حَبو !!
..
حَكَرتُ شِعرِي عَلَى الأَحزانِ فانتَحَبا=وَ عِشتُ أَندُبُ حَظِّي كُلَّما نَدَبا
حَدَوتُ حَتَّى أَضَلَّ الفَقدُ راحِلَتِي=وَ ما انتَضَيتُ فِرِندًا بِالأَياسَ ؛ نَبا
وَ كُنتُ لِلشِّعرِ نارًا يُستَضاءُ بِها=وَهَبتُها مِنْ ضَمِيرِي الجَمرَ وَ الحَطَبا
فَعادَنِي النَّحسُ فالتَفَّتْ عَواصِفُهُ=فَخارَ عَزمِيَ وَ الضَّوءُ الفَتِيُّ خَبا
" السَّيفُ وَ الرُّمحُ " - تَبًّا - مَزَّقا لُغَتِي=وَ " الخَيلُ وَ اللَّيلُ " كُلٌّ زادَها نَصَبا
وَ ما وَجَدتُ بِتَجدِيدِي سِوَى زَمَنٍ=فِي الصُّبحِ أَنكَرَ لَكِنْ فِي الدُّجَى استَلَبا !!
بِكُلِّ حِقدٍ أَكُفُّ اللَّيلِ تَصفَعُنِي=وَ ما لَقِيتُ لِصَفعاتِ الكَرَى سَبَبا
أُرِيدُ - وَ اللَّهِ - أَنْ أَرتاحَ مِنْ قَلَقِي=وَ مِنْ هُمُومٍ تَفَشَّتْ فِي دَمِي غَضَبا
أَنا أَرَقُّ القُلُوبِ . اللَّهُ يَعلَمُ بِي=وَ يَعلَمُ اللَّهُ أَلَّا أُمَّ لِي وَ أَبا
لا حَولَ لِي بِاقتِرافِ الشِّعرِ مَرثِيَةً=وَ لا مَلاذَ مِنَ الذَّنبِ الذِي وَجَبا
أُمِّي فَقَدتُ ؛ وَ مَنْ أَحبَبتُ فانسَحَقَتْ=حَشاشَتِي , وَ فُؤادِي بَعدَها انثَقَبا
ذَرَفتُ دَمعِيَ ؛ لَكِنِّي وَ قَدْ رَحَلَتْ=ذَرَفتُ عَينَيَّ - بَعدَ الدَّمعِ - وَ الهَدَبا
أَيَحسَبُونَ بُكائِي بَعدَها تَرَفًا !؟=لَقَدْ عَمِيتُ , وَ دَمعُ العَينِ ما نَضَبا !!
أَيَطلُبُونَ جِراحاتِي لِتُسكِرَهُمْ !؟=وَ هَلْ نَحِيبِيَ قَدْ أَمسَى لَهُمْ طَرَبا !؟
أَيَستَرِيحُ عَلَى آلامِهِ وَجِلٌ !؟=وَ يُبهِجُ النَّاسَ مَنْ فِي ضِحكِهِ كَذَبا !؟
أَيُسعِدُ الكَونَ مَفجُوعٌ بِغُمَّتِهِ !؟=وَ يَدفَعُ الخَلقَ لِلإِقدامِ مَنْ هَرَبا !؟
أَيَعزِفُ اللَّحنَ مَنْ شُلَّتْ أَصابِعُهُ !؟=وَ عاصِرُ الزَّيتِ يَسقِي رَبَّهُ عِنَبا !؟
كَيفَ المُعَذَّبُ يُهدِيهُمْ سَعادَتَهُمْ !؟=وَ كَيفَ يَجعَلُ مِنْ بَعضِ الثَّرَى ذَهَبا !؟
وَيحِي أَنا الفاقِدُ المَفقُودُ نَهنَهَنِي=ضَربُ المُصِيباتِ حَتَّى عُمرِيَ اضطَرَبا
فَباتَ بَعضِيَ يَرثِينِي بِقافِيَةٍ=كَمَنْ تَوَسَّمَ فِي وَهجِ السَّمُومِ صَبا !!
لَيتِي قُتِلتُ وَ ما كابَدتُ مِيتَتَها=وَ لَيتَ وَجهِيَ فِي وَجهِ المَصِيرِ كَبا
مَلَلتُنِي ؛ وَ الرَّزايا السُّودُ تَضرِبُنِي=مِنْ كُلِّ حَدبٍ . وَ ما فِي الآلِ مَنْ حَدَبا
أَنا انهَزَمتُ , وَ هَدَّ الوَقتُ بِي ثِقَتِي=أَنا انقَلَبتُ فَما أَحسَنتُ مُنقَلَبا
عَرائِسُ الوَهمِ حَولِي وَ الطُّيُوفُ رُؤَى=رَغِبتُ عَنها فَزادَتْ مُهجَتَي عَطَبا
جَرَرتُ حُزنِيَ نَحوَ القاعِ فِي نَزَقٍ=وَ ما عَرَفتُ بِأَنِّي فِيهِ مَنْ رَسَبا
حَتَّى تَبَيَّنَ لِي أَنِّي اتَّجَهتُ إِلَى=غَيرِ اتِّجاهِيَ وَ استَبعَدتُ ما اقتَرَبا
فَعُدتُ وَحدِيَ لا أَقدامَ تَحمِلُنِي=أَطفُو عَلَى نَهرٍ شَوقٍ بِالحَنِينِ رَبا
دَعِيكِ مِنِّيَ - يا دُنيا - أَنا خَرِفٌ=مَشاكِ طِفلًا , وَ لَكِنْ فِي الشَّبابِ حَبا !