من هم الإنجيليون ؟
في يومنا هذا لم يعد خافياً على أحد والكل يعلم بخطر (( الإنجيليون - البروتستانت )) ومدى تأثير أبواقهم المظلله وبالأخص على قناة الحياة الفضائية وغيرها والكثير من المواقع الألكتروني والنشرات من الكتب والمجلات ووسائل الأعلام الأسود وفي بعض الدول بالترهيب والترغيب وماخفيَّ كان أعظم ،،
من هم الإنجيليون ؟
هم طائفة نشأت من البروتستانت, صاغـت لنفسها عـقيدة تتعـلق بعودة المسيح والعلامات التي تسبق عـودته, وقد نشأت أفكار هذه الطائفة مع انشقاق البروتستانت عـن الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عـشر بعـد فشل الكنيسة الكاثوليكية في الحروب الصليبية وفقدانها المصداقية لدى الأوربيين, بالإضافة إلى الفساد الأخلاقي للقساوسة والكرادلة والباباوات, وقام البروتستانت بترجمة التوراة والإنجيل إلى اللغات الأوربية وأنكروا عـلى بابا الفاتيكان احتكار فهمهما, وقالوا أن من حق كل مسيحي تفسيرهما, وبذلك بدأ عامة النصارى بشراء التوراة والأناجيل وتفسيرهما, ومن خلال قراءة التوراة تكون لديهم مفهوم تعـظيم إسرائيل واليهود, وكانت البروتستانتية في بعـض مظاهرها عـودة لدين اليهودي وذلك عـبر تشديدها عـلى التوراة وخاصة أسفار الأنبياء والمزامير, ووصفهم لأنفسهم بأنهم الشعـب المختار, كما يصف اليهود أنفسهم, كما أنهم أسموا أبنائهم أخذوا بأسماء يهودية ووصل الأمر ببعـض الفرق البروتستانتية إلى الاحتفال بيوم السبت, وقام قساوستهم بالزواج خلاف القساوسة الكاثوليك وتقليدا لأحبار اليهود المذكورين في التوراة, ولذلك كان ناقديهم يتهمونهم بالتهود وأسموهم (أشباه اليهود) و (أنصاف اليهود).
ومع بداية القرن السابع عـشر أخذ جزء من البروتستانت يعـتقدون أن اليهود هم المفتاح الأساسي للرؤى الإنجيلية, وأن هجرة اليهود إلى فلسطين وتجميعهم فيها شرط لتحقيق المجيء الثاني للمسيح وأن مساعـدة اليهود لتحقيق هذه الغاية أمر يريده الله لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل الخلاص والسلام وأن النصارى المخلصين سيعـيشون معه في فـلسطين ألف سنة في رغـد وسلام قبل يوم القيامة طبقا لتفسيرهم لسفر رؤيا يوحنا.
وكان الكاثوليك يعـتقدون أن مقاطع معـينة من الإنجيل يجب أن تفهم معـنويا وليس لفظيا, وكمثال عـلى ذلك فإن القدس وصهيون مفتوحان للنصارى في السماء وليسا مكانا محددا على الأرض حتى يسكنه اليهود بصورة مطلقة.
وفي منتصف القرن السابع عـشر بدأ البروتستانت في كتابة معاهدات تعلن أن عـلى جميع اليهود مغادرة أوربا إلى فلسطين, وأعـلن أوليفر كرمويل أن الوجود اليهودي في فلسطين هو الذي يمهد للمجيء الثاني للمسيح, وأعـلن البروتستانتي الألماني بول فلجن هوفر أن اليهود سوف يعـترفون بالمسيح عـلى أنه مسيحهم عـند مجيئه الثاني وأن مما يثبت عـودة المسيح هو عـودة اليهود إلى البلد الذي منحهم الله إياه من خلال وعـده الذي قدمه لإبراهيم.
