ثورة أمة بعثت من جديد
أمة تنفق 8 ملايين دولار شهريا على الرسائل الخلوية التي تظهر على الشريط الموجود أسفل شاشة قنواتها الفضائية العربية و16 مليار دولار سنويا علي
إنتاج الكليبات الخاصة بالأغاني،ومجموع ما تنفقه نساءها على مستحضرات التجميل في السنة الواحدة هو 2مليار دولار ثلاثة أرباعهم يخص المرأة الخليجية،
بينما مجموع ما تنفقه تلك الأمة مجتمعة على البحث العلمي هو 1.7مليار دولار سنويا،أمة عدد الأميين بها يفوق ال100 مليون،أي حوالي ثلث العرب لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة،فالعربي الذي ينتمي إلى أمة اقرأ مقدار ما يقرؤه في السنة الواحدة لا يتجاوز ربع صفحة،بينما عدد الكتب التي يقرأها المواطن الأمريكي في السنة 11 كتاباً,والأوروبي 7 كتب،يدرس 6 سنوات ابتدائي و3 في الإعدادي ومثلها للمرحلة الثانوية،و4 سنين بالجامعة،وفي الأخر يجلس على المقهى بجوار شقيقه الأكبر في أمة تحتضن أكثر من 7 ملايين عامل أجنبي على أرضها وبجوارهم،فهل تعلم أن مجموع الدخل السنوي للخادمات الأجنبيات في البيوت العربية 3 مليارات دولار شهريا!!
كانت هذه هي المقدمات التي تؤكد للجميع أن أمة الأنبياء تتجه إلى الاندثار،تلك الأمة التي عملت حكوماتها منذ منتصف القرن الماضي على نهب ثروات شعوبها و قمع الحريات وتكميم الأفواه،ومع بداية الربيع العربي بدأت تلك الشعوب التحرر من القيود مطالبة بأبسط حقوقها و حريتها من طغاتها المتألهين،ولكن يشاء الله عز وجل أن ينفجر النقاء والصدق الثوري كما انفجر بئر زمزم في وسط الصحراء الجرداء ويتحد مع الحماس الشبابي ليغير حياتنا إلى الأفضل،أو على الأقل يخلصنا من خبث الاستبداد والطغيان والظلم .
حقا " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"،فكل التغييرات الدراماتيكية المتلاحقة في مصر قد كشفت عن معادلة سياسية غير مسبوقة في المجتمع العربي، قوامها " مواطن جرئ في مواجهة نظام سياسي هش"،وهذا ما دفع الكاتب الأمريكي (توماس فريدمان)بان يقول:
إنه بات يحتاج للتوقف لتدوين ما يجري دون توقع أي شيء في المستقبل،
فالتفاعلات السياسية المتسارعة حدت من قدرة المحللين على التنبؤ، وباتوا أكثر احتياجا للوصف ومحاولة التفسير،لأننا إزاء واقع سياسي يتغير بسرعة أكبر من قدراتنا على التوقع.
من كان يتوقع أن يشهد ميدان التحرير في مصرنا الحبيبة دوله مدنيه متحضرة بمعنى الكلمة،فالمسلم بجوار المسيحي يقتسمون رغيف العيش،الوقوف في طوابير علي الحمامات كل يحترم دوره،شباباً يحترم النساء ويفسح لهن الطرقات،بحلم بمصر بعد الثورة كما كانت أثناءها،وهذا لن يتم بتوالي الجُمع بمسمياتها المختلفة،أو التظاهرات بكل أشكالها،ولا حتى بالخطب الرنانة ولا التعليقات الساخنة على مواقع التواصل الاجتماعي،لن يتم إلا إذا تخلقنا بأخلاق الثوار والثوار،لنتصافح جميعاً ونتسامح،ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسوه الحسنه،حينما فتح الله عليه مكة أطلقها خالدة "اذهبوا فانتم الطلقاء"
،لنرمي وراء ظهورنا حالات اليأس من الإصلاح،لنبدأ فورا في أداء كلا منا لدوره الفعال البناء في كل موقع وكل ميدان،ميدان العمل،ميدان الاقتصاد،ميدان الزراعة،الخ.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فلقد شهدت العشر الأوائل من القرن التاسع انقساما وطنياً,فظهر "سعد زغلول" ليقود الثورة رافعاً شعار (الهلال مع الصليب) وقامت الثورة وكان دستور 23 ومعه كانت الانطلاقة العظمى لمصر, في كل مجالات الحياة،في ظل أحزاب وطنية تتنافس على تداول السلطة،وبرلمان قوى بدأت فيه ترسيخ الحياة النيابية لأول مرة في مصر والمنطقة العربية والأوسطية .
وعلى أثر ذلك تطورت الحياة الاقتصادية"طلعت باشا حرب" ثم الفنية "حافظ إبراهيم" و"شوقي" و"العقاد" و"طه حسين" , و"أم كلثوم" و"محمد عبد الوهاب",وفى المسرح "زكى طليمات والريحاني"لتدور الرحى وليقف العالم مذهولا أمام الرقى الذي ساد كل شبر على أرض المحروسة,وأصبحت القاهرة هي أم العواصم,وهي مقصد الفنانين العرب،واللاجئين السياسيين من جميع الدول الناهضة للتحرر كصدام حسين وياسر عرفات.
فمصر دولة عظيمة تستحق أن تحتل موقعها بين الأمم الراقية،بل تستحق أن تقود العالم نحو الرقي والتقدم والحضارة،مصر الشقيقة الكبرى للجميع بتاريخها وجغرافيتها ووطنيتها،بنيلها وأهراماتها وجامعاتها،حتى قصص حبها في كل شبر من حارتها وأذقتها،لذا ستبقى مصر لكل المصريين!!
مع تحيات فيلسوف الثورة
وائل مصباح عبد المحسن