سبق لأستاذي محمد ب. أن تناول هذه الأبيات بالتعليق والتقد على الرابط:


http://arood.com/vb/showthread.php?p=2768#post2768


[align=right]


أتته الخلافة!

قال أشجع السلمي الشاعر المشهور: أذن الخليفة المهدي للناس في الدخول عليه فدخلنا، فأمرنا بالجلوس، فاتفق أن جلس بجنبي بشار بن برد وسكت المهدي فسكت الناس، فسمع بشار حساً فقال لي: من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية، فقال: أتراه ينشد في هذا المحفل؟
فقلت: أحسبه سيفعل، فقال: فأمره المهدي أن ينشد، فأنشد:
ألا ما لسيدتي مالها أدلت فأحمل إدلالها
قال: فنخسني بشار بمرفقه وقال: ويحك! أرأيت أجسر من هذا؟ ينشد مثل هذا الشعرفي مثل هذا الموضع، حتى بلغ إلى قوله:
أتته الخلافة منقادةً إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره لزلزلت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات القلوب لما قبل الله أعمالها
فقال لي بشار: انظر ويحك يا أشجع، هل طار الخليفة عن عرشه؟ قال أشجع: فوالله ما انصرف أحد عن هذا المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.


اختار أبو العتاهية البحر المتقارب وهو بحر مرح راقص مثله مثل الخبب فيما يرى القارئ.
ولكن المهارة في الأبيات لن تأت طبعاً من اختيار البحر فحسب، وهو ليس من البحور كثيرة الاستعمال في المدح، ولعله من هنا رأيت بشاراً الخبير يستهجن في البداية أن يقال مثل هذا للخليفة.
ولكن انظر لقوله:
أتته الخلافة منقادةً إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لها
وهذا النسج المحكم للألفاظ والتلاعب بالكلمات وترتيبها مما تابعه الزجالون لاحقاً في بلاد الشام انظر مثلاً النوع الزجلي المسمى :مخمس مردود":
خوخ ورمان وصبير..ومسّيكن يا أهل الخير
طير وجفت وصيادين..وصيادين وجفت وطير
وطيرين وجفت وصياد!
وللقارئ أن يسمع هذا النموذج المتقن في حوارية للرحابنة.
ثم جاءنا بالاقتباس من الكتاب العزيز:
ولو رامها أحد غيره لزلزلت الأرض زلزالها
وهو اقتباس محكم من الناحية الفنية. وكل هذا يكاد يعد من المحسنات البديعية التي لم يهتم بغيرها شعراء العصور المتأخرة لاحقاً التي تسمى عادة "عصور الانحطاط".
ثم جاءنا بادعاء جريء تجرأ فيه جرأة غير محمودة في الدين غفر الله له:
ولو لم تطعه بنات القلوب لما قبل الله أعمالها!
ولكنها في عرف الفن الشكلي قوية مقبولة، ولعله من أمثال هذه قالوا إن الشعر من باب الشر فإن دخله الخير لان!
ومثل هذه الدعاية السياسية المستندة لا إلى وقائع تخص سيرة الحاكم وأعماله بل إلى الإنشاء المحض تقليد عربي قديم كما ترون استمر إلى أيامنا هذه، وفي بعض البلاد يعد الكتبة خطباً جاهزة تلقى هي بعينها في كل مناسبة فلا ينتبه أحد إلى إعادتها!
وباختصار: إنه نص جميل متقن للغاية، ولكنه نص (إن حكمنا عليه من منظور أخلاقي) يكرس الاستعباد المفجع وانعدام تحكم مجتمع المسلمين بالحكم، وانفلاته من كل سيطرة اجتماعية وتحوله إلى قوة مستقلة ترى في أموال الله أموالاًً خاصة (وانظر إلى جوائز الشعراء وكأن الخليفة يعطيهم من ماله ومال أبيه) وإلى عبيد الله على أنهم عبيد للخليفة.
وكان هذا ما لم تبدأ به الأمة فقد بدأت بخليفة يقول لواليه"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً!" ولكنها انتهت إلى شر مما كان عليه الناس في عهد أبي العتاهية.



