السلام عليكم
لماذا الفكر ولماذا السلوك؟وهل هناك ارتباط بينهما؟وهل فعلا الفكر الموضوعي يؤدي لسلوك منطقي؟
يقول الدكتور يا سين بن علي:
الفكر لا يضبط سلوك الإنسان ولا يكيفه إلا إذا تحوّل إلى مفهوم. وبعبارة أخرى، فإن أحكام الإنسان على الواقع لا تتحوّل إلى سلوك ولا تمارس عمليا إلا إذا أصبحت مفاهيم لدى الإنسان. [1]
مادام الفكر لا يترجم لسلوك إلا لو صار مفهوما حسب قول الدكتور يا سين ,كيف يتحول الفكر لمفهوم هنا ثم يترجم لسلوك؟لأننا هنا يمكننا تحديد مدى هضم صاحب الفكر للأفكار التي يتبناها .يقول الدكتور هنا:
وتتحوّل الأفكار إلى مفاهيم إذا أدرك معناها. وإدراك المعنى يراد به إدراك الواقع المحكوم عليه، وانطباق الحكم على الواقع ثم التصديق بذلك. فإذا ما تمّ هذا، تمّ تحوّل الفكر إلى مفهوم محدّد للسلوك. وما لم يتحول الفكر إلى مفهوم فإنه لا قيمة عملية له، لأنّه لا يؤثر في السلوك، ولا يوجد في الحياة، ولا يمارس، وإنما يبقى فكرا حبيسا في الذهن، ونظرية فلسفية تأملية لا علاقة لها بالواقع المعاش.[2]
هنا نوافق الدكتور فيما وصل إليه من قناعة مبينا باختصار ما يرمي إليه :
1- إذا لم يتحول الفكر إلى مفهوم فإنه لا يؤثر في السلوك.
2- قد يكون الفكر في حدّ ذاته راقيا، إلا أنه غير منسجم مع مقياس الأعمال أو وجهة النظر في الحياة مما يجعله غير قابل للتطبيق.
3- إنّ أعمال الإنسان مرتبطة بما يتلقاه الإنسان عليها من ثواب وعقاب.
4-إنّ مما يحدث القطيعة بين الفكر والسلوك أو بين النظرية والممارسة عدم قابلية الفكرة نفسها للتطبيق.[3]
هل يلعب هنا عامل الحافز دورا حيويا في الربط بين الفكر والسلوك هنا؟ والذي تتحدد معالمه بعناصر: الانتماء والإنجاز والنفوذ؟
يمكننا أن نقول مبدئيا نعم لأن الفكرة ككل مرتبطة بعامل الانتماء للمجتمع الذي سيقيم هذا السلوك, والإنجاز الذي سيبلوره, والنفوذ الذي سيجعله مستمرا قويا.[4]
هنا يعلب دور النظرة الذاتية لكل فرد هامة في تقييم وتقدير النفس ودفعها للأمام قبل انتظار تشجيعها من الأطراف الأخرى:
تقول حول هذه النقطة الأستاذة وفاء الزاغة:
تقول الاستاذة زفاء الزاغة:
للنظرة الذاتية عامل أو سلاح ذو حدين . فالطريقة التي ترى بها نفسك والصورة التي في ذهنك عن نفسك لها أكبر الأثر . قال د . ماكسويل مولتز : أن النظرة الذاتية هي المفتاح لشخصية الإنسان وسلوكه فإذا قمت بتغيير النظرة الذاتية فإنك ستغير الشخصية والسلوك . وقال أيضا إن كل تصرفاتك وإحساساتك وسلوكك وحتى قدراتك دائما ما تكون طبقا لنظرتك الذاتية .[5]
***************
من جهة أخرى:
ماذا يمكننا أن نضيف هنا بعد كل هذه الجولة من خلال الحياة العملية وشرائح المجتمع وسلوكها الظاهر بيننا؟
هل فعلا الحياة الفكرية تشكل هذه المعادلة:
مبدأ +هدف=سلوك يدل عليه
و ربما لا يمكن اكتشاف تلك المعادلة إلا بمعرفة عناصر الشخصية كما سلف يترجمها سلوكه و الذي يكشفه الاحتكاك به عن قرب...من خلال مواقف توحي بذلك حتى لو تخفى بمائة ثوب وثوب..
