ارتكاب إسرائيل للحروب العدوانية
والمجازر الجماعية ذروة إرهاب الدولة
غازي حسين
يعتبر اليهود أول من أدخل الإرهاب المنظم، والطرود المتفجرة، والاغتيالات السياسية للقيادات العربية وللوزراء والضباط البريطانيين ومنهم وزير المستعمرات اللود موين، والمبعوث الدولي الكونت برنادوت، وأول من قام باستخدام السيارات المفخخة في المتاجر وأسواق الخضار الفلسطينية في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين.
وتعتبر «إسرائيل» الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس الإرهاب والإبادة الجماعية والاغتيالات وإشعال الحروب العدوانية كسياسة رسمية مخططة سرية أحياناً وعلنية أحياناً أخرى.
وتتحمل مسؤولية انتشار الإرهاب والعنف (المقاومة) في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره: نظراً للحروب العدوانية التي أشعلتها، والمجازر الجماعية التي ارتكبتها، والاغتيالات المستمرة التي تمارسها في العواصم العربية والأوروبية، ولاستمرار الهولوكوست على الشعب الفلسطيني، والاستيطان والاحتلال لفلسطين كلها بما فيها القدس والجولان ومناطق في جنوب لبنان.
وانطلاقاً من الرواية الرسمية لأحداث 11 أيلول يمكن القول بصوت مرتفع أن الإرهاب والاحتلال الإسرائيلي هو السبب المباشر لما حلَّ في نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد من عمليات إرهابية، وحل ويحل في سورية والعراق ولبنان، وحتى ما حصل في باريس في منتصف كانون الثاني عام 2015.
إن الإرهاب اليهودي في المنطقة والتأييد الأميركي والأوروبي له السبب المباشر لاندلاع العنف والإرهاب في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره، ولا يمكن وقفه إلاَّ بردع إسرائيل وإجبارها على الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني واحترام العهود والمواثيق الدولية بما فيها اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 و194.
والتوقف عن ممارسة الاستعمار والعنصرية والإرهاب.
والإرهاب اليهودي لم يأت كردة فعل على إرهاب مزعوم وإنما يعود إلى جذور دينية وأيديولوجية واجتماعية قديمة جداً ومغرقة في القدم. وتعود ينابيعه إلى التعاليم التوراتية والتلمودية وإلى التاريخ اليهودي القديم، وهو أقدم أنواع الإرهاب وأخطرها في التاريخ البشري، لأن الحاخامات ورجال الفكر والسياسة رفعوه إلى مرتبة القداسة الدينية، والرغبة الإلهية، وإلى جوهر الأيديولوجية الصهيونية.
نشرت إسرائيل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وتسببت بنشره في بعض العواصم الغربية، وأخذت تنادي بإلصاق تهمة الإرهاب بحركات المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، وركزت بعد بروز حركات المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين، ونجاح الثورة الإسلامية في إيران على تحريض الدول الغربية على الإسلام، وتلقفت الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الاتحاد الأوروبي الدعوة الإسرائيلية وسارعت إلى استغلال الموقف لمصالحها ومصلحة إسرائيل بإلصاق الإرهاب بالعرب والمسلمين وبالإسلام نظراً للمكانة المرموقة التي يتمتع بها الجهاد في الإسلام، ودأبت الدول الغربية على وصف مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال الأميركي للأراضي العربية بالإرهاب الإسلامي، ووصف المسلمين بالإرهابيين.
وبالعودة إلى الوراء، إلى التاريخ اليهودي نجد أن الجماعة اليهودية المعروفة باسم «السكادين» هي أول منظمة إرهابية في العالم.
وبالعودة إلى القرن الحادي عشر الميلادي نجد أن الحروب الصليبية القادمة من أوروبا والتي أطلقها بابا الفاتيكان تمثِّل آنذاك ذروة الإرهاب المسيحي ضد الإسلام والمسلمين.
وبالعودة إلى الثورة الفرنسية نجد أن مرسوم دانتون الذي صدر في عام 1797 تجسِّد استخدام الإرهاب كوسيلة أساسية من وسائل الحكم.