----------------------------------




ألا ما لسيدتي مالها = أدلت فأحمل إدلالها
وَإِلّا فَفيمَ تَجَنَّت وَما= جَنيتُ سَقى اللَهُ أَطلالَها
أَلا إِنَّ جارِيَةً لِلإِما= مِ قَد أُسكِنَ الحُبُّ سِربالَها
مَشَت بَينَ حورٍ قِصارِ الخُطا= تُجاذِبُ في المَشيِ أَكفالَها
وَقَد أَتعَبَ اللَهُ نَفسي بِها= وَأَتعَبَ بِاللَومِ عُذّالَهاد
كَأَنَّ بِعَينَيَّ في حَيثُما= سَلَكتُ مِنَ الأَرضِ تِمثالَها
أتته الخلافة منقادةً = إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له =ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره = لزلزلت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات القلوب = لما قبل الله أعمالها
وَإِنَّ الخَليفَةَ مِن بُغْضِ لا= إِلَيهِ لَيُبغِضُ مَن قالَها


وفيما يلي تناول الأبيات بمؤشر م/ع وجدته لدي مما فقد من المنتدى
أتراه يضيف جديدا على تعليق أستاذنا !


1- ألا ما لسيدتي مالها ..... أدلت فأحمل إدلالها
3 2 3* 1 3 2 3 ..... 3* 2* 3* 1 3* 2 3 ....5/7.....0.7

2- وَإِلّا فَفيمَ تَجَنَّت وَما..... جَنيتُ سَقى اللَهُ أَطلالَها
3* 2 3 1 3* 2* 3 ..... 3* 1 3* 2 3* 2 3 ....6/5.....1,2

3- أَلا إِنَّ جارِيَةً لِلإِما..... مِ قَد أُسكِنَ الحُبُّ سِربالَها
3 2* 3 1 3* 2* 3 ..... 3* 2* 3* 2* 3* 2 3....8/5.....1,6

4-مَشَت بَينَ حورٍ قِصارِ الخُطا..... تُجاذِبُ في المَشيِ أَكفالَها
3* 2* 3 2* 3 2* 3 ..... 3 1 3* 2* 3* 2 3 .....7/6..... 1,2

5-وَقَد أَتعَبَ اللَهُ نَفسي بِها..... وَأَتعَبَ بِاللَومِ عُذّالَها
3* 2* 3* 2 3* 2 3 ..... 3* 1 3* 2* 3* 2 3 .....8/5.....1,6

6-كَأَنَّ بِعَينَيَّ في حَيثُما..... سَلَكتُ مِنَ الأَرضِ تِمثالَها
3* 1 3* 2* 3 2* 3 ..... 3* 1 3* 2* 3* 2 3 ..... 8/4.....2,0

7- أتته الخلافة منقادةً ..... إليه تجرر أذيالها
3* 2* 3 1 3* 2 3* ..... 3* 1 3* 1 3* 2 3 ....7/3.....2,3

8- فلم تك تصلح إلا له ولم ..... يك يصلح إلالها
3* 1 3* 1 3* 2 3 ..... 3* 1 3* 1 3* 2 3 ..... ....6/4.....1,5

8- ولو رامها أحد غيره ..... لزلزلت الأرض زلزالها
3* 2 3 1 3* 2 3 ..... 3* 1 3* 2* 3* 2 3 ...6/6.....1,0

9- ولو لم تطعه بنات القلوب ..... لماقبل الله أعمالها
3* 2* 3* 1 3 2* 3 1 ..... 3 1 3* 2 3* 2 3 .....6/6.....1,0


10- وَإِنَّ الخَليفَةَ مِن بَعضِ لا..... إِلَيهِ لَيُبغِضُ مَن قالَها
3* 2* 3 1 3* 2* 3 ..... 3* 1 3* 1 3* 2 3 ..... 7/4.....1,8

