مـنـاقــشـة ثـريـة عـبـر مـوقـع دروب
على أثر الحوار الذي اجرته معي جريدة الزمان دار بيني وبين الاستاذ عبد القادر بنعثمان وهو أحد الأدباء المعتبرين في الجمهورية التونسية النقاش الآتي حول تجربة الكتابة وهذه المداخلة الجميلة وردت في الموقع العربي الشهير دروب، كما إنني أردت نقل ما جرى من نقاشات مستفيضة من أجل الاستفادة وتعميم المنفعة
- عبد القادر بنعثمان علق:
25 أكتوبر 2009 في الساعة 5:02 م
سلام عليك
وبعد
قرأت الحوار واستمتعت بالاجابات
وأرى أنه من الضروري لاستكمال هذا الحوار طرح الاسئلة التاليةعليك:
كنت دائما أقرأ اعمالك ولم اهتمّ بسيرتك وقد تقاجأت قليلا في التقديم بانك متحصل على ماجستير في إدارة الاعمال وهذا ملفت للانتباه ومثير للاعجاب الجديد بتجربتك الابداعية والسؤال الاول هو التالي : هل تعتبر الكتابة الابداعية جزءا من إدارة الاعمال أم هي جزء من إدارة شؤون الذات وعوالمها ؟
في كتابتك يوجد حرقة حقيقية وشجن كبير بطريقة تدل على وجود هموم في عالمك الواقعي فهل تشعر ان الابداع قادر على الانتصارعلى هموم الواقع وآلامه ام هو مصدر جديد من مصادر الآلام للكاتب ؟ كيف اخترت عالم الكتابة بعد ان تكونت علميا في الجمامعة لتكون مديرا للاعمال لا كاتبا ؟..هل يمكن الجمع بينهما دون الوقوع في تناقض؟.. وهل تشعر أن النجاح ممكن في إدارة الاعمال لانسان يتميز بنفس رقيقة حساسة تعيش أغلب أنشطتها الذهنية لصالح عالم الذهن لا عالم الواقع ؟..ما مدى فشلك الضروري في عالم الاعمال ؟…لو تتيح لك فرصة التفرغ للكتابة وترك إدارة الاعمال هل تتفرغ؟…
أحس بنبض الحياة في كتاباتك فهل هذا دليل معاناة للحياة ام دليل ذكاء صناعي واحتراف عملي في أداء الحياة؟
أرجو من سيادتكم الاجابة على أسئلتي بكثير من الراحة والصبر والتأني …
مع شكري
ومحبتي الخالصة عبد القادر بنعثمان
“خادم توجه أسئلة الابداع العالمي بتونس “
- هيثم البوسعيدي علق:
25 أكتوبر 2009 في الساعة 9:32 م
أستاذي الكريم عبد القادر أهلا وسهلا بك قرأت تعليقك على الحوار الذي أجرته معي جريدة الزمان في موقع دروب وفعلا لقد شدتني كثيرا أسئلتك التي تود بها يا عزيزي استكمال الحوار معي وانا بالفعل متحمس للاجابة عن الاسئلة الغنية والتي تحفر بعمق لمعرفة التناقض في حياتي بين خط الدراسة نحو عالم الادارة وبين حب وعشق الثقافة والادب من جانب مع أنني لا أرى تنافر بين الجانبين ولكن هناك تكامل بين دراسة الادارة وبين محبة الكتابة والتي أراها جزء من حياتي الشحصية بل هي مهمتي الكبرى في هذه الحياة..كتبت هذه الكلمات بصورة سريعة وبسبب أنشغالتي الكثيرة أرجوا منك أمهالي يوم ويومين من أجل الاجابة على أسئلتك الكريمة وأنا مستعد للتواصل معك تحياتي الكبيرة لك
- هيثم البوسعيدي علق:
26 أكتوبر 2009 في الساعة 6:05 م
السلام عليك استاذ عبد القادر اشكرك جزيلا على الاهتمام بالحوار الذي اجرته معي جريدة الزمان اللندنية واهتمامك ايضا بتجربتي الكتابية المتواضعة وقد طرحت علي في موقع دروب كتعليق على نص الحوار بعض الاسئلة وها هنا ارسل اليك أجوبة بعض الاسئلة التي طرحتها متمنيا أن تكون أجوبة شافية ووافية
الكتابة الابداعية…هل هي جزء من أدارة الاعمال أم هي جزء من أدارة شؤون الذات؟
الكتابة هي كممارسة دائما ترتبط أرتباط وثيقا بأدارة الذات والتي هي بطبيعة الحال شكل من أشكال الادارة، وقد كنت معتقدا في بداية دراستي أن ما تعلمته في مجال الادارة هو قاصر فقط على إدارة الانشطة التجارية، وهذا ما أثبتت الايام وكثرة التجارب والتعمق الواسع في دراسة الادارة عدم صحته، فالادارة حسب اعتقادي هي نظام شامل يتطرق إلى إدارة الحياة الانسانية بأكملها وبشقيها الداخلي والخارجي، وهذا يندرج تحته ما يمكن تسميته بأشكال الادارة: أدارة الذات ، أدارة السلوك، ادارة المشاعر وايضا تطبيقات الادارة الاخرى مثل ادارة الافراد وأدارة المعرفة وادارة المال وادارة العلاقات.
