أيهما أقل شرا: دولة يحكمها "الفاسدون المستبدون"، أم دولة يحكمها "لصوص الثورات" (؟!)
أربع ثورات عربية مهمة وعملاقة تمت سرقتها على مدى الستين سنة الماضية، كان مُقَدَّرا لها أن تغير وجه التاريخ لو لم تُسْرَق..
الثورة الجزائرية "54/62"..
سرقها "الجنرالات المتحالفون مع الفرانكوفونية"..
وكانت النتيجة حربا أهلية دمرت الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل، ونزاعا مع الجيران بلا طعم ولا لون ولا رائحة ولا قوام..
وثورة ضباط مصر الأحرار "52/70"..
سرقها الانفتاحيون من "تجار الروبابيكيا"، و"رواد الموالد"، و"شعراء الخواطر"، و"مثقفي الهزيمة"..
وكانت النتيجة رهن دولة، وتدمير شعب، وتراجع أمة، بسبب تقزيم فعل ثقافي لأعظم حضارة..
والثورة الأردنية "65/69"..
سرقها "الوظيفيون القطريون" من أنصار "أوهام الهوية" في الأردن وفلسطين..
وكانت النتيجة تقسيم شعب تقسيما جعل الحليمَ حيرانا، وعلَّمَ الشيطان كيف تكون الشيطنة الحقيقية..
وثورات ما يسمى بالربيع العربي "2011/2012" في تونس ومصر وليبيا..
سرقها "الإسلام السياسي"..
والآن يحاول "الليبراليون الجدد" إعادة سرقتها من سارقيها..
وكانت النتيجة أفقا مترنحا لشعوبٍ تحتاج إلى ثورات كي تنقذها من ثوراتها..
أما اليمنيون فإنهم يحاولون الإفاقة من نوباتِ تيهٍ لا يفهمونها ولا يعرفون أسبابها..
وأما الأردنيون فيسابقون الزمن كي لا يسبقهم إلى قواعد العبودية المبتكرة أحد..
وأما السوريون فإنهم ينتحرون، بعد أن قطعوا شرايين أيديهم، وأغلقوا الأبواب كي لا يدخل لإنقاذهم أحد قبل أن تُراقَ كلُّ دمائهم..
الأصعب من أن نثور هو أن نحافظ على ثوراتنا..
وإذا كنا لا نملك اليقين بأننا قادرون على حماية ثوراتنا من اللصوص، فالأفضل ألا نثور..
لكم أخشى أن نصل إلى إحباط يدفعنا إلى القول بأن واقعا يحكمة "الفاسدون المستبدون" أقل شرا من واقع يحكمه "لصوص الثورات"..
الحكمة في إجازة تجوب الأمصار والبلدان بحثا عن "جرعةٍ من بعد النظر لم تجدها لدى "العربان"..
والعقل في قيلولة تستغرقه خلال نصفها الأول أحلامُ "دار الندوة" و"أهل الحل والعقد" و"السلف الصالح"، وخلال نصفها الثاني أوهام "حرية سقطت من سمائهم عمياء"، و"عدالة وُلِدَت من رحم معاناتهم عرجاء"..