رزان تفضح وجه اسرائيل التي تمارس الكذب والقتل/ مصطفى ابراهيم
2/6/2018
“بسبب الظروف موقفة الدراسة”. هكذا قالت رزان النجار قبل إستشهادها، الشابة التي لم تكمل حلمها بالتعليم بسبب ظروف عائلتها المادية الصعبة، رزان الشهيدة الحية كغزة الشهيدة الحية، تعاني الفقر وابنة الحصار وتربت في الإنقسام.
رزان استهدفت بنيران قناص إسرائيلي في جيش القتل الإسرائيلي أثناء تأدية واجبها الإنساني، في شريط فيديو مسجل لها قبل استشهادها تتحدث رزان فيه عن حياتها وطبيعة عملها كمتطوعة مسعفة في لجان الرعاية الصحية لإسعاف الجرحى في مسيرات العودة الكبرى.
غزة تقاوم سلمياً وشعبياً منذ ٦٠ يوماً، وتدفع ثمن حريتها خيرة بناتها وأبنائها وحلم الحق في العودة وكسر الحصار المفروض منذ ١٢ عاماً، ولم يشفع استشهاد ١٢٠ فلسطينياً وفلسطينية وإصابة الالاف لم تكن آخرهم رزان، لأهل غزة كي تتراجع القيادة الفلسطينية عن قراراتها الظالمة وفرضها عقوبات على ٢ مليون فلسطيني في غزة منذ ١٤ شهراً.
رزان واحدة من الـ ٢ مليون يعانون الحصار والفقر والبطالة وانعدام الأمل وغياب الأفق في مستقبل أفضل ويساهم الجميع في قتل كل شيئ جميل، وجاءت فكرة مسيرات العودة وكسر الحصار والنضال السلمي الشعبي لتعزز فكرة الوحدة الوطنية والهوية والمصير المشترك.
وقدرة الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم على متابعة النضال ومقاومة الاحتلال، واحييت فكرة الحق في العودة، واستطاعت اختراق جدار الصمت والقدرة على اتباع وسائل متعددة للنضال والمقاومة السلمية والشعبية خاصة في غزة التي اختزلت فكرة ووسيلة المقاومة المسلحة، وغياب الاجماع الوطني حولها في ظل غياب موازين القوى.
والقوى الدولية المؤثرة خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي شريك في الجريمة ويرى بعين واحدة ويساوي المقاومة الفلسطينية بالجرائم الاسرائيلية، وعلى الرغم من مسيرات العودة ووحدة غزة الا انها لم تستطع حتى الان اختراق جدار الانقسام والوحدة الحقيقية على أسس الشراكة.
وفِي ظل كل ذلك وما تعيشه القضية الفلسطينية من مؤامرات وصفقة القرن وما تحيكه الولايات المتحدة لتصفية القضية الفلسطينية والسياسات الاسرائيلية العدوانية، وما يعانيه الفلسطينيون من فرقة وتيه واستفراد بهم في ظل ضعف وهوان وعجز عربي متخاذل، ومجتمع دولي متوطئ ومتآمر، وما يعيشه قطاع غزة من أوضاع إنسانية مأساوية كارثية ومحاولات إسرائيل فصل القطاع والضفة والتركيز على الوضع الإنساني وكأنهم تناسوا متعمدين أن القضية سياسية.
الإسبوع الماضي بحث وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي خلال إجتماعهم في بروكسيل، الوضع المأسوي في غزة، وقالت مفوضية الشؤون الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغيريني، إن الاتحاد يعمل مع النروج من أجل إيصال معونات العاجلة للقطاع، وجاء ذلك في ظل تصاعد حديث التسهيلات الانسانية لقطاع غزة وكذبة قرب فكفكة الحصار الاسرائيلي، وحل مشكلات غزة عن طريق وساطات مصرية وقطرية ودولية.
والحديث عن عقد مؤتمر دولي في القاهرة على شاكلة مؤتمر واشنطن والنروج وبلجيكا ومؤتمر اعادة إعمار قطاع غزة في القاهرة في العام ٢٠١٤ على اثر العدوان الإسرائيلي، وكل ما يتناوله الإعلام وما يقال عن مبادرات لحل ازمة غزة الانسانية.
