسية غير مستقرة .. وأنا الغني الفقير .. وعانيت الأمرين من ضيق ذات اليد .. مع شعوري الداخلي بالغنى والثراء .. بعد أن حبست عنا كل اموالنا واملاكنا .. وكان لذلك تأثيره الكبير على في ولوجي لمرحلة الشباب .. فقد دخلت إلى مرحلة الشباب وأنا محمل بعشرات المحن والمآسي من خلال تفاصيل ربما تبدو لنا الآن بسيطة .. لكنها كانت تحمل من العبر والدرس مايكفي لأن أكون أكثر صلابة وصبرا واستهتارا في مواجهة أشد المحن والمصائب .

ثم بعد ذلك كانت حرب اكتوبر 1973 والتي انتهت بعودتنا إلى بورسعيد وبدأنا فى استعادة ما خسرناه فى الحرب .. وانتهى بي الحال فى كلية الهندسة وتخصصت في ميكانيكا الإنتاج .. وتخرجت عام 1983 .

في اثناء الحياة الجامعية .. كان التغيير الكبير في حياتي .. فقد تعرفت على نوعيات مختلفة من الشباب .. وجرفتنا الصحوة الإسلامية في طريقها .. وسرنا معها حيث سارت .. وخضنا الكثير والكثير من التجارب الحلوة والمريرة .. وفي هذه الأثناء اخترت كأمير للجماعة الإسلامية في الجامعة .. ومارسنا الكثير من ألأنشطة الدعوية والثقافية على مستوى الجامعة والمحافظة .. بل وعلى مستوى الجمهورية كلها .. وبدأت اراسل بعض الصحف .. واكتب المنشورات المناهضة ليعض الدعوات العلمانية .. وأهم المنشورات التي كتبتها كانت ردا على كلمها اطلقها السادات في احدى خطبه الشهيرة من أنه لا دين فى السياسية ولا سياسة فى الدين .. واتذكر أن عنوان هذا المنشور الذي كتبته هو ( 100 جنيه لمن يستطيع أن يفصل بين الدين والسياسة ) .. وقد ألقي القبض علي أنا ومعظم زملائي بسببه .. ثم افرج عنا سريعا .

بعدها بدأت مرحلة المواجهات بيننا وبين نظام الرئيس السادات .. والتي انتهت باعتقالي واعتقال الآلاف من شباب الجماعات الإسلامية بل وكل قيادات ومفكري مصر من كافة الإتجاهات .. اسلامية وعلمانية ومسيحية .

هذه ببساطة هي مسيرة طفولة مدللة تعرضت في حراكها المرحلي نحو الشباب للكثير من المآسي والمحن التي أصقلت شخصيتي وجعلتني أكثر تحملا للمصائب التي اواجهها دائما بالثقة الشديدة بالله ثم بالإبتسامة التي كانت لاتفارقني حتى وأنا في أحلك الظروف وأصعبها .

هذا مايحضرني الآن .. كما أنني أخشى أن ادخل في تفاصيل لا تهم القارىء .. ولكنني أعتقد أن التجارب الشخصية تحمل في طياتها أعظم الدروس والعبر .

2ـ بمن تأثرت خلال مسيرتك الفكرية والأدبية؟


أقول لك :


لم يكن للأسرة أى دور غير تقليدي أو غير عادى فى ذلك .. اللهم إلا كتابا كان والدي رحمه الله يحتفظ به .. وهو الفقه على المذاهب الأربعة .. وكان بمثابة الشرارة التي أشعلت بداخلي رغبة ملحة فى القراءة والإطلاع .. وكانت بدايتى الحقيقية مع عالم الفكر والقراءة والإطلاع .. على يد صديقى الفلسطينى الأكاديمي مازن النجار الأستاذ الجامعى باحدى الجامعات الأمريكية .. وهو من الشخصيات التى اضطهدت على يد العديد من الدول العربية .. ثم حكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات فى احد السجون الأمريكية .. وتم ترحيله بطائرة حربية خآصه إلى مطار بيروت .. ثم حدث ازمة سياسية فى لبنان بسببه .. وهو ايضا شقيق زوجة صديقى الدكتور علاء العريان الأستاذ الجامعى باحدى الجامعات الأمريكية .. والذى اتهم بمساندة المنظمات الفلسطينية .. فكان لصديقى مازن هذا من الفضل الكبير بعد الله عزوجل فى اشعال جذوة تلك الرغبة .

