مهنة قاتلة
مترجم عراقي ملثم لأسباب امنية، يتفحص وثائق مواطن عراقي لمصلحة جندي أميركي برفقته في احدى نقاط التفتيش بالقرب من بعقوبة (أ.ب)
المترجمون في العراق.. بين إغراء المهنة وعذابها.. بنو جلدتهم يعتبرونهم خونة.. والأميركيون يشكون في ولائهم وأغلبهم نادمون
مترجم عراقي ملثم لأسباب امنية، يتفحص وثائق مواطن عراقي لمصلحة جندي أميركي برفقته في احدى نقاط التفتيش بالقرب من بعقوبة (أ.ب)
لندن: معد فياض
المسافة التي تفصل بين الحي الذي ولد وترعرع فيه المواطن العراقي (نشأت)، ببغداد ومقر الوحدة العسكرية التي يعمل فيها كمترجم باسم غربي مستعار وهو «جورج»، ليست اكثر من كيلومتر واحد، ومع ذلك لا يستطيع نشأت، أو جورج، من عبور بوابة مقر الوحدة والتوجه الى حيه ومقابلة اصدقائه وجيرانه الذين تركهم منذ اكثر من 16 عاما ليعيش في ولاية شيكاغو كلاجئ اولا، وكأميركي بالتجنس ثانيا. يقول «يمكن ان اختصر شوق وحنين 16 عاما من الغربة بخطوات قليلة لأكون بين ناسي واصدقائي وفي بيت عائلتي الذي ولدت وترعرعت فيه، لكن هذه الخطوات ستقودني بلا شك الى الموت، فانا لا أنسى بأنني أعمل كمترجم مع القوات الاميركية، وهذا في نظر ابناء شعبي خيانة وعمالة استحق عليها عقوبة الموت». واستطرد قائلا «بينما انا في نظر افراد الوحدة الاميركية التي اعمل معها محط شك بالخيانة ايضا.. لصالح بلدي وشعبي».
يضيف نشأت، 43 عاما، قائلا لـ«الشرق الاوسط» عبر اتصال هاتفي به في احد البلدان العربية حيث يمضي اجازته، «تتنازعني يوميا آلاف المشاعر المتناقضة والصور الغريبة التي تدفعني للشعور بالندم للتورط في هذه المهنة.. أو المحنة، فأنا عراقي اولا وأخيرا، واميركي بالتجنس، والعمل كمترجم مع القوات الاميركية يوفر لي راتبا شهريا مقداره 14 الف دولار، وهذا الراتب من الصعب الحصول عليه في مكان اخر». ويبرر استمراره بالعمل على الرغم ما يعانيه من ندم قائلا «لقد قررت العمل لعام واحد لأدخر بعض المال، وكلما اردت ان انهي عقدي اجدني مقتنعا ببقائي بسبب المال». مهنة مترجم مع القوات المتعددة الجنسيات في العراق هي مهنة الموت، اذ لا يكاد يمر يوم إلا ويُعلن عن مقتل مترجم عراقي.. أو اصيب. فالمشكلة كما يقول اغلبهم ذات اوجه عديدة، فالمترجم نفسه يشعر بتأنيب الضمير وبعقدة الذنب كونه يعمل مع قوات محتلة لبلده وضد ابناء شعبه، اما العراقيون فينظرون لهؤلاء المترجمين باعتبارهم خونة ويستحقون الموت اكثر مما يستحقه الجنود الاميركان، بينما تساور الشكوك القوات الاميركية في إخلاص هؤلاء المترجمين سواء كانوا محليين (عراقيين خالصين)، او مواطنين اميركيين او بريطانيين او كنديين لكنهم عراقيون في الاصل، لهذا يخضع المترجم العراقي لرقابة صارمة من قبل مسؤوليه الاميركيين.