كل ذلك مجرد أفكار لحل مشاكل غزة لكنها لم تنضج بعد ولم تلبي طموح الفلسطينيين برفع الحصار، وهي ستكون كتلك المبادرات الكثيرة والتي أفشلتها اسرائيل وفشل المجتمع الدولي خاصة الإتحاد الأوروبي في الضغط على إسرائيل لتنفيذها ورفع الحصار عن غزة. أليس الإتحاد الأوروبي شريك في الحصار وأحد أعضاء اللجنة الرباعية وشروطها الظالمة على قطاع غزة؟
في إسرائيل يقولون حان الوقت للصحوة ولبناء الاستراتيجية تجاه غزة واذا استمر الامر على ما هو عليه في غزة، سننجر الى حملة عسكرية واسعة، حتى لو لم يكن الطرفان معنيان بها تماما، وسبب ذلك هو التجاهل الاسرائيلي للواقع الناشيء في غزة في الـ ١٢ سنة الاخيرة، والأمل بأن تعترف اسرائيل أخيرا بعدم جدوى سياسة الحصار وأن لا ترى فيها ذخر هام ثمنه باهظ جدا، المضي في طريق اعمار غزة وانتعاشها الاقتصادي كفيل بتخفيض التوتر وعقلنة حماس حرصا منها على الا تفقد هذه المكتسبات في حال الاشتعال العسكري.
اسرائيل تتملص من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية عن الحصار والقتل اليومي التي ترتكبه في قطاع غزة وتحاول ان تحميل المسؤولية للمجتمع الدولي لحل ازمة غزة إنسانياً، وتدعي انها امام منعطف كبير والقول ان غزه تعاني وحماس في ضائقه ولا يمكن ضبط الوضع باستخدام الردع والانفجار سيحدث ان لم نقدم حلول وان ثمة حلول بعيده واُخرى قصيره.
ووفقا لما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلي أن الكل في اسرائيل بات مقتنعا أن الوضع في القطاع اصعب من الاحتمال، ومن شأنه ان يدفع حماس الى مواجهة عسكرية مع اسرائيل كمخرج أخير من فشلها المتواصل في ادارة الحياة فيه.
اسرائيل تمارس الكذب كما تمارس القتل، والتحذيرات من المستوى الأمني حول قرب انفجار غزة مستمرة منذ سنوات، والاسبوع الماضي بعد المواجهة العسكرية التي وقعت الثلاثاء بين فصائل المقاومة واسرائيل التي كشفت عن ازمتها الاخلاقية ومحاولتها اجهاض فكرة المقاومة السلمية الشعبية المتمثّلة في مسيرات العودة.
أكدت وفقا لمسؤول كبير في الجيش الاسرائيلي أنها: “اجمعت المنظومة الأمنية بتوصية المستوى السياسي بتقديم حلول وتسهيلات لغزه من بين ذلك ادخال عمال للعمل، ونحن امام منعطف كبير غزه تعاني وحماس في ضائقه، ولا يمكن ضبط الوضع باستخدام الردع والانفجار سيحدث ان لم نقدم حلول وان ثمة حلول بعيده واُخرى قصيره”.
صحيح أن اوضاع غزة كارثية وتعاني من تلوث المياه، وانقطاع الكهرباء المستمر، والمجاري وعملية الإعمار بطيئة وشبه متوقفة في غزة، والفقر والبطالة، الا ان الجميع شريك في مأساة غزة، السلطة بتعنتها والتمترس خلف تمكين الحكومة في القطاع وكأن أزمة القضية الفلسطينية هي غزة وحدها على أهميتها وخطورة أوضاعها الإنسانية.
وزادت السلطة الطين بلة بفرض العقوبات على قطاع غزة وتدهورت أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية صورة دراماتيكية. والمجتمع الدولي شريك في ذلك ويمارس الكذب والنفاق والتواطئ مع اسرائيل والصمت على الجرائم التي ترتكبها، والجميع وفِي مقدمتهم إسرائيل وما يقومون به هو خداع وكذب ومجرد تسهيلات إنسانية لحل ازمة اسرائيل وتمرير صفقة القرن.