نقلت الأخبار أن نحو عشرة ملايين طفل صيني يعانون من عدم الحصول على بطاقات هوية لأنهم غير مسجلين لدى الأحوال المدنية بسبب مخالفة أبويهم لقانون الطفل الواحد الذي فرضته السلطات منذ أكثر من ثلاثين عاما. وروت المواقع قصة الفتاة "لي شوي"، الابنة الثانية لأبوين معاقَين، تحديا القانون وأنجباها لعلها تنفعهما في الكبر، ففُصلا من عملهما، ولم يتم تسجيل البنت، فلم تحصل على بطاقة الهوية، ولم تتمكن من الالتحاق بالمدرسة، فتعلمت في البيت، وأتقنت الإنجليزية، لكنها لن تستطيع دخول الجامعة، ولن تستطيع أن تعمل بشكل رسمي، ولن تستطيع السفر بالقطار...!
لي شوي... قصتك محزنة ولا شك، لكني أقول لك لا تحزني! فسوف تنسين مصابك إذا أخبرتك عن ملايين الأطفال السوريين الذين لن يُتاح لهم ما أتيح لك من تعليم، بل لا يُتاح لهم أن يروا التلفاز أو يتنقلوا بين مواقع الإنترنت كما يُتاح لك، فبراميل الموت تلاحقهم وتدمّر البنية التحتية، وتسوّي أبنيتهم بالأرض، فيموتون تحتها. ومن المؤكد أنك تذرفين الدمع وأنتِ تشاهدين مناظر الشهداء على القنوات الفضائية. لكن مهلاً، فالذين قضوا تحت الأنقاض هم الأكثر حظاً! نعم أكثر حظاً لأن الشهادة سعت إليهم! أما الذين يبقون أحياءً فيموتون كمداً وهم يرون ذويهم وقد تقطّعت أجسادهم، أو يرون بيوتهم وقد صارت يباباً؟ فإذا انتبه أحدهم إلى نفسه يحس بأن يده قد طارت، أو رِجله قد انفصلت، أو عينه قد قُلعت. فيتمنى أنه قضى مع من قضى لينال شرف الشهادة ويتخلص من الآلام! وربما أحزنك منظر ذلك اللاجئ الذي انتُشل من الغرق في محاولته للهرب إلى إحدى الدول الأوروبية، فلما حطّ رحاله فيها جاءه خبر استشهاد أفراد أسرته بالبراميل المتفجرة الساقطة من الطائرات، فما كان منه إلا أن أضرم النار في نفسه، إذ لم يعد للحياة معنى عنده!
ربما تسألين عن عدد القتلى منذ اندلاع الثورة فتجيبك المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعةللأمم المتحدةبأنها أوقفت عمليات حصرهم بسبب الوضع المعقد وكثرة الضحايا! نعم الوضع معقد إلى درجة أن من يموتون من الجوع داخل المناطق المحاصرة لا يدري بهم أحد.
تعليم أطفال النازحين مشكلة مستعصية، رغم مطالبة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بالاهتمام بهم، مع التحذير من مواجهة رصيد جديد من الأميين. ويصف أحد الصحفيين أطفالاً رآهم قد قسموا أنفسهم فريقين: أحدهما يدافع عن بيت خشبي مهجور، وآخرون يمثلون القوات المهاجمة، في معارك وهمية واشتباكات بأسلحة غير حقيقة، يسقط فيها قتيل من المدافعين، فيشيعه رفاقه الصغار وهم يرددون الهتافات، في محاكاة بريئة لما يجري حولهم! لقد حُرموا من مدارسهم وألعابهم، فراحوا يجسدون مشاهداتهم اليومية في ساحات لعبهم التي غاب عنها المعلم والسبورة، وحلت مكانها ألعاب الأسلحة. إنه جيل كامل من الأطفال يعيشون مشردين داخل بلدهم أو في الدول المجاورة، وحاجتهم للمدارس وأماكن اللعب ليست بأقل من حاجتهم للطعام والكساء والعلاج الطبي، إذ تتفشى بينهم الأمراض كشلل الأطفال، إلى درجة أن صارت الصحة هاجس خطير!.
وكما وصفتها الصحف البريطانية فإن أزمة اللاجئين السوريين هي أكبر كارثة إنسانية اليوم، وسببها الأهوال التي لا تصدّق والتي روت هذه الصحف بعضاً منها، كنقلها عن امرأة تبلغ من العمر ثمانين عاماً قولها: لقد هُدم منزلنا الذي كنا نعيش فيه مع أولادنا وأسرهم، ولم يعد لنا مكان نذهب إليه! فكل ما نملكه دُفن تحت الركام، حتى الذكريات! نعم راحت هوياتهم ووثائقهم وسجلاتهم وذكرياتهم، ووُلد أولادهم في مناطق النزوح دون وثائق ولادة.
لي شوي... قصتك محزنة لكن قصة هؤلاء مأساوية!