السلام عليكم/ايها الساده الافاضل نكن كل الاحترام لمصر الوطن العظيم كما نكن غايه الاحترام لعظماءها من ابناء الثوره المجيده الذين غيروا التاريخ ونامل ان يكون تاريخا جديدا رائعا مفعم بالحريه والروعه والاستقرار كما نستلهم فى هذه السلسله التى تعودت ان اقدم لها هنا معبرا عن اعجابى الشديد بالكلمه الخالده معترفا بان للكلمه والقصيده بالذات اثرا يفوق اى شىء ومؤكدا ان الكلمات تؤثر اكثر واعمق فى الناس والتاريخ فقد زعزعه كلمات الشاعر ابى القاسم الشابى ثوره تونس وكان لتلك الثوره وكلمات صاحبها اعمق الاثر فى احداث ثوره الشعب المصرى كما اكدت على ان الكلمات تكون اعمق واشد اثرا من السلاح فى تغيير الواقع بل وفرض الامر المطلوب دون اراقه الدماء وحيث ان الكلمه غيرت التاريخ فاننا نكن كل الاحترام لشعبنا العظيم الشعب المصرى ونقدم تلك السلسله للتاريخ وللجميع وهى تتكلم عن شعراء مصر العظام الذين كان لهم ابلغ الاثر فى التاريخ والمجتمعات وتغيير الواقع الى الافضل ونبدا تلك السلسله العميقه بامير الشعراء احمد شوقى
ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في (20 من رجب 1287 هـ = 16 من أكتوبر 1870م) لأب شركسي وأم من أصول يونانية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه.
وبعد أن أنهى تعليمه بالمدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ = 1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات، وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية، وأنه أثنى عليه في حضرة الخديوي، وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته.
السفر إلى فرنسا
وبعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة، والتحق بقصر الخديوي توفيق، الذي ما لبث أن أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا، فالتحق بجامعة "مونبلييه" لمدة عامين لدراسة القانون، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق سنة (1311هـ = 1893م)، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي دراسة جيدة ومطالعة إنتاج كبار الكتاب والشعر.
العودة إلى مصر
عاد شوقي إلى مصر فوجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز، فقرَّبه إليه بعد أن ارتفعت منزلته عنده، وخصَّه الشاعر العظيم بمدائحه في غدوه ورواحه، وظل شوقي يعمل في القصر حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر، وأعلنوا الحماية عليها سنة (1941م)، وولّوا حسين كامل سلطنة مصر، وطلبوا من الشاعر مغادرة البلاد، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا، وأقام مع أسرته في دار جميلة تطل على البحر المتوسط.
شعره في هذه الفترة
ودار شعر شوقي في هذه الفترة التي سبقت نفيه حول المديح؛ حيث غمر الخديوي عباس حلمي بمدائحه والدفاع عنه، وهجاء أعدائه، ولم يترك مناسبة إلا قدَّم فيها مدحه وتهنئته له، منذ أن جلس على عرش مصر حتى خُلع من الحكم، ويمتلئ الديوان بقصائد كثيرة من هذا الغرض.