وبطبيعة الحال فإن الكتابة تخضع لقوانين الادارة فهي كسلوك دائم ونشاط يومي تحتاج لتنظيم وتخطيط وتوجيه واعداد جيد واسلوب واضح يستطيع من يمتلك أدواتها الفعالة من الوصول ألى اهدافه كما خطط وكما أراد فعلا، وليست الكتابة فعل عشوائي يجري بدون استراتيجية محكمة وخطة واضحة المعالم في حاضر الأيام بالنسبة لي، بمعنى آخر فأن الادارة بشتى علومها وفنونها قد ساهمت بشكل كبير في ادراك الابعاد المختلفة لفعل الكتابة ولعبت دورا في ضبط ما قد تفرضه الكتابة من سطوة في حياة الكاتب وعلاقته الشائكة بمن حوله..وحاليا فإني أعتقد بتكامل درو الكتابة مع دور الادارة حيث أنني من خلالها أسعى نحو تنفيذ أصلاح حقيقي وتغيير جذري في حياة البشرية الفردية والجماعية أينما كان الزمان وأينما كان المكان. وبهذه الحالة فإن الكتابة والادارة يسيران في اتجاه واحد ولا وجود لتنافر بينهما في حياتي أنما هي علاقة تكامل وترابط قوي.
هل تشعر أن الابداع قادر على الانتصار على وجود هموم الواقع وآلامه أم هي مصدر جديد من مصادر الآلآم الكاتب؟
الواقع بكل ما يحمله من هموم وأوجاع هو مصدر رئيس لكل ما أكتبه على الورق، وأرى في الابداع قدرة على الانتصار على هموم والالام الحياة فهو إحدى الادوات المهمة التي أستخدمها لمواجهة قسوة الحياة والتصدي لامواجها العاتية، بل أنني أصبغ الابداع بعدة صفات جميلة من أهمها أنه مصدر تنفيس ووسيلة لتفريغ الهموم ووسيلة مهمة لبث القيم المغيبة والمعاني المفقودة في حياتنا وهو منبر حر أتمكن بواسطته أطلاق صراختي لابعد مدى حتى أعبر عن حقوقي المهضومة واحلامي المسروقة، والكتابة الابداعية هي ايضا مهمة مقدسة لن أجد نتائجها الآن ولا أنتظر نتائجها بعد حين ولكنني متأكد أنني سأحصد ثمارها بعد فترات زمنية غير محددة في ظل معاناة أعيشها كأنسان أولا وككاتب ثانيا بسبب ما أواجهه من اشكال الاهمال وصور الاضطهاد ووسط تغابي أغلب من حولي عما يحمله عقلي من مشاريع ضخمة وما أبذله من تضحية ذهنية وعطاء نفسي رهيب من خلال ممارسة الكتابة.
كما أن الكتابة الابداعية أيضا شهادة تاريخية عن كل الجرائم المرتكبة بحقي وبحق من يعبث بأحلامي وبحقوقي وبأمنياتي هكذا أفسر هذا المفهوم الرائع، وأرى الكتابة الابداعية في النهاية شكل من اشكال السعادة والراحة لا مصدر للآلم والمعاناة.
