السؤال: ما هو حكم هذه المواقع في الإنترنت ، أنا فتاة أبلغ من العمر 26 وأدخل إلى هذه المواقع بنية البحث عن رجل ذي أخلاق ومسؤولية ، ويتم التعرف عليهم من خلال إضافتهم إلى المسنجر والتحدث معهم لمعرفة طباعهم وسلوكياتهم ، وإن لمست عدم جدية الطرف الآخر : حذفتهم من القائمة ، وكأن شيئا لم يكن ؛ فأنا جادة في الحصول على زوج ، وإذا تم الاتفاق بين الطرفين فسأسمح له بزيارة الأهل لخطبتي ؛ فما حكم الإسلام في ذلك ؟ أرجو الرد سريعا فأنا في حيرة من أمري ، ولا أريد أن أغضب ربي وشكرا .
الجواب :
الحمد لله
إذا كان المقصود هو دخول مواقع التزويج على الإنترنت ، فقد سبق بيان الضوابط التي يجب مراعاتها في ذلك ، ومنها : " ألا يتاح المجال للمراسلة بين الجنسين ؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد " وينظر : سؤال رقم 85099
وسواء كان الدخول إلى هذه المواقع أو إلى غيرها ، فالذي لا نشك فيه هو منع المحادثة الخاصة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، سواء كان ذلك في الماسنجر أو في البالتوك أو غيرهما من برامج المحادثة . وأما المشاركة في المنتديات العامة فتجوز بضوابط.
وكم جَرَّت هذه المحادثات الخاصة على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك ، والشيطان يخيل لكل من الطرفين ، من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب والعقل .
إن البحث في غرف المحادثات : هو بحث عن الأوهام ، في عالم مجهول !!
وإذا كنت أنت صاحبة نية صالحة ، وتريدين العفاف ، فإنك لا تعلمين عن الطرف الآخر شيئا ، فربما تظاهر أحدهم بالأدب والوقار والجد في البحث عن زوجة ، وهو كاذب مخادع ، يسعى إلى تطمين الفتاة وكسب ثقتها ، ثم لا يلبث الشيطان أن يزينه في عينها ، ويغريها بمحبته ، فيبدأ التساهل في الضوابط ، ثم الانحدار شيئا فشيئا نحو المعصية .
ومن جملة المفاسد الظاهرة في هذه المحادثات : اعتياد المرأة على مخاطبة الرجال ومحادثهم وإضافتهم إلى الماسنجر ، وهذه كلها خطوات من خطوات الشيطان ، يصطاد بها أهل الغفلة الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
وكم من فتاة فقدت عفافها وطهرها ، وانغمست في أوحال الرذيلة ، بسبب مكالمة أو محادثة ، لم تكن تظن أن تبلغ بها هذا المبلغ .
قال الله تعالى محذرا عباده : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21
فلتعلمي ـ يا أمة الله ـ أن المحادثة بين الرجل والمرأة هي واحدة من هذه الخُطوات ، تفتحين بها ـ أعاذك الله وعصمك ـ طريقا مظلما من الشر والفساد !!
وأما أنك سوف تعرفين طباع الرجل وسلوكه من خلال المحادثة ، فهذا مجرد ظن حالم ، لا حقيقة له ، فإن الذئاب البشرية – وما أكثرها في عالم الانترنت – قادرة على الظهور بكل لباس ، والتقنع بكل قناع ، وهيهات أن تعرفي حقيقة محدثك ، ولو استمرت المحادثة شهورا لا أياما .
وأما قولك : " وإن لمست عدم جدية الطرف الآخر حذفتهم من القائمة وكأن شيئا لم يكن " فهذا وهم آخر ، فإنك لا تملكين قلبك ومشاعرك ، وما أسرع تأثر القلب بالكلام الجميل ، والأسلوب المهذب ، وعبارات الشكر والتقدير ، بل ما أسرع تأثره باعتياد المحادثة ، والتعلق بمن يحادثه ، ولو كان في أمور عادية تافهة ، فها هي العفيفة المخدرة التي لا تعرف الرجال ، أصبحت تنتظر كل ليلة الحديث مع رجل !
وسوف تأخذ القضية مظهرا من أوهام الجدية : إن المسألة ليست مجرد كلمة من المرأة تنتظر جوابها من الرجل ، هل يقبلها زوجة أم لا ، أو هل تقبله أم لا ، إنما هو حديث يراد منه التعرف على الطباع والسلوك ، ومن حق الرجل أن يطيل معك الحديث ، ويكرر المحادثة ، بزعم الوثوق من هذه الطباع ، ولن يتم ذلك إلا بالتحدث هنا وهناك ، وإلا فلو كان حديثا جادا ، لن يخرج أحد منه بفائدة !!
ولهذا فليس لدينا شك في تحريم هذه المحادثات ، التي هي نوع من اتخاذ الأخدان ، أو سبيل إليه ، وفيها شبه ظاهر بالخلوة المحرمة ، لأمن الطرفين من اطلاع الغير عليهما ، وهي باب إلى العشق والفجور والإثم والمعصية ، والواقع المشاهد ، ثم ما يرد إلينا من الأسئلة والمشكلات في هذا الباب : خير دليل وبرهان .
ولمزيد من الفائدة : راجعي السؤال رقم (
82196) و (
92824)
نسأل الله أن يحفظك ويرعاك ، ويجنبنا وإياك الفتن ؛ ما ظهر منها وما بطن .
والله أعلم .