ووقف شوقي مع الخديوي عباس حلمي في صراعه مع الإنجليز ومع من يوالونهم، لا نقمة على المحتلين فحسب، بل رعاية ودفاعًا عن ولي نعمته كذلك، فهاجم رياض باشا رئيس النُظّار حين ألقى خطابًا أثنى فيه على الإنجليز وأشاد بفضلهم على مصر، وقد هجاه شوقي بقصيدة عنيفة جاء فيها:
وبلغ من تشيعه للقصر وارتباطه بالخديوي أنه ذمَّ أحمد عرابي وهجاه بقصيدة موجعة، ولم يرث صديقه مصطفى كامل إلا بعد فترة، وكانت قد انقطعت علاقته بالخديوي بعد أن رفع الأخير يده عن مساندة الحركة الوطنية بعد سياسة الوفاق بين الإنجليز والقصر الملكي؛ ولذلك تأخر رثاء شوقي بعد أن استوثق من عدم إغضاب الخديوي، وجاء رثاؤه لمصطفى كامل شديد اللوعة صادق الأحزان، قوي الرنين، بديع السبك والنظم، وإن خلت قصيدته من الحديث عن زعامة مصطفى كامل وجهاده ضد المستعمر، ومطلع القصيدة:
وارتبط شوقي بدولة الخلافة العثمانية ارتباطًا وثيقًا، وكانت مصر تابعة لها، فأكثر من مدح سلطانها عبد الحميد الثاني؛ داعيًا المسلمين إلى الالتفات حولها؛ لأنها الرابطة التي تربطهم وتشد من أزرهم، فيقول:
ولما انتصرت الدولة العثمانية في حربها مع اليونان سنة (1315هـ = 1887م) كتب مطولة عظيمة بعنوان "صدى الحرب"، أشاد فيها بانتصارات السلطان العثماني، واستهلها بقوله:
وهي مطولة تشبه الملاحم، وقد قسمها إلى أجزاء كأنها الأناشيد في ملحمة، فجزء تحت عنوان "أبوة أمير المؤمنين"، وآخر عن "الجلوس الأسعد"، وثالث بعنوان "حلم عظيم وبطش أعظم". ويبكي سقوط عبد الحميد الثاني في انقلاب قام به جماعة الاتحاد والترقي، فينظم رائعة من روائعه العثمانية التي بعنوان "الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد"، وقد استهلها بقوله:
ولم تكن صلة شوقي بالترك صلة رحم ولا ممالأة لأميره فحسب، وإنما كانت صلة في الله، فقد كان السلطان العثماني خليفة المسلمين، ووجوده يكفل وحدة البلاد الإسلامية ويلم شتاتها، ولم يكن هذا إيمان شوقي وحده، بل كان إيمان كثير من الزعماء المصريين.
وفي هذه الفترة نظم إسلامياته الرائعة، وتعد قصائده في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أبدع شعره قوة في النظم، وصدقًا في العاطفة، وجمالاً في التصوير، وتجديدًا في الموضوع، ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته، وحسبك أن يعجب بها شيخ الجامع الأزهر آنذاك محدث العصر الشيخ "سليم البشري" فينهض لشرحها وبيانها. يقول في مطلع القصيدة:
ومن أبياتها في الرد على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف:
ويلحق بنهج البردة قصائد أخرى، مثل: الهمزية النبوية، وهي معارضة أيضًا للبوصيري، وقصيدة ذكرى المولد التي مطلعها:
كما اتجه شوقي إلى الحكاية على لسان الحيوان، وبدأ في نظم هذا الجنس الأدبي منذ أن كان طالبًا في فرنسا؛ ليتخذ منه وسيلة فنية يبث من خلالها نوازعه الأخلاقية والوطنية والاجتماعية، ويوقظ الإحساس بين مواطنيه بمآسي الاستعمار ومكائده.
وقد صاغ شوقي هذه الحكايات بأسلوب سهل جذاب، وبلغ عدد تلك الحكايات 56 حكاية، نُشرت أول واحدة منها في جريدة "الأهرام" سنة (1310هـ = 1892م)، وكانت بعنوان "الهندي والدجاج"، وفيها يرمز بالهندي لقوات الاحتلال وبالدجاج لمصر.
النفي إلى إسبانيا
وفي الفترة التي قضاها شوقي في إسبانيا تعلم لغتها، وأنفق وقته في قراءة كتب التاريخ، خاصة تاريخ الأندلس، وعكف على قراءة عيون الأدب العربي قراءة متأنية، وزار آثار المسلمين وحضارتهم في إشبيلية وقرطبة وغرناطة.