توحي قيم مؤشرات م/ع وكأن سائر الأبيات إطار لبيت القصيد " أتته الخلافة منقادة " وكأنها ما نظمت إلى لذلك الغرض، خاصة أن نمط المؤشرات ترتفع تدريجيا وصولا إلى مؤشر هذا البيت ثم تنخفض تدريجيا بعده إلى نهاية القصيدة، وكأن ذلك يصور معرفة الشاعر المسبقة لأهمية هذا البيت، وما سيترتب عليه من رضا الممدوح وإجازته له، فكان تنامي هذا التوقع مصاحبا بتزايد المؤشر، وما أن بلغ القمة حتى أصبح الأمر إجادة الوصول إلى خاتمة سلسة لائقة. ونلاحظ في الأبيات أن مدى التصاعد استغرق ستة أبيات ومدى التنازل بيتين ويبدو هذا منسجما مع طبائع الأشياء في النزول السريع بعد التصاعد الأقل سرعة كما في منحنى شد الحديد مثلا أو نهوض الأمم بطء حتى إذا بدأ نزولها كان انهيارها أسرع من معدل نموها.

على أن ذلك يبدو أوضح في حال إجراء التعديلين التاليين
أولا - اعتبارا البيتين الثالث والرابع وحدة واحدة يبرر ذلك ترابطهما النحوي والمعنوي

3- أَلا إِنَّ جارِيَةً لِلإِما..... مِ قَد أُسكِنَ الحُبُّ سِربالَها
3 2* 3 1 3* 2* 3 ..... 3* 2* 3* 2* 3* 2 3....8/5.....1,6

4-مَشَت بَينَ حورٍ قِصارِ الخُطا..... تُجاذِبُ في المَشيِ أَكفالَها
3* 2* 3 2* 3 2* 3 ..... 3 1 3* 2* 3* 2 3 .....7/6..... 1,2
ويكون م/ع بالنسبة لهما معا = 15/11= 1,4

ثانيا – عزل البيت الأخير ويبدو أنه منفصل المعنى والسياق عن بقية الأبيات، فإما أن أبيات قد سقطت قبله، أو أنه تصريح مباشر من الشاعر للممدوح بطلب الجائزة ولعل هذا يبرر إبرازه بشكل مستقل عما تقدمه. وفي الحالين مبرر لإخراجه من السياق

فإن قمنا بهذين التعديلين فإن الشكل البياني التقريبي التالي يعكس مؤشرات الأبيات بما يوضح الفكرة المتقدمة:

فيما يلي رقم البيت وقيمة مؤشره بشكل بياني

001 .....*******
002 ....************
3و4.....**************
005.....****************
006.....********************
007.....***********************
008.....**************
009.....**********


أتمنى أن أكون بهذا قد نجحت في استمالة أخي وأستاذي محمد ب. لإيلاء هذا الجانب من تطبيقات العروض الرقمي بعضا من اهتمامه. وثمة شرح مفصل له على الرابط:





أخي وأستاذي محمد ب

يسرني الحوار بين الآراء المختلفة. فهو مدعاة لإعمال الفكر وجلاء الحقيقة.

في أغلب الحالات التي أطرح فيها م/ع أحتاط بأنها نظرية تحتاج إلى درس وتمحيص. ويجيء ردك هنا محققا لهذا الغرض. ومع وجاهة ما فيه فإنني سأتبنى وجهة النظر الأخرى لإثراء الحوار.

إن م/ع ليست بالقانون الرياضي الذي لا يتخلف بل هي في أحسن الأحوال تنطبق على كثير من النصوص. ثم حتى في حالة انطباقها فليست بتلك الدقة بين المؤشرات المختلفة وإنما هي نسبية بين مقاطع النص ذاته، وكلما ازداد الفارق بين مقطعين ازدادت احتمالات صوابها. والعكس بالعكس.

تقول أستاذي :" على هذا المبدأ اعتراض جوهري علمي واعتراض نفسي الطابع
في العلم قالوا إن العلاقة بين الألفاظ ومعناها اعتباطية فلا علاقة بين معنى الحجر ولفظه الذي هو الحاء تليها فتحة تليها جيم تليها راء
وهو في الإنجليزية ستون.
بل في العربية هناك مترادفات كل منها له لفظ يختلف عن الآخر.
فلو صح أن ثمة علاقة بين البيت والسواكن والمقاطع المسكنة والمقاطع ذات أحرف العلة فيه لكانت علاقة تدحض المبدأ السابق أي أن اللفظ له علاقة بالمعنى وهو غير اعتباطي . وهذا أمر لا أراه صحيحاً."

