دولة العدالة
المؤرخ والمحقق حسون حسن الشيخ علي المفرجي
تحت شعار العدل أساس الملك نقدم هذا البحث لإخواننا الأعزاء: الدَوْلَة مصدر دالَ يَدُول دُلْ دَوْلاً ودَوْلَةً فهو دائل والمفعول مَدُول له وجمعها دَوْلات ودُوَل .. الدَّوْلَةُ هي جمع كبير من الأفراد يَقْطن بصفة دائمة إقليمًا معيَّنًا ويتمتع بالشخصية المعنوية وبنظام حكومي وبالإستقلال السياسي ما هو العدل: مصدر عدَلَ يَعدِ عَدْلاً وَعُدُولاً وعَدَالَة ومَعْدِلَة فهو عادِل والمفعول معدو لللمتعدِّي والعدْل: إسم من أسماء الله الحسنى الذي لا يظلم ولا يجور وهو وصف بالمصدر على سبيل المبالغة حيث يقول جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) يقول صاحب لسان العرب: العَدْل: ما قام في النفوس أنه مستقيم وهو ضد الجور. والعدل:هو الإنصاف والقسط وإعطاء كل ذي حقٍ حقه من غير جور أو ظلم أو إفراط أو تفريط ووضع الأمور في مواضعها الصحيحة وإعطاء كل ذي حق حقه بالقسط والمساواة إستنادا إلى إثباتات وبراهين توضح صاحب الحق والحاكم إذا أقام العدل يجب أن يقيم الإنصاف والمساواة في حياتهم وقضاياهم. وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا سُرُورٌ ..... يعْدِلُ سُرُورَ الإِخْوَانِ
قال تعالى(وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) النساء:58
هل العدْل أصبح عابراً والجَوْر غالباً؟! كل منا يعيش على أرض تحتضنه في مساحة جغرافية معينة ومحددة ونخضع لقانون أو دستور نعمل به تحت نظام سياسي معين وجهة تشرف على أنشطتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية. من هنا ننطلق إلى مفهوم الدولة فهناك أفراد أو شعب وهناك أرض نعيش عليها ونستملك فيها وهو الوطن وهناك جهة تدير الأمور إعتمادا على نظام سياسي معين وبدستور يحكم تصرفاتنا. فالدولة هي تجمع سياسي يوجد نظاما سياديا في إقليم معين ويمارس السلطات من خلال مؤسساته ومنظوماته وأجهزته المختلفة. فلا توجد دولة بلا حكومة تضبط الأمور وتسيرها وأرض وشعب... فالدولة تمثل جميع المؤسسات حتى لو لم تكن حكومية وتستوعب جميع الناس فيها كمواطنين كما أن الدولة باقية مهما تغيرت الحكومات أو الأنظمة السياسية. أما الحكومة فهي جزء من الدولة فهناك شكلان من الدول الدولة الموحدة إقليميا وسياسيا ذات القرارات المركزية ودولة إتحادية وهي إتحاد دولتين أوأكثر معا وفقا لإتفاقيات موقعة بينهما أو دستور ينظم العلاقات بينهما ولهذا الشكل من الدول شكلين أيضا الدولة الإتحادية أو الفدرالية وهي إتحاد مجموعة من الأقاليم أو الولايات مع بعضها البعض تحت إتحاد واحد له سياسة خارجية واحدة ولكل ولاية أو إقليم سياسته الداخلية الخاصة به من تعليم وصحة ونقل وصناعة وتجارة ..إلخ. ويكون لهذا الإتحاد رئيس دولة واحد ورؤساء للأقاليم وحكومة مركزية واحدة وحكومات للأقاليم ولها جيش وطني واحد ودستور واحد ودساتير محلية ونشيد واحد ورمز واحد ولها نفس الجنسية للمواطنين والشكل الثاني من أشكال الدول الإتحادية هو الإتحادات الكونفدرالية وفيها تكون كل دولة مستقلة ولها سياستها الخارجية والداخلية الخاصة ولها كل مميزات الدولة ويقوم هذا الإتحاد بين الدول بإتفاقها بناء على مصالح مشتركة إقتصادية وسياسية وعسكرية وثقافية.... هل يقيم الله سبحانه الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة...إذا بغى الحكام وجاروا على العباد كان سبباً لقيام الثورات ولنتستقر الأوضاع في تلك البلاد حتى يُهلك الشعب الواحد بعضه بعضاً ويكون ذلك سبباً لفتح الطريق لأمة أخرى لكي تستعبدها هل الإسلام دينعدل ومساواة؟ المساواة المطلقة ليست منالعدل في شيء لأن المساواة لا تستلزم العدل دائمًا والإسلام ليس دين مساواة بل هودين عدل وهذا العدل من مقتضياته المساواة في مواطن ونفيها في مواطن أخرى إذ أن المساواة المطلقة ليست من العدالة في شيء والمساواة لا تصبح عدلًا إلا إذا انتفت الفروق بين من يُراد العدل بينهم. لقد مر التاريخ الفكري في الإسلام بمرحلتين الأولى برزت فيها قوة البرهان والثانية إنتفش فيها سوط السلطان ففي الأولى لم يكن المسلمونيهابون الإختلاف في الرأي أو الإتجاه والفهم فالخلاف سنة إلهية قال تعالى: ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةًوَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ*إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَظ°لِكَخَلَقَهُمْ)
فالحكمة تقتضي تنظيم وتقنين الإختلاف بحيث يتحول إلى ينبوع إثراء للحياة الإنسانية بدلا من سيف مسلط على رقاب البشر.....
حتى متى لا نرى عدلاً نعيش به*** ولا نرى لدعاة الحق أَعوانا
وحتى متى لا نرى عدلاً نُسَرُّ به *** ولا نرى لولاة الحق أعوانا
مستمسكيـن بحق قائميـن به **** إذا تلوّن أهل الجور ألوانـا