ثم ثانيا .. تأتى الصحوة الإسلامية وظاهرة الإحياء الدينى التى شهدت مولدها فى بداية السبعينيات .. وماصاحب ذلك من نشاطات ثقافية وفكرية .. ومؤتمرات ومعسكرات والتحام مع كوكبة من العلماء والدعاة من الرعيل الأول والثانى للإخوان المسلمين .. وماصاحب ذلك ايضا من المشاركة فى العمل الإسلامي و الطلابي .. كان لذلك كله الأثر الأكبر فى عملية التكوين الفكرى والثقافى .

ثم ثالثا : هناك بالطبع على المستوى الفردي .. كتب وعلماء .. كانوا هم أيضا من أهم مصادر التكوين الفكري والثقافي .. فقد كان اعجابى المتزايد ببعض تلك الكتب .. وعلى رأسها كتاب ( احياء علوم الدين ) للإمام الغـزالى واسلوبه العبقري المتفرد فى التحليل والإستيعاب ومنهج التربية الروحية الذى سلكه الغزالى رحمه الله لإصلاح النفس .. وكذلك كتاب أدب الدنيا والدين للماوردى .. وتفسير الفخر الرازى .. وغيرها الكثير والكثير .. ثم رسائل الشيخ حسن البنا رحمه الله .. واسلوبه العبقري فى تبسيط حقائق الإسلام وتجديد لغة الخطاب الدينى .. تجديدا وليس تجددا .. وكتاب معالم فى الطريق للشيخ سيد قطب ، وجاهلية القرن العشرين لمحمد قطب .. وكتب المودودى ووحيد الدين خآن والندوي وطبعا كتب العقاد والرافعى صاحب كتاب من وحي القلم .. وهو من الكتب التى اعتز بها .. كل ذلك كان له اكبر الأثر فى التكوين الفكرى والثقافى لدي .

ثم رابعا ايضا من أهم تلك المكونات الفكرية والثقافية المهمة فى حياتى .. تلك الحوارات والمعارك الصحفية التى خضتها مع كثير من فقهاء العلمانية ومنكر ى السنة .. والتى جعلتنى أحيانا كثيرة لااخشى تلك الأسماء الكبيرة فى عالم الفكر والأدب والصحافة .. والتى تكتشف بما تمتلكه من مرجعية اسلامية راقية .. ان هذه الأسماء الكبيرة التي تحمل فكرا عقلانيا تافها وسطحيا .. دليل على عظمة هذا الدين .. أوكما يقول المفكر الإسلامي الكبير وحيد الدين خآن :

(( إن الدليل الذى يقنعنى بصدق هذا الدين هو أن عقولا مثالية منا - بعد أن تركت الدين - قد أخذت تهذى بكلمات لاحقائق وراءها ، وتعمه فى تيه الظلام ، ذلك أن الإنسان بعد أن يفقد أساس الدين لايجد أساسا آخر لأفكاره ، والأسماء التى تأتى فى قوائم المعارضين أكثرها من عقولنا الكبيرة ، ولكنهم بعد أن تخلوا عن الدين راحوا يكتبون ضروبا مـن اللـغو غآية فى الإهمال والتمرد حتى أننى أتحير - أحيانا - فلا أفهم كيف صدرت هذه الكلمات عن قلم رجل من العلماء )) ..

