الحمد لله على ما يسر وقدر .. ها نحن نسعى للوفاء بما وعدنا به أمس ..عيدية الوفاء للزوجة .. عسى ألا نطيل .. ثلاث إيماضات لا أكثر :الأولى : قصة رويت لي عند التحاقي بالعمل .. حين دخل سائق كنا قد طلبناه ليوصل بعض المعاملات .. وحين خرج أخبرت أنه حين ماتت زوجته .. لم يتزوج .. فكان لبُنيتاه .. الأب .. والأم .. يجهزهن للمدارس .. ويصنع لهن ما كنت أمهن تصنع.الثانية : كنت عائدا من زيارة قبر أبي – رحمه الله ورحم أمي – حين رأيت رجلا يجلس إلى جوار قبر .. فتحاشيته،لكي لا أقطع خلوته . . فأخذت طريقا آخر .. وحين عدت إلى نفس الطريق .. وقف وتقدم إليّ ... شاب باكستاني .. بعينين دامعتين .. ثم طلب مني أن أدعو لزوجته التي توفيت قبل شهر .. سألته عن اسمها .. ودعوت لها .. وانصرفت.وبعد عام .. وشهرين أو ثلاثة – أنسيت – رأيته في نفس المكان .. فذهبت إليه هذه المرة قاصدا .. فلما سلمت عليه .. استقبلني بنفس العينين الدامعتين .. كأنني تركته .. قبل ساعات .. لا قبل أكثر من عام.الثالثة : أما هذه فومضة من قصة للطيب الصالح .. وعليّ هنا أن أعترف بأنني أحببت قصص "الطيب" : (مريود) و_بندر شاه) .. وحتى ( دومة ود حامد)، أكثر من روايته ذائعة الصيت .. ( موسم الهجرة إلى الشمال).. إلى الومضة وهي هدية لكل زوجة كانت تتمنى أن يكون زوجها لها أكثر وفاء .. ( قلت له أحثه على التذكر .ذات المكان على ذات الشاطئ،رجلان شيخان يرقبان شروقا كأنه المغيب :("أما أنت يا ود الريس ففارس بر وفارس بحر "لكن صمته طال حتى يئست منه،وشغلتني الأصوات المبهمة التي تنبع من النهر،كأنني أسمعها من مسافة ألف ميل،فيها أصداء الأودية الجبلية البعيدة،والشلالات. وأذعنت زمنا للغط الموجات الصغيرة وهي تعدو بلا كلل من شاطئ إلى شاطئ. ومن آن لآن كان النهر،هنالك في القلب،عند ملتقى التيارات،يعوي عواءه القديم. وبينا أنا كذلك،إذا بصوت إنسان إلى يميني،كأنه يخاطب النهر والفجر الذي قرب طلوعه :"الإنسان يا محيميد ... الحياة يا محيميد مل فيها غير حاجتين .. الصداقة والمحبة. ما تقول لي لا حسب ولا نسب،لا جاه ولا مال ... ابن آدم إذا كان ترك الدنيا وعنده ثقة إنسان واحد،يكون كسبان. وأنا،المولى عز وجل أكرمني بالحيل. أنعم علي بدل النعمة نعمتين .. أداني صداقة محجوب وحب فاطمة بنت جبر الدار"){ ص 40 ( مريود ) / الطيب صالح / بيروت / دار العودة / الطبعة الثالثة 1987}.جعلكن الله جميعا .. لأزواجكن .. فاطمة بنت جبر الدار.أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدنيالوفاء للزوجة: الدنيا " صداقة ود محجوب وحب فاطمة بنت جبر الدار"