وأثمرت هذه القراءات أن نظم شوقي أرجوزته "دول العرب وعظماء الإسلام"، وهي تضم 1400 بيت موزعة على (24) قصيدة، تحكي تاريخ المسلمين منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة، على أنها رغم ضخامتها أقرب إلى الشعر التعليمي، وقد نُشرت بعد وفاته.
وفي المنفى اشتد به الحنين إلى الوطن وطال به الاشتياق وملك عليه جوارحه وأنفاسه. ولم يجد من سلوى سوى شعره يبثه لواعج نفسه وخطرات قلبه، وظفر الشعر العربي بقصائد تعد من روائع الشعر صدقًا في العاطفة وجمالاً في التصوير، لعل أشهرها قصيدته التي بعنوان "الرحلة إلى الأندلس"، وهي معارضة لقصيدة البحتري التي يصف فيها إيوان كسرى، ومطلعها:
وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها، ومن أبيات القصيدة التي تعبر عن ذروة حنينه إلى مصر قوله:
العودة إلى الوطن
أحمد شوقي و سعد زغلول
عاد شوقي إلى الوطن في سنة (1339هـ = 1920م)، واستقبله الشعب استقبالاً رائعًا واحتشد الآلاف لتحيته، وكان على رأس مستقبليه الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم"، وجاءت عودته بعد أن قويت الحركة الوطنية واشتد عودها بعد ثورة 1919م، وتخضبت أرض الوطن بدماء الشهداء، فمال شوقي إلى جانب الشعب، وتغنَّى في شعره بعواطف قومه وعبّر عن آمالهم في التحرر والاستقلال والنظام النيابي والتعليم، ولم يترك مناسبة وطنية إلا سجّل فيها مشاعر الوطن وما يجيش في صدور أبنائه من آمال.
لقد انقطعت علاقته بالقصر واسترد الطائر المغرد حريته، وخرج من القفص الذهبي، وأصبح شاعر الشعب المصري وترجمانه الأمين، فحين يرى زعماء الأحزاب وصحفها يتناحرون فيما بينهم، والمحتل الإنجليزي لا يزال جاثم على صدر الوطن، يصيح فيهم قائلاً:
ورأى في التاريخ الفرعوني وأمجاده ما يثير أبناء الشعب ويدفعهم إلى الأمام والتحرر، فنظم قصائد عن النيل والأهرام وأبي الهول. ولما اكتشفت مقبرة توت عنخ أمون وقف العالم مندهشًا أمام آثارها المبهرة، ورأى شوقي في ذلك فرصة للتغني بأمجاد مصر؛ حتى يُحرِّك في النفوس الأمل ويدفعها إلى الرقي والطموح، فنظم قصيدة رائعة مطلعها:
وامتد شعر شوقي بأجنحته ليعبر عن آمال العرب وقضاياهم ومعاركهم ضد المستعمر، فنظم في "نكبة دمشق" وفي "نكبة بيروت" وفي ذكرى استقلال سوريا وذكرى شهدائها، ومن أبدع شعره قصيدته في "نكبة دمشق" التي سجّل فيها أحداث الثورة التي اشتعلت في دمشق ضد الاحتلال الفرنسي، ومنها:
ولم تشغله قضايا وطنه عن متابعة أخبار دولة الخلافة العثمانية، فقد كان لها محبًا عن شعور صادق وإيمان جازم بأهميتها في حفظ رابطة العالم الإسلامي، وتقوية الأواصر بين شعوبه، حتى إذا أعلن "مصطفى كمال أتاتورك" إلغاء الخلافة سنة 1924 وقع الخبر عليه كالصاعقة، ورثاها رثاءً صادقًا في قصيدة مبكية مطلعها:
إمارة الشعر
أصبح شوقي بعد عودته شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، لا تفوته مناسبة وطنية إلا شارك فيها بشعره، وقابلته الأمة بكل تقدير وأنزلته منزلة عالية، وبايعه شعراؤها بإمارة الشعر سنة (1346هـ = 1927م) في حفل أقيم بدار الأوبرا بمناسبة اختياره عضوًا في مجلس الشيوخ، وقيامه بإعادة طبع ديوانه "الشوقيات". وقد حضر الحفل وفود من أدباء العالم العربي وشعرائه، وأعلن حافظ إبراهيم باسمهم مبايعته بإمارة الشعر قائلاً:
مسرحيات شوقي
بلغ أحمد شوقي قمة مجده، وأحس أنه قد حقق كل أمانيه بعد أن بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر، فبدأ يتجه إلى فن المسرحية الشعرية، وكان قد بدأ في ذلك أثناء إقامته في فرنسا لكنه عدل عنه إلى فن القصيد.
