رسالة إلى أشقائنا في مصر والجزائر
الباحث الدكتور عبدالوهاب محمد الجبوري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الإخوة
لقد ساءنا وألمنا جدا ما يحصل اليوم بين أخوتنا العرب في البلدين الشقيقين من تطورات خطيرة في العلاقات والتراشق الإعلامي وتسخير الأقلام والصحافة والفن للنيل كل منهما من الآخر ، لا لشيء إلا لأن العدو تمكن من التغلغل بين صفوفكم كما تمكن من التغلغل بين صفوف أخوة عرب في مواقع أخرى وحصل ما حصل من خلافات حتى وصل الأمر إلى حد الاقتتال بين الأهل والإخوة في البلد الواحد ولعمري فان هذا هو من اخطر ما تخطط له الصهيونية والإمبريالية الأمريكية والماسونية العالمية في سعيهم لإحداث الفرقة والتشتت والتشرذم بين أبناء الأمــة الواحدة تطبيقا لشعاراتهم سيئة الصيت ( فرق تسد ) و ( الطرق على الجدران من أسفلها ) إلى أخره من المخططات والأساليب القذرة كما حصل ويحصل في فلسطين والعراق والسودان وغيرها من البلدان العربية أو الإسلامية ..
الإخوة في مصر والجزائر وفي كل الوطن العربي
نظرا لتفاقم الحالة بين أهلنا في القطرين الشقيقين يكون لزاما علينا كسياسيين ومثقفين وباحثين وكتابا وأدباء وفنانين وحكاما ومحكومين أفرادا وجماعات أن نقول كلمة لأهلنا في مصر والجزائر - وهما على مسافة واحدة من قلوبنا – يا أهلنا .. يا أخوتنا في الله والإسلام والعروبة نناشدكم الله أن تتوقفوا فورا عما يحصل بينكم بسب مباراة رياضية فانتم اكبر من هذا لأنكم أخوة وأشقاء يجمعكم المصير الواحد ولكم تاريخ مجيد مشرف ..انتم عائلة واحدة والعائلة يحصل بينها سوء تفاهم لكنه سرعان ما ينتهي ليعود الود والصفاء والمحبة بين أبنائها .. واعتقد أن ما حصل بينكما هو من فعل عناصر أجنبية تراهن على الخلافات العربية لتقف تتفرج بخبث ودهاء على دمنا يراق بأيدينا ومواقفنا تتشتت لتدخل قضايانا في نفق مظلم أريد لها أن تعود للوراء وكأننا لم نجاهد ولم نقاتل بشرف دفاعا عن أوطاننا و امتنا وقضايانا العادلة والمصيرية أو كأننا لم نقدم التضحيات الجسام على طريق الحرية والاستقلال والتحرر والسيادة ..
هكذا يريدون لمستقبل أطفالنا أن يكون مجهولا وغامضا وميئوسا منه ، لكنهم سيخيبون بعون الله من تحقيق أهدافهم إذا ما تم الاحتكام للحكمة والتبصر وغيّرنا من سلوكنا ورؤانا ومواقفنا وتجاوزنا خلافاتنا وتخلصنا من كل عقدنا وأخلصنا النية لله وعدنا إلى طريقه بقناعة وإيمان صادقين مغلبين المصالح الاستراتيجية العليا على مصالحنا الخاصة ..
الإخوة في مصر والجزائر وكل العرب
لابد من التذكير هنا ، أن أعداء امتنا يراهنون على الخلافات بيننا - كعرب ومسلمين - يسوؤهم أن يرونا متوحدين حتى لو كان ذلك بالمشاعر .. وأنا عندما أقول هذا فاني أدرك جيدا حقيقة ما أقول وليس من باب التعاطف بل هو الإحساس بالخطر المحدق بنا كعرب وكمسلمين ، وان ما ينتظرنا من تحديات ومخاطر مشتركة وخطيرة تجعلنا نسمو فوق كل خلاف بل الواجب يتطلب أن نتجاوز هذه الخلافات ، إن كنا مصريين وجزائريين أو فلسطينيين - فلسطينيين أو سودانيين أو عراقيين ..، . وان نعمل ما بوسعنا وطاقاتنا كأفراد وجماعات حكاما ومسئولين ومثقفين وتنظيمات وهيئات وكل حسب موقعه وموارده وإمكانياته على احتوائها بالحكمة والتعقل والتبصر ، فوالله الذي تسبح الخلائق باسمه العظيم لم ولن يستفيد من هذه الخلافات إلا الإمبريالية والاستعمار والصهيونية وذوي النفوس الضعيفة المرتبطين بهم بشكل أو بآخر ..
