أفاق على ملمس تلك المياه الباردة التي تحيط بجسده فى بطء....انتفض واقفا....نظر حوله فى رعب ، لم يكن يظن أن هذا سيحدث .... لقد بدأت السفينه فى الغرق ... كمية من المياه التى تسربت إلى غرفته تزداد رويدا رويدا من خلال فتحة الباب السفلي بكابينته...يبحث بنظره عن أمه وأبيه ، اللذين كانا خارج غرفته عندما حدث الاصطدام ... لماذا لم يأت أحدهما ليساعده ؟....
يشعر بالخوف .... باب الكابينة لاينفتح ... لابد أنه قد سد من الخارج فسد عليه طريق الخروج الوحيد ...
جعل يدق على الباب بكلتا قبضتيه .. يصرخ بأعلى صوته ... يقذف بالمقعد نحو الباب .... النافذة .... الجدران ... يرتد إليه ... يسقطه أرضا فتتساقط أنفاسه تباعا ... ينزلق فى هوة يأسه...منهكا يستند إلى الجدار ... شده النظر إليها ... رآها ...تسقط على الأرض حيث كان يخفيها، كانوا دائما يمنعونه عنها. كانوا يخشون لو ظل متعلقا بها ألا يجدوا له طائرة تناسب حجمه عندما يكبر فربما يكرههم ...
لكنه لم يكن يستمتع ... كان يلهو بها دون علمهم ، وعندما يشعر أن أحدهم سيراه ، كان يسرع في إخفائها وراء ظهره .
الأن والماء محيط ... يستطيع اللعب بها ...
ذلك اللغز الغامض الذى لم يستطع حله..متى يحق له اللعب بها ؟ استطاع حله أخيرا ...
أنقذها من الغرق ... وأمسك بها فى لهفة... أصابعه ترتعش من برد المياه... خائف ... يروح بها ويجيء ...تضرب قدماه المياه فى غضب .
يخفض يده بها لأسفل ويرفعها لأقصى إرتفاع ممكن ... لسقف الحجرة الذي لم تمسه المياه بعد ، ثم يتلقفها ... يزداد تسرب المياه يزداد الشق اتساعا ، بينما الطفل يلعب ولا يعبأ بشيء .. يحاول الحصول على كل المتعة الممكنة من اللعبة قبل النهاية .
يروح...يجيء... يقفز ... يطير ... يتعثر فى مياه بلغت صدره ...
يخشى سقوطها فى المياه فتضيع ... أصبح أكثر حرصا فى لعبه ... كان يعلم أنه لو لعب بها كثيرا سيأتيه العقاب ... كانوا يحذرونه من هذا لكنه لم يعبأ... أيأتيه العقاب الأن ؟!
يغرق ؟! ... يغرق لأنه يلعب ... ويلعب لأنه يغرق ؟!
الماء يصل إلى عنقه ... يده كلت من كثرة اللعب ... لكن الطائرة يجب ألا تدنو عن هذا المستوى مهما تعبت يداه .... الماء يصل إلى أذنيه..ثقلت يداه ... تجمدت ... وهى تطير بمهارة غير معتادة، مهارة لم يرها حتى فى خياله ...
الماء تخطى جسده وبدأ فى تطويحه . وهو لايعرف العوم ... يرفضه ... لايعرف سوى الطيران...
لن تضيع الطائره من بين يديه ... يمسك بها فى إستماتة ... يقفز لأعلى والمياه تعلو ... يقاوم بكل خياله .. يدعو الماء لدخول جسده .. يحتضن الطائرة فى شدة .... يخف وزنه ... ترفعه الطائرة ... فيحلق معها .