نحن والحرب والسلفيين/ مصطفى إبراهيم.
عقد من الزمن والمتابع للحالة الفلسطينية يلاحظ من دون إرهاق في البحث والتقصي وحديث الحرب هو المسيطر والإنفجار قادم والاوضاع المعيشية القاسية والفقر والبطالة والناس معاناتها كبيرة ويعيشون في حرب طويلة الأمد ولا نهاية لها وحياتهم غير مستقرة بل قاسية، وينتظرن الأسوأ، فالحرب مستمرة ومرة تلو الأخرى تندلع الحرب بالطريقة ذاتها التي تندلع فيها والمعادلات غير المنطقية. فنحن من نخلق الظروف لها وشروطها قائمة سواء بتصريحات الإنفجار والشروط القائمة لاندلاع المعركة التي لسنا طرف فيها فنحن لا نقرر، ولم يعد الموضوع يتعلق بمجموعة من السلفيين يناكفون حماس وينتقمون منها لإحتجاز المئات منهم كما يقال وخططوا لعمليات إنتحارية ضد مسؤولين في حماس.
والحديث عن الحرب أصبح مرتبط بمجموعة من السلفيين وهو إمتداد لتاريخ وحالة تخطت الخصومة والخلاف الفكري ووصلت للعداء والتكفير ومراكمة المشكلات حتى أصبحت أزمات متفاقمة وطريقة المعالجات السابقة بتدخل بعض المشايخ لم تنجح، حتى المعالجات الفكرية أيضاً فشلت.
فهي حالة مزمنة في الساحة الفلسطينية، وهي ضمن سياق تاريخي من العداء، وغياب النقاش العلني والإجماع أو التوافق الوطني على شكل المقاومة منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وكل طرف يرى المقاومة والتحرير من رؤيته وأهدافه ومصالحه، ومرة تكون المقاومة وصواريخها منفلتة وعبثية ومرة صواريخ التحرير، وأن هذه الصواريخ تعيق استعدادات المقاومة للمعركة القادمة، وتعيق عملها في التجهيز والإعداد.
فالمعركة الكبرى مستمرة وفي كل لحظة سواء بالفوضى وعبثيتها التي يدفعنا كثيرون اليها أو بالإستعداد والتجهيز والتجييش وإستعجالها بالتصريحات النارية وقرب التحرير. فنحن من نصنع المعارك ونستجلب العدوان ودورات العدوان السابقة دليل على ذلك فحياتنا معسكر حرب مستمرة، ونحن من نهيئ الظروف ونخلقها، وربما المبادرة لها حتى خرج الموضوع عن الأهداف السامية للمقاومة، سواء بإدراك أو من دون إدراك، والمزايدات والتربص كل منا بالآخر.
واقعنا أليم والدمار والخراب لا يزال ماثل أمامنا، ولم نشفى منه بعد، ونبحث عن معركة جديدة لنستجلب العطف بل نروج لها ونستدعيها والجميع مسؤول، ومسلوب الإرادة وينساق للحرب والعدوان بإرادة ومن دون إرادة، والحرب ليست نزهة ولا شجاعة أو بطولة، ونحن نفرضها على أنفسنا، هي هلاك ودمار وضحايا جدد في معركة تغيب عنها موازين القوة.
نحن وحيدون والوحيدون بفرقتنا وإنقسامنا، والصادق مع شعبه يعمل على خلق بيئة ويهيئ ظروف جديدة غير هذه البيئة المعبقة بالدم والحقد والنار ودخان الحرب الكريهة، ويبذل قصارى جهده لتهيئة الحد الأدنى من الحياة الكريمة للناس وفتح نقاش وطني وشراكة حقيقية في قضايانا عامة، وقضية السلفيين خاصة وتطرفهم ورؤيتهم للمجتمع.
فقضية السلفيين ليست شأننا حمساوياً خاصاً، إنما هي شأن الكل الفلسطيني لنزع فتيل التطرف والفوضى والحرب والدمار على جميع المستويات، وما تقوم به حماس وأجهزتها الأمنية وإدعاءات ذوي المعتقلين بتعرضهم للتعذيب والمعاملة القاسية وعرضهم على القضاء العسكري ليست حلاً وحيداً كما هو الحل الامني المسيطر على منذ سنوات في معالجة قضايانا.
حتى وزارة الأوقاف التي دعت لمؤتمر التطرف لم تعالج القضية ولن ينهيها مؤتمر وأوراق تقدم بشرح الظاهرة من مشايخ من لون واحد وكل منا يرى الدين وقضية التطرف من زاوية سياسة وتخدم توجهاته، فالقضية أكبر من معالجتها بهذه الطريقة الإعلامية والإستعراضية، فالبحث فيها يبدأ من نقاش مجتمعي والفكر السائد والمرشدين والمشايخ الذين يوجهون الناس بفتاوى حسب الموقف السياسي، ومن دون إشراك المجتمع والفصائل ومنظمات المجتمع المدني والبحث في أسباب التطرف والبيئة الحاضنة لها، والقهر والظلم والحصار ومنتجاته من الفقر والبطالة وغياب الأمل والأفق في التقليل من خسائرنا.