السواكن والمتحركات تتطابق جزئيا مع الألفاظ ولكنها ليست بذات الدلالة فمثلا كلمتا (ممات )و( موت) لهما نفس الدلالة ونفس الأحرف تقريبا ولكنهما مختلفين حين يتعلق الأمر ب (م/ع) وكذلك كلمة ( صخرة ) و (صخور ) و ( نبضةٍ ) و ( نبضتي)

خذ مثلا قول ابراهيم الطباطبائي:
فكأن قلبك حين تعرض صخرة.............عادية وفؤادك الفولاذُ

ف كأن* نقل* ب كحي نتع* ر ضصخْ رتن*
=1 3*3* 1 3 3* 1 3* 3*.........م/ع = 5/1=5.0


وقول ابن الوردي:
حتى لقدْ كادتْ صخورُكَ بالهنا ............. يرقصْنَ لولا أنهنَّ صخورُ

الصدر = حت* تى لقد* كا دت* صخو ر كبل* هنا
= 2* 2 3* 2 2* 3 1 3* 3 ...........م/ع=4/4=1,0

لا أقول إن هذا يتم بوعي الشاعر لعلها عبقرية العربية ولعله لما لحالة الشاعر وانفعاله من تأثير على نبضه وتنفسه كما أذكر أني قرأت مرة. والشاهد هنا أن الشاعر في البيت الأول يتكلم عن قسوة تجعل القلب كالصخر بينما الشاعر في البيت الثاني يتكلم عن صخور تكاد ترقص. وبين فارق الجو والصورة ما يؤدي إلى اختلاف م/ع، وقد خدم هذا التباينَ ورود كلمة (صخرةٌ=صخ رتن =2*3*) في البيت الأول و كلمة ( صخوركَ 3 11 ) في البيت الثاني. لك أن تقول إن اختياري هذ انتقائي لإثبات وجهة نظري، وقد يكون قولك صحيحا، ولكن الذي أردت أن أبينه إلى جانب إثبات وجهة نظري هو تبيان أن م/ع شيء وارتباط المعنى باللفظ شيء آخر.

وعلى نفس المنوال أرجو أن تنظر إلى هذا الفارق بين نبضةٍِ ونبضي وقد ورد في تناول لأبيات للأخ ماجد الغامدي:
أمـا فؤادي..لـن يبـوحَ بنبضـةٍ
2* 2 3 2 2* 3 1 3* 3*
م/ع = 4/4=1,0 ينخفض المؤشر فالموضع للكتمان لا للجهر.
ولو قال بنبضهِ (ي ) لكان المؤشر 3/4=0.6
فكلمة نبضه (ي) عامة ولا تحميل قوة إيحاء (نبضةٍ)

قَسماً..فليس الغدرُ مـن أخلاقـي
1 3* 3* 2* 2* 3* 2* 2 2
في الصدر تقرير، وهنا قسم وتصميم فيرتفع المؤشر إلى 6/2=3.0
----------------
وخذ هذا البيت للخبز أرزي:

موت البريَّة عند وقت وفاتِها................والعاشقون لهم فنونُ مماتِ

2* 2* 3* 1 3* 3* 1 3 3 ..............2* 2 3 1 3* 3 1 3
م/ع للصدر = 5/2=2,5....................م/ع للعجز = 2/4=0.5

الحديث في الشطرين عن الموت، فما ثمّ من تفاوت في المعنى ولا في قوة المعنى، وهذا يأخذنا لنقطة أخرى وهي أن اختلاف المعنى أو اختلاف قوة المعنى بين نصين ليس العامل الوحيد، فالفارق بين مؤشري الصدر والعجز واضح، ومردّه إلى الظلال التي تقترن بالنص والتي قد لا تغير شيئا في المعنى، فهنا رغم وحدة المعنى في الحديث عن الموت في الشطرين، إلا أنه في الشطر الأول حديث تقريري موضوعي محايد، فإذا تحدث عن العاشقين ولو في مقام الموت ألقى العشق بظله على نفس الشاعر دون شعور منه فرقت نفسه ورق حديثه فاختار كلمة ممات وسبقتها كلمتا فنون والعاشقون كل ذلك انعكاس لظلال خفية للمعنى قد لا تدركها الأبصار ولكن تدركها النفوس الحساسة.