فكم من مظهر حضاري أخفى سلوك غير حضاري..فلا يغرنك ما ترى وتسمع...
ذلك أن المرء الذي يدعي السلوك الحضاري مثلا في زمننا شقين:متقولب وغير متقولب:
فالأول حدد مساره مسبقا بشهادة مثلا ..مال مظهر حديث..وحوار دافئ يغطيه..لكن هذا المظهر ذاته قد يكون بطريقة بناءة إيجابية متطورة دوما للأفضل لأن الهدف المنوط به سام فعال سيترك بصمة تاريخية كما يريد ويبغي..
هنا بات الأمر أوضح والهدف أغلى وأفضل..
قد تشكل تلك الأمور فجوة حقيقية لأن تلك النخبة التي امتلكت ناصية الأدوات الهامة للعطاء ستجد نفسها وحيدة في مجتمع قد لا يفهم إيجابيتها جيدا وقد لا تجد تلك الشخصية القرين المناسب لها ليزيد اندفاعها للعمل من جديد..
هؤلاء ينقسمون لقسمين كذلك منهم من يعمل من خارج الوطن ومنهم داخله ذلك لأن جهود أولئك فردية خالصة في العالم المتقهقر الذي لا يعبأ بتلك المواهب والطاقات الفعالة..تتركه نهب عمله الخاص بلا دعم ولا دفع..لأن مجتمعها كهذا يعمل على المحسوبية لا على الاستحقاق ...
بالمقابل هناك من لم يجد أدوات موضوعية وهامة ترفد مسيرته..يعيش حياة مهمشة لا تعي إمكاناته تدفنها قبل أن تولد غما بالحد من طموحه الدراسي بعمل إجباري لدعم الأسرة ماديا أو بزواج كمصير الكائن البشري الحيواني الذي يعيش عاديا جدا: يأكل يشرب يتزوج يعمل يموت...
لا يوجد إنسان على وجه البسيطة لا يملك مواهب أبدا..لكن هناك من وعاها فترك المحبطين وسعى لتحقيقها بوعيه الخاص ومنهم من رضي بحاله فمات على ذلك..
كيف ستكون معادلتها الآن ومن جديد بعد هذه المعطيات؟
سلوك + وعي =نجاح
والعكس صحيح..
***************
إذن منطقيا هناك فكرة الإرجاء المحبطة والمهدمة وربما سبب هذا انفصال حقيقي مابين الفكر والسلوك :
يتساءل الأستاذ إبراهيم أباظة:
لماذا يحصل هذا الانفصام بين الفكر والسلوك؟
قد يكون هذا لعدم اقتناع صاحب الفكرة بها وإنما يرددها لاعتبارات أخرى.
وقد يكون صاحب الفكرة مقتنعاً بها، بل موقناً بها، ولكن ليس عنده الحب والعزم والإرادة التي تهون عليه المشاق وتذلل له الصعاب فتبقى الفكرة حبيسة الألفاظ ولا يحاول صاحبها أن يجد لها واقعاً عملياً.
وهذا الكلام ينطبق على ظاهرة تخلف السلوك عن الفكر في أي قضية تمس الإنسان سواء كانت حقاً أو باطلاً. [6]
[1] انظر الرابط:
القطيعة بين الفكر والسلوك
[2] انظر الرابط:
القطيعة بين الفكر والسلوك
[3] المصدر السابق نفسه.
[4] للمزيد عن الحافز:
http://www.omferas.com/vb/t38432/
[5] للمزيد:
http://www.omferas.com/vb/t38188/
[6]
تابع النص التالي:
:: الانفصام بين الفكر والسلوك :: وظاهرة الارجاء ::
24-5-2012