ولكن مع هذا كله استفدت كثيرا من بعض افكار واساليب بعض هؤلاء العلمانيين فى حدود مايتفق مع مرجعيتى الإسلامية .. وكان لهذا اثر كبير ايضا فى تكوينى الفكري والثقافي .





لماذا تميل إلى كتابة المقالة الصحفية التي يطغى عليها الجانب الديني والسياسي؟

3ـ هل حاولت أن تكتب القصة والرواية والقصيدة؟ ما الفرق لديك بين المقالة وهذه الأجناس الأدبية؟


من المعلوم أن المقالة الأدبية هي أقل درجة من درجات الإبداع الأدبي .. والمقالة الأدبية لها مواصفاتها الخاصة التي يعرفها أهل الصنعة .. ومعظم المقالات التي نقرأها اليوم لايدخل في نطاق المقالة الأدبية المستوفية للشروط الأدبية المعروفة عند أهلها .

لكن الفكر الديني والسياسي .. أهم من أن نحبسه في اطر أدبية محددة .. وأخطر من أن نغلفه بالأساليب الأدبية التي تتأثر بالمباشرة فى التعبير .. ولذلك يلجأ المفكر الديني أو السياسي .. إلى الأسلوب المباشر في الكتابة .. اعتمادا على قوة الأفكار وحدها وسهولة الأسلوب دون النظر إلى القيمة الأدبية لهذه المقالات .. ولذلك اتسمت دعوة الأنبياء بالسهولة والبساطة الشديدة دون تعقيدات الأدباء .. اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ..

ولأنني لم أدخل الساحة كأديب وإنما كمفكر صاحب عقيدة ومبدأ ودعوة أدعو إليها .. فلم أهتم بالجوانب الأدبية .. إلا كمتذوق لها فقط .. ولم احاول في حياتي إلا أن اكون مفكرا دينيا اقدم فكري وآرائي من خلال مقالات تتسم بالأسلوب البسيط على وفق اللغة التي اتحدث بها .. وعندما يصل الكاتب أو المفكر إلى أن يكتب بمثل ما يتكلم .. يكون قد احرزت نجاحا كبيرا .. لآنه يكون أشد التصاقا بمن يكتب لهم .


وأخيرا :

لم أحاول أبدا أن اكتب أي لون من ألوان الأدب كما قلت .. اللهم إلا بعض الومضات القليلة هنا في الملتقى والتي فوجئت بردود أفعال طيبة حولها .. لكن الأدب في النهاية ليس ملعبي .. وإنما ملعبي الحقيقي هو الفكر والفكر الديني والإنساني على وجه الخصوص .

#6
محمد شعبان الموجي
كاتب




تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 1793
مقالات المدونة: 38 4ـ


مررت بتجربة الاعتقال، هل لك أن تحدثنا عن هذه التجربة؟ هل أثرت في حياتك وفي مشروعاتك الحياتية؟ ألم تفكر يوما في الكتابة عن هذه التجربة على منوال كتاب عرب كبار برزوا من خلال ما يعرف في الساحة الأدبية ب"أدب الاعتقال"؟


كانت تجربة انسانية مريرة جدا ومفيدة جدا .. وفيها من الدروس والعبر مايحتاج فعلا إلى مجلد ضخم .