وأخذ ينشر على الناس مسرحياته الشعرية الرائعة، استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما: "مصرع كليوباترا" و"قمبيز"، والأولى منهما هي أولى مسرحياته ظهورًا، وواحدة من التاريخ الإسلامي هي "مجنون ليلى"، ومثلها من التاريخ العربي القديم هي "عنترة"، وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير"، وله مسرحيتان هزليتان، هما: "الست هدي"، و"البخيلة".
ولأمر غير معلوم كتب مسرحية "أميرة الأندلس" نثرًا، مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر المعتمد بن عباد.
وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته، وضعف الطابع الدرامي، وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية، ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث.
مكانة شوقي
منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.
وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.
وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.
وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.
وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: "عذراء الهند"، ورواية "لادياس"، و"ورقة الآس"، و"أسواق الذهب"، وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.
وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه "الشوقيات"، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة".
وفاته
ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم، حتى إن الموت فاجأه بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر، وفاضت روحه الكريمة في (13 من جمادى الآخرة = 14 من أكتوبر 1932م).[/FONT][/CENTER]
[/]
["]قصائد شوقى/[/]
ريم على القاع/
[COLOR="DarkGreen"]ريم على القــــــاع بين البان والعلم *** أحل سفك دمى في الأشــهر الحرم
رمى القضــــاء بعيني جؤذر أسدا *** يا ساكن القــاع، أدرك ســــاكن الأجم
لما رنا حدثتني النفــــــــــس قائلة *** يا ويح جنبك بالســــهم المصيب رمي
جحدتها و كتمت الســــــهم في كبدي *** جرح الأحبـــــه عندي غير ذي ألم
رزقت أسمح ما في الناس من خلق *** إذا رزقت التمــاس العذر في الشيم
يا لائمي في هواه، والهــــوى قدر *** لو شفك الوجــــــد لم تعــــذل ولم تلم
لقد أنلتـــــــــــــك أذنا غـــير واعية *** ورب منتصت والقـــــــلب في صــــــمم
يا ناعس الطرف،لا ذقت الهوى أبدا *** أسـهرت مضناك في حفظ الهوى فنم
شكوت البين/
ردت الروح على المضني معك *** أحســــــــن الأيـــــــــــام يوم أرجعك
مر من بعـــــــــــدك ما روعني *** أترى يا حـــــــــــلو بعدي روعـــــــك؟
كم شكوت البين بالليــــــل إلى *** مطلع الفجر عســـــى أن يطلعـــك
وبعثت الشـــوق بي ريح الصبــا *** فشكا الحـــــرقة مما استودعــــــك
يا نعيمي وعذابي في الهـــــــوى *** بعـــــذولي في الهوى ما جمعك؟
أنت روحي، ظلم الواشـــي الذي *** زعم القلب ســــــلي أو ضيعـــــك
موقعي عنــــدك لا أعلمـــــــــــــه *** آه لو تعلم عندي موقعـــــــــــك!
