الرابح يبقى وحيدا / باولو كويلو
قراءة :ريم بدر الدين بزال
يستذكر من يقرؤها رواية " يوليسيز" لجيمس جويس حيث جرت أحداثها خلال 24 ساعة امتدت على مساحة 380 صفحة استطاع من خلالها باولو كويلو أن يجمع خطوطا درامية متشعبة ثم جمعها معا في قبضة واحدة و بدأ يحل التشابك الذي من خلاله فضح عالما يتجه نحو العولمة المزيفة التي تهدف للقضاء على الشخصية الثقافية لكل الشعوب .
كواليس مهرجان( كان) الذي يبدو حافلا بالمشاهير و الثراء الفاحش و حفلات العشاء و الأزياء الباذخة لنكتشف فيما بعد أن هذا ليس إلا قشرة تحيط بعفن متجذر .. ليس هناك من شيء حقيقي أو جوهري و الجميع هنا يسعى نحو الشهرة و الثراء لأنه فقد أنسنته و فقد معنى وجوده .
أيغور رجل الأعمال الروسي الذي خبر الحرب في أفغانستان فاعتاد القتل حتى أصبح القتل عنده بسهولة تناول كأس من العصير هو الشخصية المحورية و التي تسوغ جميع ما تفعله من جرائم و انتهاكات بالأسباب الإنسانية أو بالنصوص الدينية أو بالهلوسات و الرؤى التي تتبدى له وحده
و زوجته التي تذرعت بخلله النفسي فهجرته ، هي الأخرى فقدت إنسانيتها و بحثت عن المجد البديل و الثراء ..فأحبت مصمم زياء من أصل عربي بدا أنه يبحث عن نقل ثقافته للعالم لكن فضحته الصفحات الأخيرة من الرواية ففي قراراته لم يكن بأفضل من إيغور و زوجته .
و في سبيل حل نزاع بين هذين الزوجين قضى أشخاص أبرياء قتلا بطرق قاسية و مؤلمة لتحقيق مقولة ما .
أجد أن المقولة الرئيسية للعمل هي أن العولمة تقضي علينا مهما حاولنا أن نتشبث بثقافاتنا لأن هذا التشبث في حقيقته ضعيف و لا يرتكز إلى أسس واضحة و ثابتة .
قضية أخرى طرحها العمل و هي على قدر كبير من الأهمية أن من يسوقون عالم الشهرة و الثراء و الأزياء و الأفلام يغررون بالناس العاديين و يصورون لهم الحياة بمنظور مشرق و هي في الحقيقة قائم على أكذوبة كبرى .
كان إقفال العمل مدهشا ففين حين توقع القارىء أن يلقى القبض على القاتل المتسلسل تنتهي الرواية بعودته إلى بلاده دون أن يخضع للمسائلة بالرغم من بدء التحقيقات في سلسلة جرائم حدثت في يوم واحد ..هذا الإقفال يعططي مقولة أخرى عن القفزات العالية التي يقوم بها المال فوق القانون .. ليصبح المال هو القانون
اختلف العمل عن أعمال باولو كويلو الأخرى من حيث الطول و يبدو أنه أردها كذلك ليتمكن من رسم هذا الكم من الشخصيات المعقدة و المتنوعة و ليميط اللثام عن الكثير من الزيف الذي ينبهر به العالم
رواية الرابح يبقى وحيدا / أنهى باولو كويلو كتابتها بالبرتغالية عام 2008