كيف اخترت عالم الكتابة بعد أن تكونت علميا في الجامعة لتكون مدير أعمال لا كاتبا؟
لم أختار الكتابة بل الكتابة حاجة قدرية وأمر ملاصق لحياتي مثل الظل ولا استطيع الفرار منه فهو الهواء الذي بدونه سأفقد مسببات الوجود في هذه الحياة، أنا يا عزيزي أكتب منذ سنوات واعوام عديدة قبل أن اضع قدماي على أولى دروب حقل الادارة وحتى قبل توفر المواقع والمنتديات الادبية الالكترونية ، انما التأخر في قذف النصوص والاعمال للجمهور العربي أينما كان وجوده هو عبارة عن حالة انتظار طويلة كانت من أجل نضوج تجربتي الحياتية واستكمالا للعومل المعرفية ومرحلة كنت أقصد منها تطعيم طريقتي واسلوبي في الكتابة بالعديد من المشاهدات المتناقضة والمواقف الحية و القراءات الهائلة، ومن ثم سأستطيع بعد فترة الافصاح عن ما تحتويه خلايا عقلي من افكار وما تحتويه اوردة قلبي من عواطف جياشة….
ولا انكر حاليا أنني مشدود نحو عملية تفريغ كل الافكار والعواطف والمشاهدات والاعتقادات على الورق ربما يكون ذلك أنتقاما من الوقع الصعب وعملية احتجاج لما أراه وأسمعه وأحس به من حولي. وربما يأتي هذا أيضا لأنني أجد نفسي بين شخصين، شخص مؤهل علما ومعرفة بالإدارة وجوانبها المختلفة لكنه غير قادر على تطبيق وتنفيذ ما كان يتعلمه من مثاليات وقيم في بطون الكتب وغرف الدراسة لانه أكتشف أن الادارة مختلفه شكلا ومضمونا على أرض الواقع عما هي عليه في عوالم النظريات…وأنا أيضا أمام شخص بإستطاعته أنتاج الأفكار وبذل الغالي والنفيس في مجال ممارسة الكتابة لكن لا يجد في مجتمعه البليد من بوسعه احتضان ما تسميه انت بالتجربة الابداعية.
لو تتيح لك فرصة التفرغ للكتابة وترك إدارة الاعمال هل تتفرغ؟
بكل تأكيد وبدون تردد مستعد لذلك ولكن من يضمن لي مصدر الرزق وكما قيل في السؤال الكتابة الابداعية في العالم العربي لا تطعم خبزا.
وسأرسل لك لاحقا اجوبة الاسئلة المتبقية تحياتي الكبيرة لك
المرسل هيثم البوسعيدي
- عبد القادر بنعثمان علق:
26 أكتوبر 2009 في الساعة 11:21 م
أسعدني كثيرا تواصلك الجميل
والنبيل مع أسئلتي …
نحن في حاجة كبرى إلى التعلّم من بعضنا وإلى فهم بعض الخصوصيات في تجاربنا الابداعية المختلفة …
أذكر مرة انّي علقت على مقال لك بالتنويه والتعبير عن الاعجاب فشعرت أنت بأن في التعليق بعض المجاملة والاطراء..
والحقيقة أنني لا أجامل رغم إعتقادي بأهمية احترام كتابة ومشاعر الآخرين وانتقاء الالفاظ الأحسن والألطف لهم ..وعندما اقرأ نصا ولايعجبني ففي الغالب الاعمّ أمرّ عليه مرور الكرام …
إن تجارب الكتابة في العالم العربي والاسلامي مازالت مرتبطة بداوفع ساذجة وهشة وقليل من الكتاب من لهم همّة عالية ومطامح إنسانية كبرى …
وما لمسته في كتابتك من صدق في المشاعر وغيرة على قضايا الامة ومصيرها ومعاناة لحقائق الوجود واسراره وتناقضاته وصفاء جملتك وخفة روحها وحرارتها هو الذي يجعلني أتوقف عند ما تكتب لأني مسكون في قراءتي دائما بالبحث عن المستقبل وعن الرجال الكبار الذين مازلوا يتشكلون في لهيب مآسينا المعاصرة وهم الذين على عاتقهم تبنى القيم وتشرق معانيها عاليا ..تفاجأت وسررت أن تكون من المختصين في الاعمال لان الجرح الأكبر لثقافتنا هي أن يتولى شأنها الاعظم أهل الالفاظ والاقوال من لا يعرفون من الدنيا غير الاوهام …