فالإعتقال يبدأ أولا بفترة ارهاصات يعرف فيها الإنسان قيمة الأمن الذي أنعم الله به على الناس ولا يستشعرون به إلا حينما يفقدونه .. فمبدأ الإعتقالات غيوم تظهر في الأجواء لا يراها إلا أصحابها والمعنين بها .. الناس تختطف من حولك .. أصدقاء وأقارب .. وأنت تنتظر دورك الذي سيأتيك آجلا أم عاجلا .. وهنا ستتتذكر المثل الذي يقول وقوع البلاء ولا انتظاره .. فكما يتمنى المريض الآيس من الشفاء أن يموت ليستريح .. يتمنى من يتظر الإعتقال أن يتم اعتقاله بالفعل .. ولكن سرعان ما تمني نفسك بإمكانية ألنجاة من الإعتقال .. وفي صباح ذلك اليوم المشئوم 9 اكتوبر 1981 ذهبت كعادتي لشراء صحف الصباح وياليتني ما ذهبت .. فقد كتبت الصحف لها تقريبا .. خير بالبنط العريض .. القبض على كل من يدعي أنه أمير ههههههههه وطبعا حضرتي لم أدع أنني أمير .. وإنما الأخوة أكرمهم هم الذين صمموا على اختياري رغم أنني كنت أمازحهم كثيرا .. ولك يكن التزامي صارما مثلهم .. المهم أنني بعد قراءة الخبر المشئوم .. بدأت أبتلع طعام افطاري وأنا أجوب بناظري إلى كل مكان ببيت العائلة .. واتفحص وجه امي واخواتي لعلها تكون النظرة الأخيرة .. فالإعتقال غالبا يكون مجهول المدة .. ولاتعرف بالضبط متى سيفرج عنك .. ربما بعد شهر أو سنة او عشر سنوات أو إلى الأبد .. كما حدث مع كثير ممن اعرفهم .

ولقد بلغت فترة اعتقالي حوالى الستة أشهر .. إلا أنني شاهدت فيها من الأهوال والمخازي والحكم والعبر ما يحتاج لوقت كبير كي احكيه .. ولكنها كانت فرصة كبيرة لمشاهدة الحياة داخل أكثر من سبعة سجون ومعتقل وغرف حجز .. لكل مكان منها مناقبه ومثالبه .


أما الكتابة عن هذه الفترة .. ففعلا أفكر في ذلك بجدية .. لاسيما وأنا احفظ تفاصيلها الدقيقة عن ظهر قلب .. ولعلني أبدا في سردها هنا فى الملتقى .. وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم .



5ـ ما هي نظرتك تجاه مصر، معانات الشعب المصر ونظرتك إلى وضعية العالم العربي؟


مصر الآن أصبحت مثل مركبة فضائية .. انفصلت مقدمتها إلى السماء .. بعد أن أحدثت بقاعدتها وماخلفته من آثار انطلاقها وانفصالها .. فجوة كبيرة إلى سابع أرض سقطت فيها الشعب ولم يعد يدري كيف يخرج منها .



فأمريكا بعد أن صنعت طبقة حاكمة من التجار والسماسرة ورجال الأعمال .. ارتبطت أعمالهم ومصالحهم الشخصية بالقرار الأمريكي والصهيوني .. نسوا الله .. ثم نسوا الشعب .. ثم نسوا السياسة تماما .. فالحكومات العربية أصبحت كشعوبها تتحاشى الكلام في السياسة .. وإن اختلفت الأسباب والدوافع .. وقد آل الإقتصاد المصري إلى حوالي عشرين أو ثلاثين اسرة .. تتحكم في قوت الشعب ومقدراته .. واتسعت الفجوة بشدة .. بين الأغنياء والفقراء .. حتى أن صار الشعب كالأيتام على موائد اللئام .. فنحن في عصر مبارك المشئوم أصبحنا كالشحاذين بل أقل من أن نكون شحاذين لسماسرة الإقتصاد المصري .. ولذلك عندما تسمع عن انجازات اقتصادية أو نمو اقتصادي .. أو ماشابع ذلك .. فاعلم أنه لايصل إلى ايدي الشعب إلا فتاتا .. أما المستفيد الحقيقي من ذلك فهو الحاكم وزبانيته من السماسرة والتجار والرأسماليين المستغلين .