وأذكر أنني تناولت مرة قصيدة للأخ محمود مرعي يتحدث فيها عن فلسطين وكانت المؤشر ثابتا على وجه العموم ولما تطرق لموقف تفصيلي لمأساة فردية ارتفع المؤشر بشكل واضح. وهذا منطقي، فالشاعر عندما يتناول هما عاما تكون مشاعره مستقرة على مستوى معين لا جديد فيه، فإذا تطرق لوصف تفصيلي لحادثة فردية كقتل طفل بريء اختلجت نفسه أكثر من اختلاجها بالحديث العام عن مجازر حاقت بالأمة. وأشبه ذلك بإحساس الإنسان بالتسارع والتباطؤ عند إقلاع الطائرة وهبوطها وعدم إحساسه بسرعتها أثناء طيرانها مع أنها أكثر منها عند الإقلاع والهبوط .
مما تقدم وسواه مما مر علي في تناول نصوص كثيرة يمكن استنتاج عدة مؤثرات على م/ع يحضرني منها

1- اختلاج النفس بشعور الحزن والفرح، وغالبا فالحزن أشد تأثيرا من الفرح

2- قوة الموقف تجاه حدث ما وهنا نتذكر ما أورده الله تعالى على لسان موسى عليه السلام :" أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكر"......م/ع =13


3- ظلال المعنى كما تقدم

4- الشدة واللين كما بين البيتين:
مشينا مشية اليث ..........عد ا والليث غضبانُ ...........م/ع =1,4
ألا طيري ألا طيري....وغني يا عصافيري .............=0.1

5- التعبير عن السرعة أو قل هو تناغم النفس مع الوصف عندما يتناول السرعة:
مكر مفر مقبل مدبر معا ...........كجلمود صخر حطه السيل من عل .....(م/ع=8.0)

6- الفرق بين المقدمة والنتيجة
وقد تكرر ذلك إذ يطرح الشاعر كمقدمة في بيت أو شطر طرحا موضوعيا أو افتراضيا أو اشتراطيا أو قولا يبدو مسندا إليه ثم يعقب عليه بموقف ذاتي أو موقف مسند
وهنا في الأغلب يختلف الموقف بين الشقين صعودا أو نزولا حسب موقع الشق الثاني من الشق الأول فهو يرتفع على سبيل المثال إن كان الشق الأول حياديا والثاني فيه نوع من التحدي كقول الفرزدق:

وليس قولك من هذا بضائره = 3 3* 1 3* 2 3 1 3 .......م/ع =2/4=0.5
العرب تعرف من أنكرت والعجم = 2* 2* 3* 1 3* 2* 2* 3* 1 3 ...م/ع=7/2=3.5

وقول طرفة:
إذا لقوم قالوا من فتىً خلت أنني = 3* 2* 3 2 2* 3* 2* 3* 3 ......6/3=2,0
عنيتُ فلم أكسل ولم أتبلد = 3 1 3* 2* 2* 3* 1 3* 3 .......م/ع =5/2=2,5

ونلاحظ في بيت الفرزدق فارقا أكبر بين شقيه مما هو الحال بين شقي بيت لبيد، ذلك أن الصدر في بيت لبيد ليس حياديا فصيغة السؤال تحمل في طياتها تحدي البحث ، ولو أننا أردنا قسمة البيت بغض النظر عن حدود الشطرين بين موضوعي ومُتَحَدٍّ لكان ذلك
إذا القوم قالوا............ من فتىً خلت أنني عنيت فلم فلم أكسل ولم أتبلد
3* 2* 3 2 ............. 2* 3* 2* 3* 3 3 1 3* 2* 2* 3* 1 3* 3
(م/ع) =2/2= 1,0...................................(م/ع) =9/3=3.0

وينعكس الأمر فينزل مؤشر الشق الثاني عن الأول إذا كان الشق الأول محملا بدلالات معينة كالحب ثم جاء الشق الثاني تفصيلا أو تفسيرا للشق الأول كما في قول مروان ابن أبي حفص