ولما كنا على أعتاب عيد الأضحى المبارك فان هذه المناسبة تفرض علينا جميعا أن نسامح بعضنا ونتصافح ونتصالح ونسحب البساط من تحت أرجل من لعنه الله في الدنيا والآخرة كي يعود البهاء لعيدنا والبسمة لأطفالنا والصفاء لأرواحنا والعزيمة لانطلاقنا يدا واحدة في وجه التحديات المصيرية أينما كنا من المحيط إلى الخليج ، ولعل هذه الفرصة قد تكون الخطوة الأولى على طريق الوعي الشامل لحقيقة ما يحيط بنا من مخاطر وتحديات جدية ونضع الحلول لها بالرجوع إلى قيمنا ومبادئنا العربية والإسلامية ودروس تاريخنا وعبره عندما سادت دولة العرب والمسلمين بقاع العالم المختلفة وفرصة للتخلص من عقدنا والخوف من كل ما هو أجنبي أو أمريكي أو صهيوني فنحن كنا وما زلنا وسنكون أفضل منهم – بعون الله - في ديننا وقيمنا وتاريخنا وما قدمناه للعالم والإنسانية من حضارات وعلوم ومعرفة تؤهلنا للعودة إلى ما كنا عليه من قوة وتماسك ووحدة وتؤهلنا لتبؤ مركز قيادة أنفسنا وشعوبنا وثرواتنا وبلداننا واستقلالنا كأمة حرة قوية تهابها الأمم ، فقد يكون هذا صعب التحقق في المدى المنظور لكنه ليس مستحيلا بل هو حقيقة كامنة في ذاتنا يمكن لها أن تنطلق في أي لحظة متى توفرت لها فرصة الانطلاق كما بدأت أول مرة حضاراتنا القديمة في وادي الرافدين وسوريا ومصر منذ آلاف السنين .. اؤكد إن هذا ليس مستحيلا لان امتنا لا تخلو من الرجال والمؤمنين والمفكرين والعلماء والقادة الغيارى والمخلصين الذين عاهدوا الله على المضي في درب الخلاص والإنقاذ والنهوض من جديد ...
وكلمة أخيرة أقولها لأهلنا في مصر والجزائر .. إننا ننتظر منكم المباردة لاحتواء هذه ألازمة المفتعلة والطارئة أيا كانت أسبابها ومداخلاتها ودوافعها فانتم أهل لها ونحن واثقون بعون الله من تخطي هذه الحالة واحتوائها متى ما توصلتم إلى قناعة بان ما حصل هو من تدبير أجنبي .. فسدوا الأبواب وأغلقوا المنافذ على هذا الأجنبي وعملائه وأنصاره الذين يحاولون التغلغل بين الصفوف العربية تحت مختلف الأغطية والأشكال وستجدون أن ما حصل لا يستحق كل هذا الضجيج والتراشق والتحسس والتشنج الذي أوجدته استراتيجية فرق تسد والطرق على الجدران من أسفلها ..
ونذكركم بان تأخذوا العبرة مما حصل في فلسطين والعراق والسودان من خلافات واقتتال بسبب تدبير الأجنبي وضعف إيماننا مما سهل عليه اختراقنا وخلق نقاط قتل في صفوفنا بسبب غفلتنا ، وربما سيتسبب في هلاكنا - لا سمح الله - إن لم نثب ونعود إلى الله ورسوله و الى حكمتنا وعقولنا واحتوينا الموقف قبل تفاقمه بشكل ينذر بكارثة على الوطن والأمة ..
هداكم الله الى طريق الحق والرشاد .. قال المصطفى المختار عليه الصلاة والسلام : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) (رواه البخاري ومسلم ) ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العراق في 24 / 11 / 2009
</b></i>