صداقات بعيدة قريبة...بقلم آرا سوفاليان
كنان الغالي والوفي ...سقا الله ايام سيريانيوز سوريا الآن لن تعرفها...ارجو ان ترسل لي طلب صداقة
أخوكم آرا سوفاليان
الصديق الغالي آرا سوفاليان
منذ البارحة وحتى اليوم أحاول أن أكتب لك وكلما هممت بالكتابة أشعر بالعجز عن التعبير عما أريد قوله... هل أتجرأ و أكتب عن مدى سعادتي باستلام رسالتك الموجزة و التي تعبر بإيجازها عن مدى الحزن الذي تعيشه لتكتب بضعة كلمات وأنت سيد الكتابة و عازف سيمفونيات الكلمات التي طالما أمتعت و أغنت مخيلة كل من قرأ مقالاتك و نقلته من جمود الكلمة الى حيوية الصور والأفكار التي تحملها مقالاتك في طياتها و كأنها نقل حي و مباشر عن مواقف ميلودرامية يومية يعيشها كل مواطن سوري !!! أم أتجرأ و أبارك لك بعيد الفصح... في زمن "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ" ... وآلام الوطن طغت على فرحة الأعياد و لم نعد ندري متى سيقوم الوطن كما قام السيد المسيح عليه الصلاة والسلام !!! ... لا يوجد كلمات و لا أفكار تشي بالأمل بأن ينتهي هذا الكابوس الذي تعيشه سوريا... لا ضوء في آخر هذا الكهف الموحش و المعتم و المخيف.. و لكن في خضم هذه المشاعر الممزقة و التائهة تجاه المجهول الذي نعيش فيه وجدت شيء يبعث على الأمل... وجدت بين أنقاض الدمار و بين صور وهواجس الموت و الخوف شيء يدعو للطمأنينة والراحة... إنها رسالتك يا سيدي... و لأنها تأخرت عام كامل فهي حملت معاني أسمى وأجمل من وصولها في الزمن المفترض منذ عام... هذه رسالة من كل سوري الى كل سوري مهما كان منبته أو عرقه أو دينه تقول بصوت عال .. نحن السورييون نحب بعضنا البعض و لن ننسى الود و الأخوة والمدنية التي هي في صميم وجداننا... و سنبقى أخوة على الرغم من أنف كل من يقول أو يدعى غير هذا... قد تهدم الحرب مبانينا التاريخية و جوامعنا و كنائسنا و بيوتنا و حاراتنا القديمة.. و لكنها لا تستطيع أن تهدم الإنسان السوري المتحضر.. فهذا الإنسان هو إرث باق في ضميرنا و جيناتنا و ثقافتنا الفطرية التي تعود الى 6 آلاف سنة و تراكم عشرات الحضارات التي ساهمت في بناء الإنسان السوري الباقي قبل بناء الأوابد الزائلة...
أحبك يا أستاذ آرا دون قيد أو شرط وأشكرك على دعوتك لي للإضافة... هذا شرف أعتز به و أرجو أن أتشرف بلقائك في سوريا التي نعرفها حق المعرفة وليس سوريا التي لا نعرفها...
أخوكم كنان
أخي كنان
على الرغم من المخيلة الواسعة التي أملكها والذاكرة الطيبة، فإنني كنت لأراهن بكل ما أملك على ان الذي حدث لسوريا لا يمكن ان يحدث لا بالحقيقة ولا بالخيال...ومع ذلك فلقد حدث في الحقيقة وفي الخيال وبطريقة تفوق الوصف وتتفوق على الخيال.
أمضيت جل وقتي في الكتابة ومنذ اللحظة التي عرفت سوريا فيها الأنترنيت، تم إهدائي الاشتراك فأحببت أن أكون على مستوى هذه الهدية، كانت نيتي ولا زالت صافية كالماء الزلال، أحببت سوريا بعد أن أضاع جدي وطنه أرمينيا لأن العين لا تقاوم المخرز، المصادفة البحته جعلت مني انسان محب للغة العربية لأن والدتي كانت في مرحلة الشباب مدرّسة لغة عربية في مدرسة راهبات العازرية في باب توما وهي نفس المدرسة التي درستْ فيها، والمصادفة البحته جعلت مني موسيقي فلقد شجعتني راهبة على أن أعزف وأعارتني هارمونيوم كهربائي صغير بدون قيد أو شرط، ولأن اللغة العربية هي السحر والموسيقى وانا موسيقي فلقد أحببت اللغة العربية.
كتبت بكل اخلاص واشرت الى الاستعداد النفسي للخطأ وبكل أسف فهذا البلاء الذي نحن فيه اليوم ناجم عن الاستعداد النفسي للخطأ، الكل كان معجب بما كنت أكتبه في سيريانيوز، ولأن الارشيف عندي محفوظ بطرق شتى، فلقد عدت اليه، واكتشفت ان في كل مقالة لي تحذير ونذير ولكن كل الآذان كانت إما من طين أو من عجين، وفي الحالتين فإن أذن كهذه لا تسمع.
عندما توفى الماغوط كتبت في رثائه الجملة الصغيرة الآتية التي تحولت الى جملة رعب وخوف وتحولت الى حقيقة دون قصد مني ــ "نم بسلام ودعنا نذهب لندفع الثمن" ــ
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
02 04 2013
arasouvalian@gmail.com