وأما المشهد السياسي .. فالدولة كلها الآن مسخرة لتهيئة الأجواء لتوريث الحكم .. لجمال مبارك الذي لايتمتع بأدني درجات رجل السياسة .. والذي سيدخل الحكم لو قدر له ذلك .. وملفه زاخر بالشبهات المالية .. وكراهية واستنكار وعدم اقتناع بصلاحيته للحكم .. فهو شخص لايتمتع بأية كاريزما أو شعبية .. والمشهد السياسي الآن كله مشهد عبثي لانعرف إلى أن أين يقودنا .. ولكن الشىء الذي على يقين من حدوثه .. هو انفجار شعبي كاسح .. بسبب لقمة العيش وضيق ذات اليد .. وإن كانوا يراهنون على غير ذلك فهم واهمون .

والعالم العربي .. لايختلف كثيرا عن الأوضاع في مصر .. فأنظمة الحكم كلها تتجه للتوريث وتداول السلطة وهم كبير تعيشه احزاب ورقية لاتسمن ولا تغني من جوع .. بل هي ذاتها تعيش نفس الحالة الإستبدادية في رئاسة الحزب .. ومعظم المصريين يجهلون معظم الأحزاب المصرية .. لآنها تفتقد أساسا إلى القواعد الشعبية الحقيقية .. وأما القوى التي لها قواعد شعبيه .. فيتم تكسيرها بشكل جزئي من خلال محاكم عسكرية .. تصدر أحكاما معلومة مسبقا .. والنظام يتعامل مع تلك القوى بندالة منقطعة النظير .. بلا رحمة لا حياء ولا نبل الفارس .

الأهم من ذلك .. أننا اصبحنا نجهل أيضا اسماء العديد من الدول العربية والإسلامية .. ولم نعد نتذكر ذلك إلا من خلال الفضاء الإلكتروني .. الذي تحققت من خلاله معجزة الوحدة العربية على مستوى الأدباء والشعراء وعلى المستوى الإنساني .. وإن كانت طبعا فى اطار محدود جدا .


ومازلنا نعاني من آثار سقوط الدولة العثمانية التي كانت تربط الأمة بآصرة العقيدة .. وتقسيم الأمة بواسطة المستعمر الغاشم .. بكل ماتعنيه كلمة التقسيم وآثارها واضحة جدا حتى يومنا هذا .. ونعيش ارهاصات الفترة التيه مابين سقوط دولة وقيام أخرى .

وطبعا لاننسى أن وجود الكيان الصهيوني بيننا سيظل كالسوس الذي ينخر في شجرة الأمة وكينونتها وعقيدتها .. حتى تسقط أو يدركنا الله برحمته .. ولولا أن سخر الله لهذه الأمة أدباء ومبدعين ودعاة ومفكرين .. لسقطت نهائيا من ذاكرة العالم .

ـ ما هو تقيمك للإنتاج الفكري والأدبي في العالم العربي من خلال تجربتك مع الإنترنت


أولا : الإنتاج الفكري قليل جدا إذا ماقورن بالإنتاج الأدبي .. وكثير من الشعراء والأدباء والقاصين يملكون مفاتيح وأدوات الأدب .. لكن القليل منهم من يملك رؤى فكرية ونظرة عقلانية لما يدور حولنا .

ثانيا : لا استطيع تقييم الإنتاج الأدبي من جهة الصنعة الفنية لأنني لست أديبا كما قلت .. ولكن أستطيع كمتذوق للأدب أن أقول بأن كثيرا مما يكتب على الشبكة الإلكترونية لايصلح للإستهلاك الآدمي إذا جاز التعبير .. ولم تهضمه معدة المتلقي .. ولذلك فنادرا ما تحتفظ ذاكرة المتلقي بشىء مما يكتب .. شعرا كان أم نثرا .

ثالثا : افتقادنا للنقد الأدبي الجرىء والذي لايخشى لومة لائم .. ولايجامل على حساب الحقيقة .. وكذلك عدم تقبل الكثيرين للنقد الأدبي البناء .. وايضا اسرافنا في اطلاق لفظ مبدع على كل من هب ودب من الشعراء والأدباء .. من أهم الأسباب في تدهور الإنتاج الأدبي .. وانعدام تأثيره في حياة الناس .


