متى عرف العرب القصائد الطويلة في الشعر ؟
كان الشعر في الجاهلية عند العرب هو علمهم ومنتهى حكمهم يأخذون به وإليه يصيرون نشأ بحداء الإبل في رعيهم وقوافلهم للتجارة والسفر ينشدونه ويتغنون به في كل موقف بأبيات مرتجلة قصيرة لا تتجاوز القصيدة فيها القليل من الأبيات ، ثم عرفوا القصائد الطوال على عهد عبد المطلب بن عبد مناف ؛ حيث كانوا قبل ذلك يقولون البيت والبيتين والثلاثة والقصيدة المحدودة بالسليقة حسب المواقف التي يتعرض لها العربي في حياته وبيئته، وبذلك يسقط شعر عادٍ وثمودَ وحِمْيرَ وَتُبَّع ، وكان أول من نهج إلى القصيدة الطويلة المهلهل بن ربيعة التغلبي في مقتل أخيه كليب وائل على يد بني شيبان ، (كما أشار لذلك ابن سلام الجمحي في طبقات الشعراء) ، وكان المهلهل اسمه ( عديا ) وسمي المهلهل لهلهلة شعرهِ كهلهلة الثوب ؛ أي اضطرابهُ واختلاف أبياته وتفرقها، ثم جاء بعده المرقِّشان ( المرقش الأكبر ( عوف بن سعد ) والمرقش الأصغر عمرو بن حرملة
ثم كثر الشعراء العرب الذين انتهجوا القصائد الطويلة حتى جاء الإسلام فَبَعْدَ أن كان الشعر علمهم ولم يكن لهم علم أصح منه ، تشاغلوا بالجهاد والغزو لنشر الدين الإسلامي وقيمه ومبادئه وَلَهتْ العرب عن الشعر وروايته حتى كَثُر الإسلام وجاءت الفتوح ، واطمأنت العرب بالأمصار فراجعوا رواية الشعر بالقصائد الطوال ، وقد ألفوا منها الكثير مما تحويه كتب التراث العربي لفطاحل الشعراء المعروفين ، فلما مات من مات منهم وهلك من هلك من معاصريهم من الشعراء غيرالمسلمين ذهب من هذا التراث الشعري الكثير
وقد روي أنه كان عند النعمان بن المنذر ديوان فيه أشعار الفحول ، وما مُدِحَ به هو وأهل بيته ، ثم صار ذلك الديوان إلى بني مروان
وانتشر ت دواوين الشعر بهذا النهج من القصائد الطويلة في العهود التي تلت ذلك عند الأمويين ومن جاء بعدهم