أنا وهو وهي
أنا
نافذتان شق بينهما الظلام ، ضوء باهت يربطهما ، أذن تصغي ، وعين ترى ، قلبان نبضا بالحب، ناما تحت جنح الليل ، خلت الدنيا من سمارها ، رقدا في أيك أحلامهما ،خيوط مخملية تراقصت ، حملت أطيافهما ، روحين انتقلا بين الشرفات كحمام زاجل لاتهمه المسافات ،لابد لعشه أن يعود حتى وإن طال به الزمان
تهتز نشوى تلك النسمات ، تعبث بخصلات شعرها الممتد حتى الخصر ، كأنه ضوء يتكئ على صفحات ماء ساعة الأصيل، تنهدات لا تسمع ولكنه يحسها ، يشعر بها تموت حين تنطبق الشفاه ، تذبح الأوتار بقسوة فينبعث منها بكاء محملا بالشجون..........
هي
زدني شوقا إليك ، دعني اختبئ بين دفء تلك الألحان ، مزق جسدي عشقا علمني مبادئ الحب اجعلني كتلك الأوتار استسلم لعبث أناملك السحرية ، اجعلني أضدادا ، يدي تغار من شعري إن مسسته ، وروحي تسابق جسدي للقائك ..
هو
هذه آخر مرثية للحب سأعزفها ، حزينة أوتار هذا الكمان لكنها حييه مثلك ، أ ُقايض فيها الليل أشدو لك فيؤنسه عزفي ينتشي يمنحني الأذن بأن أسهر ،وأن أناجي القمر،وأسامر النجوم ، لا تمل أجفاني ثقل الكرى ، أتعرفين كم أذل كبريائي حبك .....؟
هي
أعرف ولكنه ذلا تبات عليه جذلا ... أعزف يا قدري الذي انسل إلى مسمعي ، و أوقظ مشاعري وأحيى مدامعي .أتعرف أني كنت لا أعرف إن لي قلباً خافقا تحت أضلعي ،حتى عرفت هواك وشعرت به نابضا
هو
يا وردة...مست شغاف القلب
دعك بعيدة عني. لا تدعي يدي تمس وريقات اصطبغت بلون خدك الصبوح ، خلقت لتزيد الروض نضارة ،وتوزع العطر لكل عاشق ولهان
دعيني بعيدا عنك ،كوني في مملكة روضك ازدادي نضارة ، دعي الندى يلثم خدك كل يوم ولا تجزعي ، كوني مخدعا لنا واجعلي الق وجهك قبلة تطفلي
هي
كم تمنيت أن تكون هذه الوردة رسولا بيننا تتطابق شفانا بين التويج و الميسم ، أن تكون شفيعة لي عندك تحكي لك عن لوعتي عن حسرتي وعن أشجاني ، تزين بها بدلتك تصحبها عند المساء إلى صالة الرقص . تراقصها ،تضمها بين أحضانك ثم تحملها تعدو بها بقدميك القويتين كبطل أسطوري خرافي
أنا
جالسا وحدي اطل من نافذتي ، أترقبهما حتى الصباح .. عشقا بلا همس ولا كلمات كفاها هي تسمع الحب في ألحانه ، صوت الكمان يجتر كل أحزانها، يفقدها الإحساس بالزمن ، يوقظ كل العاشقين ، يتسلل عبر كل تلك النوافذ الأضواء تعبر الشوارع من خلال تلك المستطيلات التي يتوسط كل منها شبح واقف أو شبحين متلاصقين
يتنفس الصباح رائحة القداح الذكية
ويبقى هو يعزف وهي تهز رأسها منتشية تتمايل مع الألحان، لوحة غريبة التكوين ....كراقصة باليه تطير في الفضاء
مل هذا الانتظار لا يعرف عنها شيئا هي خلف النافذة تستوقد في أحشاءه نارا،وهو لا يبرح هذا المكان مشدودا إلى ذلك الكرسي العقيم ، الذي أناخ له كركوب ذلول
هو
جاء الصباح , لا أريد أن انهي معزوفة الليل هذه ،لا أريد أن اقطع عنك الوصال ، لحن أزلي في ترحال دائم ، تعالي إليّ حبيتي ، تعالي و أنظري صفاء وجهي ، نقيا كغرة الصباح، رائق كماء نبع ، تغريك مني وسامة ،وطول فارع ،وقوة عضلات .......تبدد صوته في الفضاء
توقف عن العزف ،ركن آلة الكمان بعدما تعبت من كثر النواح أوتاره،اطرق رأسه حتى لا ترى الدمع في عينيه ،حرك عجلة كرسيه المشدود إليه عنوة . واختفى بين الحجرات ......
هي
لم توقفت عن العزف يا حبيبي ..؟.. لم تمنع العزف أن يصل لمسامعي ..؟، ألا زلت في الشرفة تتطلع إليّ من بعيد ..؟، لم لا تأت إليّ ّ،سأذوب بين دفء يديك كالجليد ...؟، لم لا تعاود العزف من جديد ..؟، فقد صار اللحن جزء مني سرى في دمي وامتلأت به جوارحي ، واختنقت به عبراتي ، لم تريد أن تلغي وجودي وكياني ...؟، فأنا هنا لا فرق عندي بين النور وبين الظلمة ..و إن الرابط بيني وبين الوجود هو سمعي فحين اسمع كأني أراك .. ثم قامت من مكانها ،تبحث عمن يدلها الطريق .........
هو وهي
التقيا عند منتصف الطريق مابين النافذتين
هو يقوده كرسيه ، وهي تتلمس الطريق بعصاها
قال لها :_ أنتِ....!
قالت له :_أنتَ .....!
ثم مضيا كطيفين بذات الطريق يتسامران
أنا
كتبت على نافذتي التي أوصدتها النهاية
ثم أسدلت ستارتي........