أرجفوا أنك شــــــــــــاك موجع *** ليــــت لي فـــوق الضـــنا ما أوجعك
نامت الأعين إلا مقلـــــــــــــــة *** تسكب الدمــــع وترعى مضجعك
خدعوها/
خَـدَعوهــــــــا بـقـولـهم حَــسْـنــاءُ
والغَواني يَغُـرٌهُــــــــنَّ الــثَّــــــــنـاءُ
أَتـراهــا تـنـاسـت اسـمي لمــــــا
[/COLOR]
كثرت في غـرامـها الاسْمــــــــــاءُ
إن رَأَْتْنِي تميـلُ عـنـي ، كـــأن لم
تك بـيــني وبيـنهـا اشْــــــــــيـــاءُ
يـــوم كنا ولا تســـــل كيف كـنـــا
نـتهادى من الـهـوى مـا نشــــــاءُ
وعلينــا من العفـــــــــاف رقـيــــبُتــعـبـت في مـراسه الاهْــــــــواءُ
سجا الليل/
سجا الليل حتى هاج لي الشعر والهوى *** وما البيد إلا الليل والشعر والحب
ملأت سماء البيد عشقـــــــــا وأرضها *** وحملت وحدي ذلك العشق يا رب
ألم على أبيـــــــــات ليلى بين الهـــوى *** وما غير أشـــواقي دليل ولا ركب
وباتت خيامي خطوة من خيامهــــــــا *** فلم يشفني منها جـــوار ولا قرب
إذا طاف قلبي حولهـــــــــا جن شوقه *** كذلك يطفي الغلة المنهــل العذب
يحن إذا شطت، ويــصبوا إذا دنت *** فيا ويح قلبي كم يحن وكم يصبوا
جاره الوادى/
يا جارةَ الوادي ، طَرِبْتُ وعادنـــــــي
ما يشبهُ الأَحلامَ من ذكـــــــــــــراك
مَثَّلْتُ في الذكرى هواكِ وفي الكرى
والذكرياتُ صَدَى السنينَ الحـــــاكي
ولقد مررْتُ على الرياض برَبْـــــــــــوَةٍ
غَنَّاءَ كنتُ حِيـــــــــــــالَها أَلقـــــــــاك
ضحِكَتْ إِليَّ وجُوهــــــــها وعيــــونُها
ووجدْتُ في أَنفاســــــــــــــها ريّـــاك
لم أدر ما طِيبُ العِناقِ على الهــــوى
حتى ترفَّق ســـــــــاعدي فطــــــواك
وتأَوَّدَتْ أَعطــــــــافُ بانِك في يـــدي
واحــــــــمرّ من خَفَرَيْهما خــــــــدّاك
ودخَلْتُ في ليلين : فَرْعِك والُّدجـى
ولثمتُ كالصّبح المنــــــــــوِّرِ فــــــاكِ
ووجدْتُ في كُنْهِ الجوانحِ نَشْــــــــوَةً
من طيب فيك ، ومن سُــــلاف لَمَاك
وتعطَّلَتْ لغةُ الكـــــــــــــلامِ وخاطبَتْ
عَيْنَىَّ في لغة الهــــــــــــــوى عيناك
ومَحَــــــــوْتُ كلَّ لُبانةٍ من خاطـــــري
ونَسِيتُ كلَّ تَعـــــاتُبٍ وتشـــــــــاكي
الثعلب والديك/
برز الثعـــــــلب يوما *** في شعــــــار الواعظــــــــــــينا
فمشى في الأرض يهـــذي *** ويســـب المـــــــاكرينا
ويقول: الحـــــــمد لله *** إلـــــــــه العــــــالـمــــــــــينا
يا عــــــــــباد الله توبوا *** فهو كهــــــــــف التــــــائبينا
وازهدوا في الطير إن الـ *** عيش عيش الزاهـــدينــــا
واطلبوا الديـــك يؤذن *** لصـــلاة الصــــــــــــبح فينــــا
فأتى الديك رســــــول *** من إمــــــــــام الناســــكينا
عرض الأمر عليــــــه *** وهـــــو يرجــــــــــو أن يلينــــا
فأجـــــاب الديـك عذرا *** يا أضـــل المهـــــتدينـــــــــا
بلـــــغ الثعلب عنـــي *** عن جـــــــدودي الصالحـــينا
عن ذوي التيجان ممن *** دخــــــل البطــــــــن اللعينا
إنهم قــــــــــالوا وخير الـ *** قــــــول قــــول العـــارفينا
" مخطـــئ من ظن يومــــا *** أن للثعــــــــلب ديــنا
علموه/
علموه كيف يجفو فجفا ظالم لاقيت منه ماكفى
مسرف في هجره لا ينتهي اتراهم علموه السارفا؟
جعلوا ذنبي لديه سهري ليت بدري إذ درى الذنب عفا
عرف الناس حقوقي عنده وغريمي مادرى ماعرفا
صح لي في العمر منه موعد ثم ماصدقت حتى اخلفا
ويرى لي الصبر قلب مادرى ان ماكلفني ماكلفا
مستهام في هواه مدنف يترضى مستهاما مدنفا
ياخليلي صفا لي حيلة وأرى الحيلة أن لا تصفا