ومن نوافل القول عندي أنّ من لم يجرب مجاهدة الدنيا في تفاصيلها وهمومها وعجائب اهلها تجريبا يطلب منه الفعل في الواقع والعمل على معالجة امراضه وخزائن أخطائه لا يمكن له أن يطلب فهم الحقائق والتمتع بمكاشفة الاسرار وملاعبة الاقدار ومشاهدة ما يغيب عن الانظار …
فعلا وجدت نفسي في حاجة لأفهم منك بعض الاسرار الجديدة للعملية الابداعية في عالم عربي يخطف الانسان من روحه وقيمه وإذا ما دخل الانسان طريق المال جعل منه المال وحشا كاسرا وقتل فيه الانسان كشرط أولي للنجاح
ومن يستطيع ان يتجاوز هذه المحنة ..محنة قتل الانسان فيه من طرف الكل ..هذاالانسان الذي سيدخل بحر الجبن العربي فيخرج منه باصرار أكبر على الشجاعة ..ويدخل مدارس الذل والمهانة والضعف في قومه قيخرج منها أكثر عزة وقوة ..ويدخل مصانع الجهل والانحطاط فيخرج منها أكبر علما ورفعة ..ويدخل صحاري الاستعباد وابتذال الانسان فيخرج منها عاصفة من الحرية والقيمة…هذا وحده من الكل عليه أن يعرف ان قدره أن يكون إنسانا حقيقيا وعليه ان يتحمل المسؤولية كاملة فلا يقنع بفتات الوجود وسرابه وان يطمح إلى ما هو أعلى وأبعد
وإني أرى في كتابتك هذا الانسان
وأرى أن كتابتك بامكانها أن تفيد الانسان بشكل أكبر
وان لاتقف عند حدّ
لذلك سأنتظر قراءة الأفضل في كل مرّة
وانتظر باقي الاجابات
بعد ان أسعدني منها قرأت
مع شكري
ومحبتي الخالصة
عبد القادر بنعثمان
“خادم توجه أسئلة الابداع العالمي بتونسّ
- هيثم البوسعيدي علق:
27 أكتوبر 2009 في الساعة 8:07 م
أهلا وسهلا أشكرك جزيلا أستاذنا الفاضل على التعليقات الرائعة التي كانت تسلط الضوء على تجربتي المتواضعة في عالمي الكتابة والادارة في موقع دروب كرد للحوار الذي اجرته معي صحيفة الزمان اللندنية، وإليك الاجابات عن بعض الأسئلة التي طرحتها سابقا:
هل تعتبر ان النجاح ممكن في ادارة الاعمال لانسان يتميز بنفس رقيقة حساسة تعيش أغلب انشطتها الذهنية لصالح عالم الذهن لا عالم الواقع؟
اصارحك بالحقيقة كل ما تعلمته من مبادئ عليا وتجارب وهمية في عالم الادارة الواسع ما زالت محبوسة في عوالم التنظير ومحصورة بين جدران الذاكرة، ولم تتح لي فرصة التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع، وهذا ما أجده ايضا في عالم الكتابة المكتض بعشرات الاحلام والامنيات والتي أطمح أصلا من خلالها إلى تنمية الثقافة وتطوير الادب.
أصارحك أيضا أن غرقي في بحور الكتابة وانسيابية الحروف والكلمات والأفكار كما وصفتها في تعليقك جاءت في الوقت الحاضر كردة فعل للمفاجأت التي صنعتها الاحداث والمواقف والظروف المتعلقة أساسا بعالم الواقع وما يحمله من خفايا.
أعترف لك أيضا أنني ضحية مناهج التعليم الغبية في بلداننا ورغم ذلك فإنني حاليا لا أجد تعارضا ما بين الكتابة والادارة لانني طوعت العالمين الكبيرين نحو أهداف أسمى وغايات أنبل إلا وهي القضايا والمفاهيم المتعلقة بالأصلاح والتغيير والنهوض التي تشمل الفرد والأسرة والمجتمع والوطن والأمة، ولأنني أيضا مؤمن بهذه القضايا وأعيشها لحظة بلحظة في عالم الذهن على الرغم من صعوبة تحررها من قلاع الخيال وحصون الأوهام.
ومما لاشك فيه أنني سأواجه مصاعب كثيرة وتحديات عديدة في حالة لو أعطيت فرصة التنفيذ والتطبيق لاحلام الكتابة ومشاريع الادارة، ولكن حتى هذه الفرصة تم اغتيالها في المهد وتم قمع كل المشاريع والمخططات المنتمية إلى هذا العامل وهذا بفضل ما يحمله الواقع من غرائب وتناقضات.