يقول نشأت «كان معنا مترجم عراقي محلي هو في الاصل مدرس لغة انجليزية في احدى مدارس بغداد بجانب الكرخ، وخلال مداهمة للوحدة الاميركية التي كان يعمل معها لبيت عائلة عراقية، حيث وجدوا اكثر من بندقية كلاشنكوف في البيت ووجه الاتهام لابن العائلة وكان عمره لا يتجاوز الثامنة عشر. وهنا حاول المترجم العراقي مساعدته وبدأ يدلي بحديث غير الذي كان يقوله الشاب المتحمس الذي كان يشتم الاحتلال. لم ندر بان قائد المجموعة الاميركية كان يسجل نص الحديث كاملا ليتم اسماعه الى مترجم عربي غير عراقي قام بترجمة الحديث بالضبط، وجاءت الترجمة الصحيحة مغايرة تماما لما قاله المترجم الذي ادَّعى ان لغته الانجليزية محدودة ولم يستطع الترجمة حرفيا، لكن هذا لم يقنع قائد الوحدة التي كنا فيها، مما ادى الى اعتقال المترجم وحتى اليوم لا نعرف نحن او عائلته أي شيء عن مصيره».
وعن طريقة عمله او توظيفه كمترجم مع القوات الاميركية، قال نشأت «هناك شركات اميركية متخصصة في هذا المجال، واشهرها شركتتا (كول نيت) Calnet و(تايتان) Titan، ولهاتين الشركتين مواقع على الانترنت ويستطيع أي شخص الدخول الى مواقعهما وإدراج معلوماته على الانترنت، فاذا تمت الموافقة يتم التعيين مباشرة».
ويشرح نشأت قائلا «هناك اختبارات مهمة في اللغة واختبارات صحية واستفسارات أمنية مشددة بحيث يجب الا تكون لطالب التعيين اية مشكلة امنية ومهما كانت حتى لو كانت تتعلق ببنك او ببطاقة ائتمان، وانا جئت عن طريق الشركة الاولى (كول نيت).
علاء، شاب عراقي آخر يحمل الجنسية الكندية وتخصصه الدراسي هو الهندسة المدنية، يعمل مترجما مع القوات الاميركية حيث تم توظيفه عن طريق شركة (أي تي إس) A T S وهو موجود في العراق منذ اكثر من عامين.
ولا تختلف معانات علاء عن زميله نشأت من حيث المشاكل النفسية واللوجستية ايضا. يقع مقر الوحدة التي يعمل فيها علاء خارج بغداد، يقول «نحن نرتدي ملابس عسكرية حالنا حال العسكريين لكننا لا نحمل اية رتبة عسكرية، ونخرج في المهمات القتالية مع القوات الاميركية لنترجم لهم فيما اذا تم القبض على ارهابيين او اذا داهموا منطقة ما».
يقول علاء «انا ولدت وترعرعت في حي السلام (الطوبجي) بجانب الكرخ من بغداد، وكم اتمنى زيارة هذا الحي ومقابلة من تبقى من جيراننا واصدقائي، فهو حي شعبي وسكانه يتمتعون بعلاقات انسانية دافئة، لكنني لا استطيع ان اخطو خطوة واحدة خارج مقر الوحدة الذي تحول الى سجن حقيقي بالنسبة لي».
يتحدث هذا العراقي الذي ترك مدينته بغداد عندما كان في الدراسة الثانوية ورحل مع عائلته الى كندا حيث نشأ ودرس هناك، يقول«هذه هي المرة الاولى التي ازور فيها بلدي العراق منذ تركناه، ووالدتي ما كانت لتوافق على عملي مع القوات الاميركية التي تسميها القوات المحتلة، لكنني اقنعتها بانني ذاهب الى العراق للعمل كمهندس ولمساعدة العراقيين في بناء البلد، ولو كانت تعرف اني اعمل مترجما مع القوات الاميركية لحالت دون مجيئي».
يقول علاء ان«مهنتنا خطيرة للغاية، انها مهنة الموت، والموت هنا يمكن ان يأتيك في اية لحظة، كما ان موقعنا هنا يتعرض لقصف بمدفعية الهاون وبواقع ثمانية الى عشرة قذائف يوميا وقد قتل اثنان من المترجمين المحليين في وحدتنا».