وجاء تيودور هرتسل، مؤسس الحركة الصهيونية عام 1897 ووضع «القوة فوق الحق»، وتسخير القوة والإرهاب للسيطرة على المنطقة وعلى العالم. ولخص فلسفته القائمة على الإرهاب في إحدى محاضرته قائلاً: «لقد حكم على الجميع أن يموتوا، ولذلك خير لنا أن نعجِّل موت أولئك الذين يتدخلون في شؤوننا، ومتى أصبحنا أسياد الناس لا ندع في الوجود سوى ديانتنا، لأننا نحن شعب الله المختار، ولأن مصيرنا يقرر مصير العالم، ولذلك وجب علينا أن نلاشي سائر الأديان إلى أن نتوصل إلى السيادة على سائر الشعوب».
ووضع المؤتمر الصهيوني الأول في قراراته السرية «بروتوكولات حكماء صهيون» مخططات اليهودية العالمية للسيطرة على المنطقة العربية وعلى العالم بالإرهاب والإبادة ونشر الفوضى والرذيلة والفساد والحروب المحلية والعالمية.
وتتضمن البروتوكولات تهويد الحكام في العالم حتى يصبحوا عملاء وسماسرة لليهود، وورد فيها حرفياً:
«حينئذ يكون عملاء جميع البلدان يهوداً أو من صنائع اليهود. وهنا يبدأ العهد اليهودي العالمي ويبقى كل تنظيم وكل تدبير في أيدي اليهود دون غيرهم».
رسّخ هرتسل استخدام الإرهاب لإبادة العرب وترحيلهم وتوطينهم خارج وطنهم فلسطين في جوهر وصميم الحركة الصهيونية، لإقامة دولة اليهود العنصرية والإرهابية.
ووضع موزيس هيس وتيودور هرتسل أسس الإرهاب والاستعمار الاستيطاني والعنصرية اليهودية.
وكان أول من طبّقها اليهودي المتطرف تروتسكي بانضمامه إلى ثورة أكتوبر في روسيا وأصبح من قادتها الثلاثة. ونجح في تعبئة اليهود في أهم المراكز القيادية فيها، وسيطر اليهود على معظم المراكز القيادية. وحاولوا توظيف الثورة الروسية لصالح الحركة الصهيونية.
واكتشف لينين مؤامرة تروتسكي وطرده خارج روسيا، فرحب به أتاتورك، ثم ما لبث أن طرده فتوجه إلى فلسطين، وبدأ هناك بتنظيم وقيادة تنظيمات إرهابية يهودية لإثارة الفتن والقلاقل بين العرب والمستعمرين اليهود.
وهكذا فإن الإرهاب الإسرائيلي الذي نشاهده اليوم في فلسطين ولبنان يعود إلى الأسس التي وضعتها التوراة والتلمود، والحركة الصهيونية وبروتوكولات حكماء صهيون، وأدبيات كبار المؤسسين الصهاينة وإلى ممارسات المنظمات الإرهابية اليهودية المسلحة ودولة «إسرائيل».
وسار القادة الصهاينة على خطى هرتسل وتروتسكي ومنهم الإرهابي جابوتنسكي، والسفاح بيغن، وبن غوريون وشامير وشارون وبيرس وأولمرت.
أعلن الإرهابي جابوتنسكي عام 1937 «أن اليهود لن يتوصلوا إلى إنشاء دولة دون اللجوء إلى الإرهاب».
لذلك تأسست في فلسطين ثلاث منظمات يهودية إرهابية مسلحة وهي: الهاغاناه وشتيرن والأرغون.
واعتمدوا بالتعاون مع الوكالة اليهودية «الإرهاب» لترحيل العرب وإحلال المهاجرين اليهود محلهم.
وتطابقت الصهيونية مع النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا.
وسخّرت «الإرهاب اليهودي» لتهجير اليهود إلى فلسطين، وترحيل العرب منها، وإحلال اليهود محلهم.
ويجسِّد الاستعمار الاستيطاني اليهودي وبناء المستعمرات اليهودية، وإشعال الحروب العدوانية كحرب تموز 2006 على المدنيين اللبنانيين العزل، والاستمرار في ارتكاب الهولوكوست على الشعب الفلسطيني، والتمسك بالأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة والحرب السادسة على قطاع غزة في عام 2014م ذروة الإرهاب اليهودي.
ويعتبر هذا الإرهاب من أخطر أنواع الإرهاب التي ظهرت في التاريخ البشري، لأن الحاخامات ورجال الفكر والسياسة الصهاينة رفعوه إلى مستوى القداسة الدينية، ولأن إسرائيل تعتمده كسياسة رسمية للتعامل مع الفلسطينيين وبقية العرب. وبالتالي تتحمل «إسرائيل» مسؤولية انتشار العنف والإرهاب في المنطقة وفي بقية أنحاء العالم.