هل يمكن الجمع بين الادارة والكتابة بدون الوقوع في تناقض؟
لا يمكن أن أقع في تناقض بين الامرين لان منطلقات الكتابة وأسس الادارة هي واحدة ومتطابقة في مخيلتي، وهذا يأتي نتيجة إيماني القوي بوجود جملة من صور التشابه وأوجه الانسجام بين الأدارة والكتابة، وكما قلت سابقا لو قدمت لي الفرصة المناسبة ستكون الادارة هي المأوى لكل الافكار والمشاريع التي خطتها أصابعي على الورق، ولكن أعود وأكرر لك أن حروبي في هذه الحياة منشأها الصراع الدائر بين عالم الواقع وعالم المثاليات وعالم الفضيلة وعالم آخر يمتلأ بأشكال الشر وصور الفساد ومسببات الباطل.
أحس بنبض الحياة في كتاباتك فهل هذا دليل معاناة للحياة أم دليل ذكاء صناعي واحتراف عملي في أداء الحياة؟
لا أنكر يا عزيزي أن الواقع قادني نحو اختراع عشرات الاسئلة ومئات الافكار بل ساعدني في استكشاف الحياة ووجهني نحو التأمل الدقيق في كل ما يحيط بي، ولكن الكتابات الحية ليست وليدة المعاناة والألم فقط أنما هي نتيجة امتزاج التجربة الحياتية مع حفنة من المهارات والقدرات والخبرات المكتسبة أضافة الى ذلك صبري الكبير في اعطاء الكتابة مساحة واسعة من تفكيري وكمية هائلة من عواطفي، وهذا بحد ذاته يمثل ما يمكن تسميته بتوظيف واقع الحياة لصالح القيم والمبادئ والافكار القابعة في النفس البشرية لتنصهر كل تلك العناصر والعوامل على شكل كتابات نابضة بالحياة ولدت وهي تحمل في أعماقها بذور البقاء والاستمراية.
وكم مررت بأحاسيس مؤلمة وافكار مزعجة لم تعد تراودني الآن حينما أجد مشاريعي الضخمه واحلامي العظيمة في عالم الكتابة تسلك طريقا نحو الاهمال والتهميش والتجاهل ممن يعيش حولك وهم في حقيقة الأمر لا يدركون بعقولهم اللاواعية وقلوبهم المغيبة ما اقصده في نصوصي، هذا بحد ذاته أعطى كتاباتي بعد آخر ونظرة جديدة وهو أن ما اكتبه ليس لهؤلاء الذين يتعاملون اليوم مع الحياة بسذاجة وغباء مضحك.
ومن جانب آخر تجربة الحياة تجربة ممتعة وغنية لا اتعامل معها اليوم كما يتعامل معها البعض ببلادة وعدم أهتمام بكل دقائقها وثوانيها وبكل ما فيها من اختلافات وتناقضات بل هي في نظري جزء يسير من رحلة أكبر في هذا الكون الهائل وصحيح أنني حتى اللحظة لم أحقق أي انجاز على صعيد المادة والجانب الحسي ولكنني قطعت أشواط كبيرة في مجالات التفكير والتأمل وهذا أفتخر واعتز به كثيرا .
واما أفعله في كتاباتي ليس تمثيل فقط لما يحدث في الحياة وإلا ما الفرق بيني وبين بقية الكتاب الذين مروا بتجارب قاسية مع واقع الحياة، أنما أحد الاسباب التي أدت لوجود مثل هذا النوع من الكتابات ذات النكهة الخاصة واللمسة السحرية هو أصراري على التمرد والتميز والتفرد عن باقي البشر ومحافظتي على ثنائية ” الحياة والموت” وإيماني بأن وجودي في هذه الحياة لم يكن صدفة ولن يكون عبثا ولن اعيش على هامش الحياة كبقية البشر، لذا فكتاباتي في النهاية أعتبرها شكل آخر من أشكال التعامل مع مجريات الحياة وما ادونه هو عبارة عن شد وجذب ومد وجزر في الخريطة الذهنية لإنسان رسم لنفسه طريق واضح وأسلوب جديد لمعايشة ما يراه ويسمع به ويحس به في هذا الجزء البسيط من الحياة.