يا زمن الرِدَّة..!
يا سُلطانَ الوهمِ أغثْني.!
أمْطِرني وجَعاً
ما عُدتُ أطيقُ عُبورَ الزمنِ الجاحدِ في زمنِ الرِدَّةِ..!
بين سرابِ الفراماناتِ المسبيّة..
مللتُ زمانَ الصمتْ
ملَّتْني الخضرةُ بين سرابِ الأشياءِ
ومللتُ بقاءَكَ تحكي عنّي
وتصادرُ.. حتى قلبي ولساني
هذا الزمنُ المهزومُ.! يُصارِعُني بالقهرِ
ويأباني
أنْبَتَ بينَ يديَّ القيدْ
وألقاني في رُعبِ الأسئلةِ المزروعةِ باليأسِ
ودَمَّرَ حتى أبسطَ أحلامي.؟
منْ غيرُ زبانيةِ الرملِ الأصفرْ
وذئابِ المائدةِ الخضراءْ
وقبيلةِ سفّاحين تُقاتِلُني.!
وأنا أتحدثُ للمرآةِ
يسمعُ همسي من خلفِ البابِ جواسيسُ الحكّامْ
يلقونَ القبضَ على قُمصاني
يُلقوني مع أحزاني في جبٍّ
لا أخرجُ منهُ غيرَ حُطامْ
كم جاهدتُ الأنواءَ تُصارِعُني
حتى في يَومٍ جاؤوا من أقصى الأرضِ
وصبّوا الملحَ على تربةِ حقلي
قالوا: لنْ يَنْبِتَ عودٌ أخضرَ فيه.!
مِن قَبْلي، كان أبي يُوصيني
والجدُّ الأولُ أوصاني
قالوا: أن تَبْقى جُمجُمةً تَتَفَتْتُ عِطْراً
تحتَ شجيراتِ الزيتونِ
وتَنْبتُ جنبَ الجذعِ شقائقَ نعمانْ..!
خير من أنْ تَتَمشْى مهزوماً..
فوقَ جماجمِِِ من زَرعوا الزيتون الأول..
كان أبي يُوصيني ويقولْ:
من بدءِ التاريخِ وهذي الأرض.. هُناكَ
تُحاكينا.. ونحاكيها.!
ما غادرْناها.. كنَّا نعشقَها..
ما سوّرناها أبداً بالأسلاكِ
ويومَ أتَتْ مِنْ جنباتِ الكونِ وطاويطُ الشهوةِ
ما كنّا نعرفُ كيفَ نُقيمُ السورَ..
ما كنّا ندركُ أن جُسوراً فوقَ فيافينا الجرداءَ بنيناها
ستكونُ لَهم أبوابَ عبورْ
فانهارتْ في لحظاتِ الرعبِ الأرْعنِ
كلَّ سدودِ الأبواقِ وغادرْناها
نحملُ في مِرْجَلِنا صَبْوَةَ نَصْرٍ مَهزومٍ
ما زلْنا نَسْكُبُها بينَ نهودِ العُهر..
جَدّي ورَّثَني مع أُمّي تلكَ الأرضِ القدسيّةْ
وبينَ صفاءِ الروحيْنِ نَزفْتُ صُموداً
يا مَسبيّاً تحتَ هجيرِ الصحراءِ
هل قذفتكَ خياناتُ السادةْ..
أم طوعاً سلَّمْتَ مفاتيحَ الكعبة
وألهبتَ التصفيقَ ضجيجاً.!؟
أمْطَرْتَ على خوذاتِ الحربِ الرزَّ
ونزيفَ التمرِ المذبوحْ..
هل تَسألُني كيفَ..؟
سأقولُ: لأنّي مِن نسلِ الجدِّ الأولِ.. كنعانْ..
حَفَرْتُ هُناكَ تراتيلَ مُقامي
وحذفتُ الأخْضَرَ من قاموسِ الكلماتْ
وصبغتُ الأعوادَ بلونِ العَرقِ القاني
وسأبقى..!
وبقيتْ..
ع.ك