وَلَو أَنَّني أَنصَفتُكَ الوُدَّ لَم أَبِت خِلافَكَ حَتّى نَنطَوي في الرَدى مَعا
م/ع الصدر= 8/1= 8.0.......................م/ع للعجز 3/5= 0.6

ومنه كذلك قول جميل بثينة كما جاء في الموسوعة الشعرية

ألا ليتنا نحيا جميعا فإن نمت ..............يجاورُ في الموتى ضريحي ضريحها
3 2* 3 2* 2 3 2* 3* 3* ....................3 1 3* 2* 2 3 2 3 3
(م/ع) للصدر = 5/3= 1,7............................(م/ع) للعجز = 2/6=0.3

وكأنني أحفظ البيت بالنص التالي ( وفيه يجزم جواب الشرط) :
ألا ليتنا نحيا جميعا فإن نمت ..............يجاورْ لدى الموتى ضريحي ضريحها
3 2* 3 2* 2 3 2* 3* 3* ....................3 2* 3* 2* 2 3 2 3 3
(م/ع) للصدر = 5/3= 1,7............................(م/ع) للعجز = 3/6= 0.5

ومن عجيب الصدف وجود هذا البيت
أَلا لَيتَنا نَحيا جَميعاً بِغِبطَةٍ.........................وَتَبلى عِظامي حينَ تَبلى عِظامُها
3 2* 3 2* 2 3 2* 3* 3* ..................3* 2 3 2 2 3* 2 3 3
(م/ع) للصدر = 5/3= 1,7............................(م/ع) للعجز = 2/7= 0.3

فتأمل.

7- وأحيانا قد يكون إختلاف المؤشر عما هو متوقع كشفٌ لمعنى مستتر في النفس، وإن نطق اللسان بعكسه. وقد يكون من ذلك ( مع التحفظ الشديد والتركيز على كلمة قد) ما ذكره تعالى :": وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ

( مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 25 )
2 3 3*3 1 3*1 3 2*2* 2 2*2* 1 3* 3 2*3 ه
8/6=1,33
لو أن شخصا اعتدى على امرأة فإن المفترض أن تشكوه بحدة وحقد فيرتفع المؤشر، وهنا موقف ظاهره منها كذلك أمام سيدها ولكن المؤشر منخفض وكأنه مؤشر إخباري بمشاعر محايدة، هل ذلك معبر عن ميلها الذي كانت تجده تجاه يوسف عليه السلام؟ فجاء انخفاض المؤشر ليكشف تمثيلها للغضب !


تساءلت بيني وبين نفسي لماذا اختار أستاذي على منطقيته وعلميته أن يناقش موضوع م/ع الذي أوردته في ( أتته الخلافة ) على نص آخر وهو أبيات أبي القاسم الشابي . هل الأمر بحث عن أدلة :" كمن يبدأ من فرضية تقول إن نهايات الأشهر تحتوي على أحداث مهمة في حياة الإنسان أكثر من منتصفها ثم يبدأ في جمع الأدلة ومناقشة الموضوع وهو إن سار في هذا السبيل قد يجمع بالفعل أدلة متوهمة تماماً." أما كان الأولى أن نناقش الموضوع على ضوء النص المطروح أولا ثم ننتقل إلى أبيات أبي القاسم الشابي. لو كان هذا من غير أستاذي لأغراني الموقف بادعاء أن هذا يعتبر إقرارا بأن فيما ذكرته عن م/ع في (أتته الخلافة) شيء اعتقد أستاذي أنه ليس صدفة ، خاصة وأنه منسجم مع طرحه قبل تعليقي، ولهذا كان انتقاله لمناقشة م/ع من ( أتته الخلافة ) إلى نص أبي القاسم الشابي تخلصا من نتيجة في النص لا تنسجم وفكرته المسبقة إلى نص رأى فيه مجالا أكثر انسجاما مع فكرته المسبقة. ولكن عند أستاذي من سعة الصدر ما يخيل لي قوله :" بل إفترض ذلك وامض في الحوار على أساسه ولا تثريب عليك، فاختلاف الرأي ومتعة الحوار فيه تزيدنا ودا"
أستجمع ما لدي متشجعا من مقالته مستعرضا موضوع م/ع في نص أبي القاسم الشابي:

القصيدة ثمانية وستون بيتا كما هي على الرابط:


ولا بأس أن أبدأ بالأبيات التي تفضل بها أخي لمناقشتها أولا

هذا المثال وأرجو أن تكون حساباتي صحيحة:

1- إذا الشعب يوماً أراد الحياة ..فلا بد أن يستجيب القدر10/4=2,5

2- ولا بد لليل أن ينجلي..ولا بد للقيد أن ينكسر11/3=3,6

3 - ومن لم يعانقه شوق الحياة.. تبخر في حرها واندثر9/4=2,25

4 - كذلك قالت لي الكائنات..وحدثني روحها المستتر7/3=2,33

5- إذا ما طمحت إلى غاية..لبست المنى وخلعت الحذر7/5=1,4

لو لم أحسب وسألت نفسي: أين ذروة الأبيات يا ترى؟ لقلت إن الأبيات ذروتها أول بيت:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة .......فلا بد أن يستجيب القدر!

صحيح إن هذا ذروة الأبيات من حيث غرض الشاعر ومن حيث أنه يمثل بيت القصيد.

ولكن في البيت الثاني:


2- ولا بد لليل أن ينجلي...........ولا بد للقيد أن ينكسر11/3=3,6

من التأكيد الزائد المتمثل في (لا بد) ضعف الأول ولمزيد من التوضيح لنأخذ أشطر البيتين كل شطر على حدة:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة = 3*2* 3* 2* 3 2* 3 1 .....م/ع =5/2=2,5
فلا بد أن يستجيب القدر = 3 2* 3* 2* 3 2* 3* ............م/ع =5/2=2,5

تماثل مؤشري الشطرين يدلنا على معنى واحد ذي ظلال متماثلة

ولا بد لليل أن ينجلي = 3 2* 3* 2* 3* 2* 3 .....م/ع =5/2=2,5
هو ذات مؤشر الشطرين السابقين بما يمثله ذاك من ثبات المعنى وظلاله.

ولا بد للقيد أن ينكسر = 3 2* 3* 2* 3* 2* 3* ....م/ع = 6 /1=6,0

لنقارن هذا العجز بصدره لا شك أن المعنى واحد، فهل ظلاله واحدة ؟

في الصدر ( ليل ...........ينجلي ) وفي العجز ( قيد..... ينكسر )

كلاهما يوحي بأثر قوي في النفس ولكن أيهما أشد تأثيرؤا على النفس لا شك أنه الثاني

لنعيد المقارنة بشكل أدق

ولا بد للْ ليْ لأنْ ين جلي
ولا بد لل قيد دأن ين كسرْ

الفارق هو بين ( ين جلي = 2* 3) و ( ين كسر = 2* 3* ) ولا شك إن في كلمة ينجلي بحد ذاتها من النداوة ما ليس في كلمة ينكسر، هذه الظلال التي مثلتها كلمة ينكسر مقترنة مع كلمة قيد (على مشابهتها لكلمة ليل من حيث م/ع) رفعت مؤشر هذا الشطر على سابقه بل قل على سابقاته من الأشطر ورفعت بالتالي مؤشر هذا البيت على سابقه.

بل لقد خطرت لي فكرة أن الزخم الذي مثله البيت السابق هو الذي ساعد نفسية الشاعر للمضي قدما إلى هذا الحد من التأكيد على معناه.

إن تقارب مؤشرات الأبيات الأربعة الأولى ( باستثناء هذا الشطر) حيث قيم م/ع كالتالي

البيت الأول = 2,5
صدر البيت الثاني = 2,5
البيت الثالث = 2,25
البيت الرابع = 2,33



دليل على صحة م/ع ينبئ باستقرار الحالة النفسية للشاعر في هذا السياق المتقارب المعنى والأحاسيس، وحتى لو اعتبرنا مؤشر البيت الثاني ضمن هذه المؤشرات فإنه لا يخل كثيرا بهذه النتيجة إذا تصورنا أنفسنا أمام نص أدبي ورؤية عامة لا أمام مختبر كيماوي أو مسألة رياضية.