يصف علاء واحدة من اسوأ الصور التي عاشها خلال عمله، قال «ذات مرة داهمت القوات الاميركية قرية قريبة من موقع وحدتنا، وخلال التفتيش عن اسلحة مزعومة مخبأة في القرية داهم الجنود الاميركيون بيتا بسيطا كان فيه رجل وامرأة وبعض النساء الشابات، مما اغضب هذا التصرف الرجل العجوز الذي صرخ بوجه آمر المجموعة قائلا «هذا بيت له حرمته فاذا لم تعرفوا ماذا تعني حرمة البيت فتعلموها». كنت اترجم ما يقوله الشيخ عندما فوجئت بمشاهدة آمر المجموعة يرد على الرجل بصفعة قوية على وجهه اوقعته ارضاً. كان التصرف مفاجئا للغاية بالنسبة لي مما افقدني شعوري وهاجمت امر المجموعة وكان شابا نزقا متطيرا مزعجا للغاية، كدت اتعرض لتهمة التهجم على جندي خلال عمله لولا ان قائد الوحدة يعرفني جيدا ويعرف تصرفات الجندي الذي هاجمته، كما ان شهادات بقية الجنود جاءت لصالحي. يصمت علاء، ويستطرد بتأثر «ليس من السهل ان ترى جنديا اميركيا نزق يضرب رجلا عجوزا من مواطنيك فقد يكون هذا العجوز والدي او عمي او جدي».
يقول علاء «نحن نتمتع بإجازات دورية، اسبوعون لكل ستة اشهر حيث يتم نقلنا بطائرات عسكرية اميركية الى قواعد عسكرية إما في عمان او الكويت ويدفعون لنا ألف دولار بدل سفر ومن هناك ننتقل الى المدن التي نريد الوصول اليها»، مشيرا الى ان «جميع المترجمين هم عراقيون اصلا بالرغم من انهم يحملون جوازات سفر غربية وبالتحديد اميركية».
كيم علي، اميركية من اصل مصري متحدثة باسم شركة (كول نيت) الخاصة بتوظيف المترجمين، وهي واحدة من 20 شركة يشكلون اكبر كارتل للتعيين في الولايات المتحدة مع شركة (تيتان). تقول علي «ان شركتنا لا تعين الا الحاصلين على الجنسية الاميركية او من حملة الكارت الاخضر (غرين كارت) ولا نعين من اية جنسية اخرى».
واضافت علي في حديث لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من فلوريدا في الولايات المتحدة «حتى الآن تم تعيين 7 آلاف مترجم مع القوات الاميركية في العراق، ورواتبهم تتراوح ما بين العشرة الاف الى 14 الف دولار شهريا مع ضمانات حياتية تخص العلاج والنقل والتأمين على الحياة».
وتوضح علي قائلة «العقد غير محدد يمكن ان تعمل ليوم واحد او سنة ضمن عقد يتجدد تلقائيا ويمكنك ان تترك العمل في اي وقت تريد»، مشيرة الى انه «ليس هناك عمر محدد لقبول التعيينات، والاعمار لدينا تبدأ من الـ18 عاما فما فوق حيث يخضعون لفحوص صحية دقيقة ويجب ان يتمتعوا بصحة جيدة ولاختبارات في اللغة الانجليزية ولكشوف دقيقة لسجلاتهم الامنية». وتشير الى ان «غالبية من تم توظيفهم عرفوا عن شركتنا بواسطة الانترنت او الصحف التي تنشر اعلاناتنا». ورفضت كيم الاعلان عن عدد المترجمين الذين قتلوا، وقالت «اسألوا وزارة الدفاع».
ويوضح جناح حمود المرافق الاعلامي لقيادة القوات المتعددة الجنسيات في بغداد قائلا «المترجمون يصلون الينا عبر شركات اميركية معروفة والقوات المتعددة الجنسيات لا توظف احدا»، مشيرا الى ان«هذه الشركات متعاقدة مباشرة مع وزارة الدفاع ويتم قبول المتقدمين بعد اخضاعهم لامتحانات دقيقة».
ويشير حمود في حديث لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد الى ان «مهمة المترجمين هي ترجمة الوثائق والكلام الذي يجري بين القوات المتعددة الجنسيات والعراقيين».
شباب وكبار سن كثيرون عملوا مع القوات الاميركية منذ دخولها الى العراق، فالقوات الاميركية يمنحون رواتب جيدة ولم يكن في البداية يوصف العمل معهم بالخيانة. هؤلاء الذين يعملون من العراق مع القوات الاميركية يسمونهم المترجمين المحليين، او موظفين محليين (local)، ورواتب وامتيازات هؤلاء تختلف كلية عن رواتب وامتيازات المترجمين العراقيين الحاملين لجوازات اميركية واوروبية والقادمين من الخارج.