انا لو ناديته في ذلة هي ذي روحي فخذها ما احتفى
منك يا هاجر دائى/
منك يا هاجر دائي وبكفيك دوائي
يامنى روحي ودنياي وسؤلي ورجائي
انت ان شئت نعيمي واذا شئت شقائي
ليس من عمري يوم لاترى فيه لقائي
وحياتي في التداني ومماتي في التنائي
نم على نسيان سهدي فيك واضحك من بكائي
كل ماترضاه يامولاي يرضاه ولائي
وكما تعلم حبي وكما تدري وفائي
فيك ياراحة روحي طال بالواشي عنائي
وتواريت بدمعي عن عيون الرقبائي
انا اهواك ولا أر ضى الهوى من شركائي
غرت حتى لترى أر ضى غيري من سمائي
ليتني كنت رداء لك أو كنت ردائي
ليتني مائك في الغلة او ليتك مائي
انا ان بذلت الروح/
نا إن بذلتُ الروحَ كيف أُلامُ لمّا رَمَتْ فأَصابَتِ الآرامُ؟
عمدتْ إلي قلبي بسهمٍ نافذٍ فيه لمحتومِ القضاءِ سهام
يا قلبُ ، لا تجزع لحادثة الهوى واصبر ، فما للحادثاتِ دوام
تجري العقول بأهلها ، فإذا جرى كبَتِ العقولُ وزلَّتِ الأَحلام
ما كنت أعلمُ - والحوادثُ جمة ٌ - أن الحوادث مقلة ٌ وقوام
جنيا على كبدي وما عرضتها كبدي ، عليك من البريء سلام
ولقد أَقولُ لمن يَحُثّ كؤوسها قعدتْ كئوسك والهمومُ قيام
لم تجرِ بين جوانحي إلاَّ كما جرَتِ الدِنانُ بها وسال الجَام
ولد الهدى/
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ iiضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ iiوَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ iiبُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ iiالعَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ iiالرُبا
بِـالـتُـرجُـمـانِ شَـذِيَّةٌ iiغَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن iiسَلسَلٍ
وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ iiصَحيفَةٌ
فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ iiحُروفِهِ
أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ iiالباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ iiتَحِيَّةً
مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ iiجاؤوا
بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي
إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ iiوَالحُنَفاءُ
خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ iiآدَمٌ
دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت iiحَـوّاءُ
هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ iiوَاِنتَهَت
فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ iiالقَعساءُ
خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ iiلَها
إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها iiالعُظَماءُ
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ iiفَزُيِّنَت
وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ iiالغَبراءُ
وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي iiقَسَماتُهُ
حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ
وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ iiرَونَقٌ
وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ iiسيماءُ
أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ iiسَمائِهِ
وَتَـهَـلَّـلَـت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ
يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ iiصَباحُهُ
وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ iiوَضّاءُ
الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ iiمُظَفَّرٌ
فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ iiفَزُلزِلَت
وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم iiأَصداءُ
وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ iiحَولَهُم
خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ iiالماءُ
وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ iiجَمَّةٌ
جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ
نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ iiفَضلِهِ
وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ
فـي الـمَهدِ يُستَسقى الحَيا iiبِرَجائِهِ
وَبِـقَـصـدِهِ تُـسـتَـدفَعُ البَأساءُ
بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم
يَـعـرِفـهُ أَهـلُ الصِدقِ iiوَالأُمَناءُ
يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى iiالعُلا
مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ iiالكُبَراءُ
لَـو لَـم تُـقِـم ديناً لَقامَت iiوَحدَها
ديـنـاً تُـضـيءُ بِـنـورِهِ iiالآناءُ
زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ iiشَمائِلٌ
يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ
أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ iiسَمائِهِ
وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ iiأَياءُ
وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ
مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ iiوَالـزُعَماءُ
فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ iiالمَدى
وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً iiوَمُـقَدَّراً
لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو iiأَبٌ
هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما iiالرُحَماءُ
وَإِذا غَـضِـبـتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ
فـي الـحَـقِّ لا ضِغنٌ وَلا iiبَغضاءُ
وَإِذا رَضـيـتَ فَـذاكَ في iiمَرضاتِهِ
وَرِضـى الـكَـثـيـرِ تَحَلُّمٌ iiوَرِياءُ
وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ iiهِزَّةٌ
تَـعـرو الـنَـدِيَّ وَلِـلقُلوبِ iiبُكاءُ
وَإِذا قَـضَـيـتَ فَـلا اِرتِيابَ iiكَأَنَّما
جـاءَ الـخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
وَإِذا حَـمَـيـتَ الماءَ لَم يورَد iiوَلَو
أَنَّ الـقَـيـاصِـرَ وَالمُلوكَ iiظِماءُ
وَإِذا أَجَـرتَ فَـأَنـتَ بَـيتُ اللَهِ iiلَم
يَـدخُـل عَـلَـيهِ المُستَجيرَ iiعَداءُ
وَإِذا مَـلَـكـتَ النَفسَ قُمتَ iiبِبِرِّها
وَلَـوَ اَنَّ مـا مَـلَكَت يَداكَ iiالشاءُ
وَإِذا بَـنَـيـتَ فَـخَيرُ زَوجٍ iiعِشرَةً
وَإِذا اِبـتَـنَـيـتَ فَـدونَـكَ iiالآباءُ
وَإِذا صَـحِـبتَ رَأى الوَفاءَ iiمُجَسَّماً
فـي بُـردِكَ الأَصـحابُ iiوَالخُلَطاءُ
وَإِذا أَخَـذتَ الـعَـهـدَ أَو iiأَعطَيتَهُ
فَـجَـمـيـعُ عَـهدِكَ ذِمَّةٌ iiوَوَفاءُ
وَإِذا مَـشَـيـتَ إِلى العِدا iiفَغَضَنفَرٌ
وَإِذا جَـرَيـتَ فَـإِنَّـكَ iiالـنَـكباءُ
وَتَـمُـدُّ حِـلـمَـكَ لِلسَفيهِ iiمُدارِياً
حَـتّـى يَـضيقَ بِعَرضِكَ iiالسُفَهاءُ
فـي كُـلِّ نَـفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ
وَلِـكُـلِّ نَـفـسٍ فـي نَداكَ iiرَجاءُ
رحم الله امير الشعراء احمد شوقى
التوقيعالسيد احمد سليم الحسيسى
محامى بالقضاء العالى وكاتب مصرى
باحث اسلامى
ماجستير فى القانون
عضو اتحاد الكتاب باريس
محاضر متفرغ بامعهد العربى باريس