إذا ما طمحت إلى غاية = 3 2 3* 1 3 2 3* ............م/ع = 2/4=0.5
لبست المنى وخلعت الحذر = 3* 2* 3 1 3* 2* 3*.....5/1= 5.0

هنا تمثيل للظاهرة التي تقدم شرحها في البند رقم 6 ( الفرق بين المقدمة والنتيجة )

وثمة بيت آخر لا يخلو تأمل شطريه من فائدة على ضوء البند رقم 6

ومن لم يعانقه شوق الحياة................. تبخر في حرها واندثر
3* 2* 3 2* 3* 2* 3 1 .................3* 1 3 2* 3 2* 3*
(م/ع) للصدر = 5/2=2,5....................(م/ع) للعجز = 4/2=2,0

ولو قال الشاعر:

ومن لم يؤرّقْهُ للعيش شوقٌ................. تبخر في حره واندثر
3* 2* 3* 2* 3* 2* 2* .................3* 1 3 2* 3 2* 3*
(م/ع) للصدر = 7/صفر =20 (إصطلاحا)....................(م/ع) للعجز = 4/2=2,0

وهنا يُنظر إلى نقطتين

الأولى ارتفاع مؤشر نص الصدر المُحَوّر عن مؤشر النص الأصلي اختلافا شاسعا، لا لفرق القوة في المعنى، بل لفرق ظلال دلالات المفردات كل على حدة ( يؤرق مقابل يعانق ) و ( عيش مقابل حياة )

والثانية تعاظم اتجاه فارق المؤشر تبعا للنقطة الأولى بين الصدر والعجز فبينما هو نازل من (2,5 إلى 2 )
في النص الأصلي نراه ينزل من (20 إلى 2 ) في النص المحور.

وعودة إلى أصل القصيدة سأجمع ما أراه أ


وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم...........لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر


3* 2 3 1 3* 2* 3 1 ..........................3 2* 3* 2* 3* 2* 3


الصدر 3/3=1,0...............................العجز = 5/2=2,5




"أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ ................ وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر


3 1 3* 2 3* 2* 3 1 ...............................3* 2* 3* 1 3 2* 3*


الصدر 3/3=1,0........................العجز 5/1=5.0


أنظر إلى دلالة التوكيد والعزم في يستلذّ




وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ.................مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر


3 2* 3* 2* 3 2* 3 1 .................3* 1 3* 2* 3 2* 3*


الصدر 4/3=1,3.......................5/1=5.0




سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ ............. وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر


3* 1 3 2* 3 2* 3 1 .........................3* 2* 3* 2* 3* 2 3*


الصدر = 3./3=1,0......................العجز =6/1=6.0

نلاحظ في الأبيات المتقدمة ارتفاع مؤشر العجز عن الصدر، وهذا متوقع في قصيدة مقيدة الروي أي ينتهي عجزها بمقطع ساكن وجوبا، وليس ذلك واجبا في نهاية الصدر، ولكن الملفت للنظر في هذه الأبيات أن يقوم الشاعر باستغلال معمارها شبه المقرر سلفا بحكم تسكين الروي وذلك بتخصيص المعاني والصور والألفاظ والإيحاءات الأقرب للرقة والإنارة تخصيصها للصدر في حين اختص العجز بنظيراتها الأقرب للشدة والقتام.

كم يطيب لي أن يقول أستاذي الكريم إن اختياري لهذه الأبيات انتقائي، وأن يعمد إلى أبيات سواها تناقض هذا التصور. وأنا واثق أنه إن فعل ذلك فسيفتح بابا لمستوى راق آخر من الحوار.
هذه دعوة لأخي وسواه لاستمرار الحوار حول م/ع في قصيدة أبي القاسم الشابي كما في قصيدة ( أتته الخلافة)

سعدت بمخالفة أخي وأستاذي محمد ب لي الرأي، فلم يكن لي أن أحشد من التركيز ما مكنني من كتابة ما تقدم لو لم يكن ذلك ردا على من له في قلبي مكانته احتراما لخلقه وعلمه.

هل م/ع حقيقة ثايتة

كلا

ولكنها مظنة للصواب لكثرة ما وجدتها تنطبق.

ويبقى الحوار حولها بما لها وعليها طريقا للتثبت من مدى صحتها.