إسرائيل والتوازن المفقود ..
(نظرة مستقبلية إلى ألأمن القومي المصري )
من المعروف أن نظرية الأمن الإسرائيلي تعتمد بالأساس على فكرة نقل المعركة خارج حدودها نظرا لصغر مساحتها وطبيعة جغرافيتها .. وعندما عقدت معاهدة السلام مع مصر كانت تصر دائما على جعل المنطقة القريبة منها في سيناء تكاد تكون خالية من السلاح الثقيل وقوات الجيش .. وكان على المفاوض المصري وقيادته السياسية أن يتعامل مع هذه المعضلة التي هو على علم تام بها وهي أن إسرائيل لن تتخلى عن كامل سيناء دون أن تهمش موقف الجيش المصري لاسيما في المنطقة القريبة من إسرائيل .
وضع المفاوض المصري ذلك جيدا نصب عينيه ، وتوصل إلى أن الوقت الذي تستغرقه إسرائيل في الوصول إلى القناة بما تملكه من معدات في ذلك الوقت ـ مع الوضع في الاعتبار جغرافية المكان والموانع الطبيعية والمصطنعة ـ سيكون أقل من ذلك الوقت الذي تستغرقه مصر لنقل جيشها الثاني والثالث أو أجزاء منهما إلى سيناء ،
وكان في علم المفاوض المصري أن الإسراع بعملية التنمية في سيناء وإقامة مجتمعات سكانية سيكون العائق الأكبر في وجه إسرائيل لو فكرت في الدخول إلي سيناء .
لكن السؤال الذي يطرح بنزاهة وحياد تام بعيدا عن العواطف : هل حققت مصر أهدافها من خلال هذه المعاهدة ، أقصد في شقها ألأمني ؟
هل يمكن أن نؤكد أن سيناء آمنة وبعيدة كل البعد عن أي مغامرة إسرائيلية ؟
هل تمت التنمية البشرية في سيناء كما خطط لها ؟ ، هل تطورت معدات وأسلحة الجيش المصري بنفس القدر مقارنة مع مثيله الإسرائيلي ؟ما هو العنصر الفارق بين مصر وإسرائيل والذي يخلق عدم التوازن ؟ : هل هو المساعدات الغربية ؟، هل هو الوعد ألأمريكي المستمر لإسرائيل بضمان تفوقها النوعي على شعوب المنطقة مجتمعة ؟
من خلال هذه الدراسة البسيطة أود أن أؤكد أن المقاتل المصري ـ كما الفلاح المصري وكل مصري ـ نوعية فريدة إذا ما أحسن إعداده ، قد تقل نوعية وعدد سلاح المصري لكن شجاعة المقاتل المصري وإيمانه بقضيته وانتماءه الذي يظهر وقت الشدة يضيق الفجوة بين مصر وإسرائيل .
ورغم ظهور إيران في الصورة وحزب الله وحماس إلا أن النظرة الإسرائيلية لمصر أنها القوة الأهم والأخطر حتى في كمونها ، كما أن المقاتل المصري هو الأخر ينظر إلى إسرائيل باعتبارها العدو الأول له رغم اتفاقيات السلام معها .
وهذا يؤدي بنا إلى مربط الفرس إلى لب الموضوع الذي من أجله كان هذا الموضوع .. وهو أن هناك فارقا واحدا يزيد الفجوة بين مصر وإسرائيل ليس من بينها ما ذكرناه سابقا .. إنه العـــــلم .. الاهتمام بالعلم و الاستثمار في البشر .. التنمية البشرية . فإذا كان المصري يتسم بالشجاعة والإيمان والانتماء فهذا وحده غير كاف في هذا العصر ، ويجب استغلال هذه الإمكانيات في الإنسان المصري لإكسابه العلوم والمهارات المختلفة التي تمكنه من الاعتماد على نفسه من خلال إنتاج وتصنيع سلع وأسلحة إستراتيجية .. ويمكن للمتابع بنظرة بسيطة أن يقارن بين حجم الإنفاق على التعليم والبحوث العلمية في كل من مصر وإسرائيل ليعرف من أن أين هذا الخلل في التوازن بين البلدين بالعلم وحده نستطيع أن نقلب ميزان القوى ونكسر نظرية التفوق الإسرائيلي .. تحياتي
محمد صالح رجب