اشكاليه الاصاله والمعاصره فى الفكرالاسلامى
د.صبري محمد خليل/ استاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم sabri.khalil@hotmail.com
ترتبط مشكلة الاصاله والمعاصره بالمشكلة (الحضارية) اى مشكلة كيفية تحقيق التقدم الحضاري في المجتمعات المسلمة؟ و هناك ثلاثة مواقف من هذه المشكله.
الموقف الأول: القبول المطلق (التقليد): يقوم على تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة يكون بالعودة إلى الماضي ، والعزلة عن المجتمعات المعاصرة، وبمنظور علم أصول الفقه هو موقف يقوم على الوقوف عند أصول الدين وفروعه.
و التَّقْلِيدِ بالاصطلاح الشرعى قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ بِلَا حُجَّةٍ يَذْكُرُهَا ( شرح المحلي على الورقات(. وقد ذم القران التقليد (واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه اباءنا)(لقمان:21). كما نهى عنه الائمه :
يقول الامام ابو حنيفه(حرام على من لم يعرف دليلى ان يفتى بكلامى، فاننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا( ابن عبد البر، فى فضائل الائمه والفقهاء، ص145 ).
ويقول الامام الشافعى( من استبان له سنه الرسول لم يحل له ان يدعها لقول احد) ( ابن القيم، اعلام الموقعين، ج2 ، ص361 ).
ويقول الامام احمد بن حنبل( لا تقلدونى ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعى ولا الثورى، وخذوا من حيث اخذوا) (ابن القيم اعلام الموقعين،ج2، ص302).
ويقول الامام مالك بن انس( ليس لاحد بعد النبى الايؤخذ قوله ويترك) (بن عبد البر، الجامع،ص112).
الموقف الثاني: القبول المطلق (التغريب): يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة لا يمكن أن يتم إلا باجتثاث الجذور ، وتبني قيم المجتمعات الغربية. في منظور علم أصول الفقه يقوم على تبني قيم حضارة أخرى تناقض أصول الدين وفروعه (وقد لا يعي أصحاب هذا الموقف بهذا التناقض). فهو موقف يقوم على الرفض المطلق من هذه الجهة. ومن جهة أخرى يقوم على القبول المطلق لإسهامات المجتمعات الغربية .
الموقف الثالث: الموقف النقدي (التجديد): يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري يتم باستيعاب ما لا يناقض أصول الإسلام التي تمثل الهيكل الحضاري للمجتمعات المسلمة ، سواء كانت من إبداع المسلمين ، أو إسهامات المجتمعات المعاصرة الأخرى.
والتجديد لغه اعاده الشىء الى سيرته الاولى (جدد الثوب تجديدا: صيره جديدا. وتجدد الشىء تجددا: صار جديدا، تقول: جدده فتجدد وأجده أى الثوب وجدده واستجده: صيره، أو لبسه جديدا فتجدد. والجديد نقيض البلى والخلق. (لسان العرب 3/111، الصحاح للجوهرى 2/454)
اما التجديد فى الاصطلاح الشرعى فهو اجتهاد فى فروع الدين المتغيره مقيد (محدود) باصوله الثابته قال (ص) "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (سنن أبى داود، كتاب الملاحم، باب ما يذكر فى قرن المائة ح رقم 3740 والحاكم فى المستدرك 4/522)
عرف العلماء التجديد فى الحديث(بإحياء ما اندرس من معالم الدين، وانطمس من أحكام الشريعة وما ذهب من السنن، وخفى من العلوم الظاهرة والباطنة)(فيض القدير 1/ 10- 2/282.).
كما عرفوا المجدد بانه من (له حنكة رد المتشابهات إلى المحكمات، وقوة استنباط الحقائق والدقائق والنظريات من نصوص الفرقان وإشاراته ودلالاته) (فيض القدير 1/10، عون المعبود 11/389،391 ). و التجديد الوارد فى الحديث هو تجديد لفروع الدين(التى مصدرها النصوص الظنيه الورود والدلاله) مقيدا باصوله(التى مصدرها النصوص اليقينيه الورود القطعيه الدلاله) . ويترتب على هذا ان التجديد المذكور فى الحديث لا ينطبق على الوقوف عند أصول الدين وفروعه(التقليد)، ولا رفض أصول الدين وفروعه (التغريب).