يقول جيمي، شاب عراقي خريج كلية الاداب قسم اللغة الانجليزية واسمه الاصلي جاسم، كنت احلم بالسفر الى خارج العراق لاكمال دراستي العليا في اللغة الانجليزية، ولكن عندما دخلت القوات الاميركية وضاعت احلامي كما فقدت فرصة التعيين قررت العمل مع القوات الاميركية مترجما حيث اعمل معهم منذ ثلاث سنوات، وهم يثقون بي كثيرا. ويضيف «في البداية كنت انهي عملي واعود بسيارتي الى بيتنا في حي الجهاد، كان كل شيء طبيعيا حتى بدأت الاعمال الارهابية تحصد زملائي من المترجمين فقررت المبيت في الوحدة الاميركية خاصة بعد ان تم تهجير عائلتي من حي الجهاد لأسباب طائفية وهم الآن في سورية».
يتقاضى جيمي ألفي دولار ويعد هذا الراتب الشهري جيد جدا بالنسبة لبقية المترجمين المحليين الذين يتقاضى بعضهم 750 دولارا فقط. ويصف هذا الشاب العراقي مخاطر مهنته، قائلا «نحن نعرف ان الموت يحيط بنا، سواء اذا ذهبت الى دارنا في حي الجهاد او اذا خرجت في دوريات امنية مع القوات الاميركية».
ويقول «ذات مرة وقبل هجرة عائلتي الى سورية كنت عائدا ليلا لأرى عائلتي، فجأة شعرت انني ملاحق من قبل اكثر من سيارة، كانوا يطلقون عليَّ النار لقتلي او لتعطيل سيارتي، وعندما تخلصت منهم واتجهت الى الشارع العام قابلت قوة تابعة للجيش العراقي واخبرتهم بما حدث لي، نظر الي الضابط العراقي، وقال «لماذا تورطت بالعمل مع المحتلين، ولم يقدم لي اية مساعدة بل طلب مني الهروب قبل عودة من سماهم المقاومة».
يقول جيمي «نحن احرار في ان نرتدي ملابسنا المدنية او ملابس عسكرية اميركية بلا رتب او اشارات لكننا غالبا ما نضع حجابا يلف وجوهنا كي نخفي معالم الوجه ولا نسمح للآخرين بالتعرف علينا».
وحول طريقة عملهم مع القوات الاميركية، يوضح جيمي قائلا «هناك شركات محلية تتعاقد مع شركة اميركية او مع القوات الاميركية مباشرة، ونحن لا نتمتع باية امتيازات مثل التأمين على الحياة او الاجازات وقد قتل عدد كبير من المترجمين المحليين سواء خلال العمليات العسكرية او الاعمال الارهابية خارج الوحدات العسكرية ولم يتم تعويض عوائل المترجمين».
وطالب جيمي مساعدتهم وذلك بمنحهم وعوائلهم حق اللجوء في اميركا او في أي بلد اوروبي آخر كونه سيبقى طوال حياته مهددا لعمله مع القوات الاميركية، وذلك على غرار ما فعلته القوات الدنماركية مع العاملين معها في العراق.
وكان الضابط في الجيش الدنماركي نيلس ماركوسن قد اعترف خلال تصريحات صحافية قائلا بان القوات الدنماركية قد «نقلت سرا حوالي 200 من المترجمين وعوائلهم الذين ساعدوا القوات في البصرة». وأضاف «الرسالة التي نريد إيصالها هي أننا نهتم بمصير العاملين معنا، إذا كانت الخدمات التي قدموها لنا تجعلهم في خطر».
كانت الحكومة الدنمركية قد أعلنت عن إمكانية تقديم طلب اللجوء السياسي للراغبين من المترجمين والعاملين في المجال الإنساني مع الكتيبة الدنماركية للعيش في الدنمارك. وقال وزير الدفاع الدنماركي سورن غادي إن الحكومة ستسمح لهؤلاء بطلب اللجوء، دون أية ضمانات بالحصول عليه بشكل تلقائي.
يذكر أن محمد إسماعيل، وهو احد المترجمين العاملين مع الكتيبة الدنماركية الموجودة في البصرة منذ عام 2003 قد قتل في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي بعدة رصاصات في الرأس بعد تعذيبه جسديا وعثر على جثته ملقاة على الطريق. وقد فجر الكشف عن مقتله عاصفة من الجدل في الدنمارك حول مصير المترجمين الآخرين الأحياء بعد رحيل الكتيبة من العراق.
