قصرٌ .. وعاشقان ..!
قصة : مهنا أبو سلطان ..!!!
كانت .. تحلم بالفارس الأبيض الذي سيأتي .. على حصانٍ أسود ...
ولم تكن (ياسمين) -وهذا اسمها- تنتمي للمجتمع المخملي .. بل لمجتمع (الخيش) .. والخِرَق المتهرئة .. لكنها كانت جميلةً جداً ...
عبدالجبار .. أحد اللصوص الكبار (لص دولة) .. سرقاته بملايين الدراهم .. عن طرقٍ متعددة .. رشاوى .. محسوبيات .. اختلاسات تُسجل تحت بنودٍ مختلفة ..!
رآها .. سال لعاب قلبه عليها .. اشتهاها .. أحبها .. أرادها زوجةً له .. بأي ثمن .
وكان متأكداً أنها لن تقبل بلص .. لاسيما وأنها وأهل القرية جميعاً يعرفون ماضيه الأسود ..
وحاضرَه الانحرافي ..
خطرت له فكرةٌ جهنمية ... نفذها على الفور ...
كانت تتسوق الخضار من السوق الذي يبعد عن بيتها كثيراً .. ويقع على الطرف الغربي للقرية ..!
كان يراقب كل حركةٍ تأتي بها .. متربصاً ..
بعد أن أنهت مهمتها التسوقية .. وحملت ما ابتاعته .. وابتعدت قليلاً عن السوق .. اقترب منها .. وفي لحظات .. كانت تستغيث حين أردفها خلفه على فرسه الأصيلة .. بعد أن خطفها بسرعة البرق ،،، أخذها إلى قصره الشامخ فوق قمة الجبل ... حيث لا يستطيع أحدٌ الوصول بسهولة .. فهو اختار تلك القمة لإقامته حيث البعد عن أعين المتطفلين .. وعيون الدولة .. وكي يكون في مأمنٍ من أن يأخذه أحدٌ على حين غِرة ...!
باسل .. شاب مؤدب ووسيم .. شجاعٌ غيورٌ .. وحر ..
يعمل بائعاً في إحدى المتاجر .. بالكاد يحصل على قوت يومه ...
ما إن علم بحادثة اختطاف الفتاة ياسمين الجميلة حتى انتابه غضبٌ شديد .. وقلقٌ أشدّ .. كان مغرماً بياسمين حد الموت .. يعشقها كما لو كانت ملاكاً .. وكانت تبادله حباً بحب أكبر .. وغراماً بغرامٍ أشد ..
حاول الصعود إلى الجبل لإنقاذها .. فنهاه أهله وأصدقاؤه .. فالموت يكمن في تلك القمّة ..
وحول القصر حراسٌ يكرهون الخليقة .. يحبون القتل كما يحب أهل الهند البهارات .. ويكرهون الحياة كما يكره العرب بعضهم بعضاً ..
ولكن .. هل ... يستجيب لتحذير الأهل والأصدقاء ؟ فهذه ياسمين حبيبة الروح .. ومهجة الفؤاد ..
دخل في صراعٍ نفسيٍ ذاتي .. هل يُقدِم على اقتحام الجبل .. أم يتريث ويفكر ويخطط ؟؟
استقر رأيه على التخطيط السليم .. وانتهاز الفرصة السانحة ..
ظل على مدى شهرين ، يراقب القصر .. ويتحين الفرصة .. يجب إنقاذ ياسمين ..
وأخيراً .. وبينما هو يراقب القصر كعادته.. رأى خلو الجبل من الحراس .. إلا من اثنين فقط .. يقفان على البوابة الرئيسية .. ممتشقين سيفين مصقولين .. لا يهم (قال في نفسه) .. سأتسلق السور ..
امتشق سيفه الصقيل .. ودار حول القصر .. حتى اختفى عن ناظري الحارسين .. ثم تسلق السور الخلفي .. هاله ما رأى من العز والثراء الواضح على كل شبرٍ في القصر المنيف .. والحديقة الممتدة حوله ... وبركة الماء التي تتوسطها ..!
قفز إلى داخل القصر .. ولم يكن يتوقع أن قفزته تلك ، تُحدث جَلَبةً بحيث يسمعها ذلك اللص الجبار (عبدالجبار) .. حيث كان شباك غرفة نومه فوق المكان الذي قفز فيه باسل ..
تسلل اللص من مخدعه إلى الحديقة .. حيث التقيا وجهاً لوجه ..
دارت بينهما معركةٌ حامية .. بالسيوف .. حتى كاد باسل يجهز على اللص .. لولا ظهور ياسمين في الوقت المناسب .. فصرخت قائلةً : توقفا ...
وقف المتعاركان .. نظر كل منهما نحو ياسمين .. كان بادياً على وجهها الحبور والفرح .. فقال باسل في نفسه ..: (كم أنا سعيد .. إذ رسمت على محياها ابتسامةً .. كم من الوقت انْتَظَرَتْ هذه الحسناء من ينقذها ..كم أذاقها هذا الوغد من الذل والهوان يا ترى ؟! .. سأخلصها من هذا اللص الغادر .. وأفوز بقلبها الناصع الكبير ..) ..
أفاق من أحلامه على صوتها المنغَم :
ـ أيها البطل .. ماذا أتى بك ؟ ..
ـ جئت لإنقاذك من هذا الوغد ...!
ـ هل حسبت مغامرتك هذه بالشكل الصحيح ؟؟!
ـ نعم بالطبع ..!
ـ قل لي .. هل لديك قصرٌ.. وأموالٌ طائلةٌ .. وبركة ماء .. وحديقةٌ .. وخدمٌ ؟؟
ـ لا ...
رمقته من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه .. ثم قالت له :
ـ هيا اغرب عن وجهي .. وسأبعث لك شيئاً من المال بدل ما بذلته من جهدٍ ليس في محله ..!
عقدت الدهشة لسانه .. ثم .. رحل مطأطيء الرأس .. دامي العينين .. تكتسحه الخيبة ويأكله الألم .. تاركاً خلفه .. صخب زوجين يقهقهان ........ وجثة حلم ..!