رابعا : تجاهل وسائل الإعلام لإبراز دور الأدباء والمبدعين .. ونشر وترويج الأعمال الأدبية المتميزة .. والإلحاح على المستمع بهذه الأعمال .. وكذلك انصراف الناس عن القراءة الورقية الجادة .. واتجاههم إلى القراءة الإلكترونية التي تخلق في القارىء ثقافة ( التيك أواي ) و ( التنتيش ) .. و( التلفيق ) .. يضعف الثقافة الحقيقية العميقة وامتأصلة والمؤسسة على قواعد علمية وعقلانية ثابتة .. ويؤثر بالتالي على المستويات الأدبية والإبداعية .

هل بإمكانك أن تحدثنا عن تجربتك مع المواقع الالكترونية، خبرتك في هذا المجال

عندما نقول تجربة .. فلا بد أننا نقصد التعامل مع المواقع الإلكترونية أو المنتديات والصحف بمعنى أخص .. لفترة زمنية كافية للحكم عليها .. ولذلك نستبعد الكثير من المنتديات التي لم ألبث فيها إلا قليلا وذلك لشعوري فيها بالغربة .. رغم الترحيب والتفاعل معها .. وهذه نقطة مهمة يجب أن ينتبه لها أصحاب المنتديات الذين يريدون لمنتدياتهم أن تنجح وأن تؤدي دورها الثقافي والأدبي والفكري والأخلاقي المأمول منها .. فالعضو الذي يشعر بالغربة لن يستمر طويلا .. والعكس صحيح .. ولذلك عندما يحدث تآلف حقيقي بين العضو وبين المكان الإلكتروني .. يصعب عليه مغادرته بسهوله .. ويظل يشعر بحنين للمكان .. للأصدقاء والأعداء على حد سواء .. وعندما يتم حظره أو طرده .. يحاول جاهدا العودة .. رغم وجود آلاف المنتديات والتى لاتعد ولا تحصى .. ولكن هذا هو الإنسان .

وقد كانت لي تجربتين اثنتين .. الأولى فى قهوة كتكوت .. وهو موقع ناجح جدا في جذب الشباب .. ولكن ما كان يعيبه غير الشللية ومراكز القوى واصدقاء رئيسه المسئول عنه .. والذي قام بحذف أكثر من ألف وخمسمآئة موضوع ومشاركة بعضها لم أكن احتفظ به .. مما سبب لي احباطا كبيرا .

ثم دخلت مصادفة .. إلى منتدى الأحرار .. وهو منتدى يمتلكه ضابط سعودي لكنه كان يتمتع بروح عاليه .. وقد استقر بي الحال هناك وحتى الآن أجد حنينا للكتابة فيه بين الفينة والأخرى .. رغم التغييرات الكثيرة التي طرأت على روح الكتابة فيه .. لأنني مازلت أحتفظ بصداقات وعداوات كثيرة .. تجعلني ارتبط بالمكان مهما بعدت عنه .


ثم كانت لي تجارب مماثلة مع صحف إلكترونية مثل دنيا الوطن وشباب مصر .. وكان هناك أيضا تفاعلا كبيرا .. بعضها سلبي والآخر ايجابي .

إلى انتهت بي الرحلة إلى انشاء صحيفة فضفضة .. ثم منتدى فضفضة الذي تغير بناء على رغبة الكثيرين إلى ملتقى الأدباء والمبدعين العرب .. والشىء الغريب أنني فقدت الرغبة في الكتابة في صحيفة فضفضة رغم امتلاكي لها .. في الوقت الذي كنت احلم فيه بنشر مقال في أي صحيفة اخرى .

طبعا ناهيك عن المدونات والمواقع الشخصية التي نسيت معظمها ولم اعد اكتب فيها كلمة واحدة .