وكان مجلس النواب الأميركي قد قرر في وقت سابق المصادقة على قانون يتيح للمترجمين العاملين مع قواتهم في العراق وأفغانستان الحصول على تأشيرات هجرة إلى الولايات المتحدة. وسيكون من شأن القانون الجديد منح 500 تأشيرة خاصة للمترجمين الأجانب الذين ساعدوا القوات الأميركية.
وكان السفير الأمريكي في بغداد رايان كروكر قد حث حكومته على منح تأشيرات هجرة للمترجمين والعاملين في السفارة من العراقيين بعد أن بدأت أعدادهم بالتناقص بسبب مخاوف من عدم حصولهم على ضمانات تتيح لهم الوصول إلى أميركا، خصوصا بعد انتشار الأنباء عن انسحاب جزئي أو كلي للقوات الأميركية من العراق. ذلك يعني أنهم سيقعون فريسة للإرهابيين والمليشيات على حد قول السفير الأميركي.
وأكد السفير في رسالة إلى وكيلة وزارة الخارجية، هنرييت فور نشرت مقتطفات منها «الشرق الأوسط» و«نيويوك تايمز»، جاء فيها «إن موظفينا العراقيين يعملون في ظل ظروف في غاية الصعوبة وهم أهداف للعنف بما في ذلك القتل والاختطاف. وما لم يعرفوا أن هناك بعض الأمل في الحصول على فيزا مهاجرين في المستقبل، فان كثيرين منهم سيسعون إلى الحصول على اللجوء تاركين مهمتنا تفتقر إلى واحد من أثمن إمكانياتها».
من جانبها، قالت الحكومة البريطانية انها لن تمنح اللجوء بشكل تلقائي لعشرات المترجمين الذين يعملون مع قواتها في العراق. وجاء ذلك برغم المخاوف بخصوص احتمال تعرضهم للاضطهاد بل والقتل ما ان تنسحب تلك القوات.
ويعمل زهاء 90 مترجما عراقيا مع القوات البريطانية التي تضم قرابة خمسة الاف جندي في جنوب العراق ويرافقون الجنود في المداهمات والدوريات. وكثيرا ما يخفون وجوههم خشية تعرضهم للانتقام اذا تعرف عليهم السكان المحليون.
وكتب العديد من المترجمين الى الجيش البريطاني يطلبون بحث منحهم لجوءا خاصا هم وعائلاتهم، قائلين ان خطر تعرضهم للاضطهاد سيزيد ما ان تنسحب القوات البريطانية وهو ما يحتمل ان يتم العام القادم.
غير ان وزارات الحكومة التي تتعامل مع العراقيين تقول انها لن تمنح احدا اللجوء الى بريطانيا تلقائيا. ونقلت وكالة رويتر للانباء عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله «لا وجود لعملية لقبول الطلبات بشكل جماعي».
لكن وزارة الداخلية البريطانية التي تتولى شؤون طلبات اللجوء قالت انها ليست في وضع يمكنها من منح اللجوء بشكل جماعي للعراقيين برغم «العمل الضروري» الذي يقومون به.
وشددت وزارة الدفاع التي تضطلع ايضا الى جانب وزارة الخارجية بالمسؤولية عن الموظفين على ضرورة ان يتقدم المترجمون العراقيون بطلبات اللجوء كل على حدة. وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع ان بريطانيا تقدر كثيرا العمل الذي يقوم به المترجمون وتأخذ مسؤوليتها عنهم مأخذ الجد.
لكنها أضافت «نحن نبحث اي طلبات محددة للمساعدة نتلقاها من الموظفين العاملين او السابقين وفقا لجدارة كل حالة على حدة. واذا كان ثمة فرد يريد القدوم الى المملكة المتحدة فعليه ان يتقدم بالطريقة المعتادة للحصول على الموافقة».
وقالت متحدثة باسم وزارة الداخلية «حكومة المملكة المتحدة ملتزمة بتوفير الحماية لمن تجد انهم يحتاجونها حقا وفقا لالتزاماتنا بموجب القانون الدولي». وأضافت «كل طلبات اللجوء يبحثها بعناية موظفون مدربون، واضعين في اعتبارهم الظروف المحيطة بأي طلب».