تفاعلت قضية انشقاق قائد اللواء الخامس في الحرس الجمهوري العميد مناف طلاس، نجل وزير الدفاع السوري الأسبق، العماد مصطفى طلاس، وفراره إلى خارج سوريا في الداخل السوري والخارج، وما حملته من دلالات حول بدء تفكك الدائرة الضيقة في النظام. واعتبر «الجيش السوري الحر» أن انشقاق طلاس «لا يقدم ولا يؤخر، وأنه لا يشرف الثورة السورية، لأنه ووالده كانا شريكين في المؤامرة على الشعب السوري». لكن هذا الموقف قابل ترحيبا من المجلس الوطني والمجتمع الدولي. ووصف عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري، انشقاق العميد في الجيش السوري، مناف طلاس، المقرب من الرئيس بشار الأسد الجمعة بأنه «ضربة هائلة» لنظام الأسد، مؤكدا أن المعارضة ستحاول «التعاون» معه. وقال سيدا خلال مؤتمر صحافي في باريس إن انشقاق طلاس، صديق الرئيس الأسد منذ الطفولة، «يشكل ضربة هائلة لنظام الأسد. سنسعى إلى التعاون معه وندعو إلى انشقاقات أخرى». وتتهم روسيا والصين بمواصلة عرقلة التوصل إلى حل سلمي. وأشادت وزيرة الخارجية الأميركية بانشقاق العميد مناف طلاس، وأبدت تشجيعها لزيادة الانشقاقات في القوات العسكرية السورية والانفضاض من حول الرئيس بشار الأسد. وقالت كلينتون خلال المؤتمر الصحافي بباريس، أمس: «من الضروري أن نشير إلى أن هناك تزايدا في الانشقاقات بين كبار الضباط برتب عميد ولواء وعقيد ولجوئهم إلى تركيا، وهذا مؤشر على أن النظام والمؤسسة العسكرية بدآ يترنحان من الداخل، وأن الناس بدأوا يدركون الجرائم التي يرتكبها الأسد، وبدأوا يبتعدون عنه»، وأضافت: «هذه الانشقاقات ترسل رسالة لمن يدعمون الأسد أن ما زال أمامهم خيار، وأن نظام الأسد سيسقط وعليهم التوقف عن دعم الأسد». ومن جهته أعلن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أمس، أن انشقاق العميد في الحرس الجمهوري السوري مناف مصطفى طلاس، الذي كان صديقا مقربا من الرئيس السوري بشار الأسد، يدل على أن حكم الأسد غير قابل للاستمرار. وقال في مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية دول عربية وغربية مع المعارضة السورية: «الجميع يعتبرون هذا ضربة للحكومة. هذا يعني أن الحاشية المقربة منه بدأت تفهم أن النظام غير قابل للاستمرار». وأضاف فابيوس، الذي أكد انشقاق طلاس في وقت سابق، أنه ليست لديه معلومات إضافية بشأن مكانه. ورأى المسؤول في القيادة العسكرية المشتركة للثورة السورية العميد الركن فايز عمرو، أن «انشقاق مناف طلاس لا يقدم ولا يؤخر في مسار الثورة السورية». وأكد عمرو في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن مناف طلاس «كان قائدا للواء 105 في الحرس الجمهوري، لكنه لم يكن يحرك ساكنا داخل لوائه، وإذا أراد الحصول على مسدس فإنه يحتاج إلى إذن ضابط أمن صغير عنده، وكل همه كان جمع المال، كما هو حال والده مصطفى طلاس الذي كان دوره قذرا وأسهم ببيع سوريا إلى آل الأسد منذ عام 1974، وقام بمؤامرة نقل السلطة إلى (الرئيس السوري) بشار الأسد إثر موت (الرئيس) حافظ الأسد». واعتبر أن «انشقاق هذا الضابط (طلاس) لا يشرف المعارضة السورية ولا (الجيش السوري الحر)، فهو سبق له أن هدد أهالي مدينته تلبيسة بجرفها وتحويلها إلى أرض لزراعة البصل إذا نظمت مظاهرات ضد النظام، إلا أنه بعد تفجر الثورة، قيل إنه طلب إعفاءه من قيادة الفرقة التي كلفت تدمير بابا عمرو عندها وضع في الإقامة الجبرية»، لافتا إلى أنه «حاول أن ينجو بنفسه لأن النظام شارف على الانهيار». وردا على سؤال عن سبب توجه طلاس إلى فرنسا بدلا من تركيا، أجاب عمرو: «أولا هو شخص غير مرغوب فيه، وأجزم أن لا أحد يقبله أو يستقبله من الجيش الحر في تركيا، وثانيا هو لا يقبل الإقامة في معسكر لاجئين، وحتما يفضل الإقامة في منفى ذهبي مثل ما دام لديه المليارات من الدولارات التي جمعها هو ووالده على مدى عقود، وحان الوقت ليتمتع بها». إلى ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر قريب من السلطات السورية قوله إن «العميد مناف طلاس انشق قبل 3 أيام وغادر سوريا على ما يبدو»، مشيرا إلى أن مناف طلاس «قام بمحاولات مصالحة بين السلطة والمعارضين في الرستن (مسقط رأسه) ودرعا (في الجنوب)، لم تحقق نجاحا، وهو تخلى عن زيه العسكري منذ بضعة أشهر وبات يتنقل بملابس مدنية، وكان يقيم في دمشق، وأطلق لحيته وشعره». وقال مصدر آخر في دمشق لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن الطلاق بين مناف طلاس والنظام حصل خلال العملية العسكرية على حي بابا عمرو في مدينة حمص في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين، عندما رفض قيادة الوحدة التي هاجمت الحي ثم أسقطته، ومنذ ذلك الوقت، طلب منه الرئيس السوري ملازمة المنزل». وأثار نبأ انشقاق العميد مناف طلاس، الكثير من الجدل في الشارع السوري المعارض للنظام، فمنهم من اعتبره مؤشرا على انهيار النظام وهو مؤشر «جيد» حتى لو جاء متأخرا، ومنهم من رحب بهذا الانشقاق، وفريق ثالث لن يغفر لطلاس وعائلته تاريخهم الطويل في تثبيت أركان نظام عائلة الأسد، ودور طلاس الأب في هندسة عملية توريث الحكم للأسد الابن عام 2000. ومع أن خبر انشقاق طلاس لم يكن مفاجئا إذ سبقته عدة مقدمات وإشاعات، فإن أحدا لم يكن يتوقع متى وكيف يحصل ذلك، وبينما خيم الصمت على وسائل الإعلام الرسمية حول الموضوع، تداولت مواقع إلكترونية تابعة للأجهزة الأمنية السورية تصريحا نسب لـ«مصدر أمني رفيع» أكد فيه «فرار العميد مناف مصطفى طلاس إلى تركيا»، مشيرا إلى أن «العميد طلاس كان متابعا من قبل المخابرات السورية»، وذكر المسؤول الأمني، بحسب تلك المواقع، أن «المخابرات السورية لو شاءت احتجازه لفعلت»، مؤكدا أن «فراره جاء بعد تأكده من أن المخابرات السورية تمتلك معلومات كاملة عن اتصالاته الخارجية وإشرافه على عمليات إرهابية داخل سوريا»، وأكد المصدر الأمني أن «فراره لا يؤثر في شيء». وذكرت «شبكة دمشق الإخبارية»، التابعة للنظام، أن «عناصر من الجيش العربي السوري تقوم بإفراغ بيت العميد مناف طلاس في المزة من محتوياته وتم تسليم السيارات والأسلحة وباقي المؤن والعتاد المسلم له بعد فراره إلى تركيا». وقالت «شبكة دمشق» إن «العميد مناف قد اعتكف عن ممارسة مهامه القيادية في الحرس الجمهوري منذ عام تقريبا، وبناء على تصريحه أن الرئيس قد أمره بعدم التدخل والتزام مكتبه» وقالت الشبكة إن هذا الخبر «شكل الخبر صدمة كثيرا ما كانت عائلة وزير الدفاع لسنوات طويلة رمزا للوفاء». وأوضح المصدر القريب من السلطات أن زوجة طلاس وشقيقته ناهد عجه، موجودتان في باريس. وأوضح المصدر أن مناف طلاس قام بمحاولات مصالحة بين السلطة والمعارضين في الرستن ودرعا (جنوب)، إلا أنها لم تحقق نجاحا. وأضاف أنه تخلى عن زيه العسكري منذ بضعة أشهر وبات يتنقل بملابس مدنية، وكان يقيم في دمشق، وأطلق لحيته وشعره. وقال مصدر آخر في دمشق إن «الطلاق» بين مناف طلاس والنظام حصل خلال العملية العسكرية على حي بابا عمرو في مدينة حمص في فبراير ومارس الماضيين، عندما رفض قيادة الوحدة التي هاجمت الحي ثم أسقطته. ومنذ ذلك الوقت، طلب الرئيس السوري من صديق طفولته ملازمة المنزل، ليكون انشقاق مناف طلاس اليوم أهم انشقاق حصل في صفوف جيش النظام. واعتبر دبلوماسيون انشقاق مناف طلاس هو الأول في الدائرة الأضيق للنظام السوري، وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ«cnn» إن طلاس «حليف وثيق للأسد.. لذلك يمكن اعتبار (انشقاقه) مؤشرا على أن هناك تفكيرا بين بعض رموز النظام بأن الوقت قد حان للرحيل». لذا كتب أحد المعارضين على صفحته على موقع «فيس بوك» تعليقا على الانشقاق المثل الشعبي السوري «الذي طلع الكر على الشجرة هو من ينزله»؛ في إشارة إلى دور طلاس الأب في هندسة توريث بشار السلطة، ومن قبله في تثبيت دعائم نظام الأب.