الشعب يريد تحرير فلسطين
د. فايز أبو شمالة
صغرت أحلام بعض السياسيين الفلسطينيين، وضيقوا على أنفسكم متسعاً، ونطقوا بشعارات انتهى مفعولها من لحظة سقوط الطاغية حسني مبارك، وعلى سبيل المثال؛ ما الداعي لأن يرفع البعض شعار: الشعب يريد إنهاء الانقسام!؟. وما معنى هذا الكلام الذي فقد مضمونه تحت هدير جماهير الشعب العربي في ميدان التحرير، وهي تدوس على الراعي والضامن والمحرك والحامي لنهج المفاوضات.
سأشرح لبعض القيادات الفلسطينية التي ترفض أن تتفهم المتغيرات، سأشرح لهم كيف انتهى الانقسام عملياً مجرد سقوط الطاغية مبارك، ولاسيما جميعكم يعرف أن أسباب الانقسام في الساحة الفلسطينية ترجع لأسباب سياسية، وليس لمواقف شخصية، أي أن السياسة هي التي شقت الساحة الفلسطينية إلى معسكرين: المعسكر الذي يؤيد المفاوضات طريقاً وحيداً لحل القضية الفلسطينية، ومارس التفاوض عملياً ثمانية عشر عاماً، والمعسكر المقاوم؛ الذي يرفض الاعتراف بدولة الغاصبين الصهاينة، ويصر على المقاومة، والإعداد لها.
من يحسن قراءة المتغيرات السياسية يدرك أن الانقسام قد انتهى عملياً مع نهاية نظام حكم مبارك، وسقوط ورقة المصالحة المصرية في مياه النيل المتدفق، إذ لم يعد في الساحة الفلسطينية إلا معسكر واحد، وهو المعسكر الذي يرفض المفاوضات العبثية مع الكيان الصهيوني، ويتحدى الإملاء الأمريكي، وهذا المعسكر ليس منقسماً على نفسه، ويلتقي مع الجماهير العربية، التي حددت أهدافها في شعار يمكن اعتباره أم الشعارات، والذي هتفت فيه العواصم العربية، ورددته بصوت واحد: الشعب يريد تحرير فلسطين.
سيقول بعض الجامدين سياسياً: أنت تقفز عن ظهر عدة تنظيمات فلسطينية مهمة تشكل منظمة التحرير الفلسطينية!. لهؤلاء أقول: الواقع تجاوز كل قادة خط التفاوض، أولئك الذين فرطوا بفلسطين، أما الرجال الشرفاء المنتمون إلى تنظيم فتح، أولئك الذين اختاروا المقاومة طريقاً لتحرير فلسطين، فإنهم سيأتلفون من جديد في تنظيم قوي فاعل متنامٍ، تنظيم يجتاز مرحلة الانقسام، ويلتقي على التمسك بالثوابت الفلسطينية مع جميع التنظيمات.
الجماهير العربية لم تقل في هتافاتها: الشعب يريد إنهاء الانقسام، ولم تقل الشعب يريد تحقيق الوحدة العربية، الجماهير العربية اختصرت المسافات وطالبت بتحرير فلسطين كمقدمة لإنهاء الانقسام، وتوحيد العرب، والقضاء على الجهل، والتخلف، ومحاربة الفساد، والدكتاتوريات، لأن كل الصفات القبيحة هي نتاج اغتصاب فلسطين، بالتالي، فإن تحريرها هو الهدف الأسمى الذي تتفرع عنه باقي أهداف الأمة العربية.