الحاله الفلسطينية
في الحديث عن النضال الوطني الفلسطيني تقف حركة فتح بشموخ على رأس كل الأحزاب والتنظيمات الوطنية والقومية والإسلامية الفلسطينية في مرحلة ما بعد النكبة الفلسطينية عام 1948م ، والتي شهدت الوصاية العربية الكاملة على القضية الفلسطينية حتى نكسة الجيوش العربية في يونيه 1967م ، والتي تبعها تحول الموقف العربي الرسمي من حالة التوحد إلى حالة التضامن ،تاركة الحرية للشعب الفلسطيني في أن يتولى مصيره بنفسه ، حين سارعت فتح ، كحركة قائده ، لتمسك بزمام القضية وتعلن شعارها : في القرار الوطني الفلسطيني المستقل ، مسنودا بالكفاح المسلح ، داخل وخارج الوطن المحتل ضد العدو الصهيوني والكل خلف فتح كانوا يلهثون ، ومع الوقت يتراجعون ، يتشققون ، ويتوالدون فتتحول حركة القوميين العرب إلى ما يقارب العشرة تنظيمات صغيره لا تغني ولا تسمن من جوع ، والتنظيمات التابعة لدول الطوق العربي حدها معروف ولا يزيد عن كونها جهاز امني تابع لهذا النظام او ذاك ، ترضى إذا ما رضي ، وتزايد إذا ما غضب ، واستمر هذا الحال حتى معركة بيروت والخروج من لبنان العام 1982م، لتبدأ بعده مرحلة جديدة في النضال السياسي الوطني الفلسطيني بقياده " فتح " ، انفتحت خلالها على العالم كله ، ومدت قنوات الاتصال باتجاه أوربا الغربية والأمريكان ، وجاءت الانتفاضة الفلسطينية المباركة في 9/12/1987م ، تتويجا لمرحلة الهجوم الوطني الفلسطيني على معاقل العدو في كل مكان ، وأثمر هذا الهجوم عن اعتراف 88 دوله بإعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم الإعلان عنه في الجزائر يوم 15/11/ 1988م . ونتيجة لكل هذه المعطيات ، كان القرار الأمريكي بالتعاطي مع حركة فتح ومنظمة التحرير يسير بخطى حثيثة من مرتبة السفراء إلى مرتبة الرؤساء ، ووصل إلى التوقيع على مبادي اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني في واشنطن بحضور الرئيس كلينتون ، واسحق رابين، والرئيس / ياسر عرفات ، لتبدأ مرحلة التحول من حالة النضال إلى مشروع انشاء سلطة وطنية في الضفة الغربية وقطاع غزه ، لا تزال حتى يومنا هذا ( عام 2008) مشروع ، لم يتحول إلى كيان ، انقسم فيه الأخوة إلى اعداء ، وبات الهدف الوطني هو : تحقيق المصالحة الوطنية ، قبل اجبار العدو على الانسحاب ، وتلك هي مأساتنا الآن فأين أخطأنا وأين أصبنا ؟؟ وهل كانت الأزمة في القيادة ، أم أنها أزمة قواعد ؟؟ وهل الأزمة هي أزمة فتح أم أنها أزمة الشعب والقضية ؟؟ هل هي أزمة النظام الإقليمي العربي برمته ؟؟ أم أنها أزمة فوضى خلاقه تريد أمريكا نشرها في دول العالم العربي والإسلامي تمهيدا لسيطرتها الكاملة على النظام الكوني بأسره ؟؟
أسئلة تحتاج إلى إجابات والاستقراء أو الاستغراق فيها للخروج بالاستنتاجات يحتاج إلى تحليل تاريخي ، يعود بنا إلى الوراء ، ويقودنا إلى تحليل للعلاقات الدولية ومتغيراتها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية الاتحاد السوفييتي السابق ، ثم انهيار النظام الرسمي العربي بموافقته على حصار العراق وإعدام الرئيس/ صدام ، وحصار فلسطين واغتيال الرئيس / ياسر عرفات !!!
أننا أمام قضيه مرت بعناوين رئيسيه وتاريخيه على النحو التالي :-
أولا : الحركة الوطنية الفلسطينية في ظل الانتداب البريطاني .
ثانيا : الوصاية العربية على الشعب والقضية (1948- 1967)
ثالثا : حركة فتح القائدة للنضال الفلسطيني ( 1967- 1987)
رابعا : الأزمة الوطنية بين الثورة والسلطة ( 1988 – 2007)
خامسا : الحل الممكن ، والحل المستحيل !!!
وعلى كل من يتصدى للبحث والتحليل في هذه العناوين ، أن يتسم بالحيادية في الطرح والاستقراء ، مؤكدين على أمر واحد أثبتته الأحداث بأن القضية الفلسطينية أكثر تعقيدا مما يعتقد البعض من المحللين العرب أو الفلسطينيين ، وبعدها الدولي ، ملتصق ببعدها الإقليمي والعربي ، وأزمتها الفكرية بين الوطنية والدينية ، مرتبطة حتما بصراع الحضارات ، وأن الاعتقاد بوجود خلاف داخلي بين الأشقاء لا يمكننا التسليم به ، دون ربطه بالمحيط الخارجي ، خاصة وأننا في مرحلة ما قبل قيام الدولة ، ومن العبث أن نصدق أنفسنا ، بادعاء الاستقلالية ورفض التبعية ، ونحن نعيش مشردين أو محاصرين في فلسطين وخارجها ، مضطرين طوعا أو كرها على الانضباطية والالتزام بقوانين الحكام ، فنحن الشعب المتعلم الوحيد المحكوم بشريعة الغاب في عالم يدعي بعضه الانتماء للعروبة والإسلام، وبعضه يزايد بالديمقراطية الغائبة عن العرب والمسلمين ، وهدفه القضاء على العروبة والإسلام .
وبالنتيجة : المسائل كلها متداخلة ، وتحتاج مرادفات للتناقضات ، وحلول تطالب بالأمن والأمان ، وبالمرتبات ، وتحتاج الماء والغاز والكهرباء، وأيضا العلاج ، والتحدي أو العناد لا ينفع في وجه الاستبداد ، كما أثبتت الأحداث أن الخضوع والاستسلام ، لن يقدم لنا سوى المذلة والهوان !!!
الكاتب / يسري شراب