وخلال القرن التاسع عشر أخذ البريطانيون في دعوة حكومتهم إلى نقل اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لهم عـلى أرضها, وقد حث اللورد انتوني كوبر اليهود في مقال منشور بعـنوان (الدولة وآفاق المستقبل أمام اليهود) عـلى الهجرة إلى فلسطين, وقال أنهم يلعـبون دورا رئيسيا في الخطة الإلهية حول المجيء الثاني للمسيح الذي سيتحقق عـندما يعـيش اليهود في إسرائيل, وقام لتحقيق مسعاه بالتأثير عـلى عـمه اللورد بالمرستون وزير خارجية بريطانية لفتح قنصلية بريطانية في القدس وتم تعـيين الإنجيلي هو وليم يونغ نائبا للقنصل في القدس في سنة 1839م
وكتب هنري تشرشل(ضابط الأركان البريطانية في الشرق الأوسط) في عام 1841م إلى موسى مونتغـيور (رئيس مجلس الممثلين اليهود في لندن) قائلا: لا أستطيع أن أخفي الجامحة في أن أرى شعـبك يحقق مرة أخرى وجوده كشعـب.
أما إدوارد بتفورد (من مكتب المستعـمرات في لندن) فقد اقترح في سنة 1845م إقامة دولة يهودية في فلسطين تكون تحت حماية بريطانيا, عـلى أن ترفع الوصاية عـنها بمجرد أن يصبح اليهود قادرين عـلى الاعـتناء بأنفسهم.
وقال: إن دولة يهودية ستضعـنا في مركز القيادة في الشرق بحيث نتمكن من مراقبة عـملية التوسع والسيطرة عـلى أعـدائنا والتصدي لهم عـند الحاجة.
وفي المؤتمر الأول للحركة الصهيونية في بازل سنة 1897م حضر القس البروتستانتي (وليام هشلر) إلى قاعة المؤتمر رفقة هرتزل وخطب في الصهاينة قائلا: استفيقوا يا أبناء إسرائيل فالرب يدعـوكم للعـودة إلى وطنكم القديم فلسطين.
وبسبب إيمان الإنجليز بوجوب هجرة اليهود إلى فلسطين بناءا عـلى فهمهم لتوراة, قامت كنيسة إنجلترا بدور فعال في قيام الكيان الصهيوني عـن طريق حشد الرأي العام الغـربي والمؤسسات الحكومية الرسمية إلى جانب الصهاينة كما قامت بجمع الأموال لهم وتشجيع اليهود عـلى الهجرة إلى فلسطين.
وكانت الويلات المتحدة أكثر تشبعا بالروح اليهودية من بريطانيين, حيث أطلق المستوطنون الأوائل عـلى أمريكا إسم أرض الميعاد وأطلقوا عـلى أنفسهم الشعب المختار وتصوروا الهنود الحمر عـلى أنهم أعـداء اليهود من الفلسطينيين والموأبيين والعـمونيين وغـيرهم, كما كان أول صحيفة صدرت في الولايات المتحدة بعـنوان (اليهودي), ولذلك لم يكن غـريبا أن يقوم القنصل الأمريكي في القدس وردر كرسيون في سنة 1840م بمساعـدة اليهود عـلى إقامة مستوطنة يهودية بدعم من جمعـية صهيونية في إنجلترا.
وقام قس ايرلندي يدعى جون نلسون داري وكان قسيس في كنيسة إنكلترا, بعـدة زيارات إلى الولايات المتحدة وكندا, ثم قام مع أمريكي يدعى سايروس إنجيرزون سكوفيلد بعـقد عدة مؤتمرات بداية من سنة 1875م حول النبؤات في التوراة والإنجيل مع التركيز عـلى اعـتقاده أنه مخطط الله عـلى الأرض من أجل إسرائيل ومخطط الله في السماء من أجل خلاص المسيحيين, ورأى سكوفيلد كتابة ملاحظات تفسر نظامه الإيماني في مرجع إنجيلي.
وقد طبع أول مرجع إنجيلي له في سنة 1909م, وأصبح أكثر الكتب المتداولة حول النصرانية, وكانت تباع منه ملايين النسخ.
وكانت نظرته إلى تاريخ الإنسانية أنه ينقسم إلى مراحل محدده منها المرحلة التدبيرية التي قال عـنها » إنها مرحلة من الوقت حيث يمتحن الإنسان بالنسبة إلى طاعة إرادة الله التي تظهر في هذه الفترة المحددة« وهناك سبع مراحل مميزة واردة في هذه النصوص, وكان اعـتقاده أن العالم سوف يصل إلى نهايته بكارثة وبدمار وبمأساة عالمية نهائية, واستثنى منها بعـض النصارى بقوله " إن المسيحيين المخلصين يجب أن يرحبوا بهذه الحادثة لأنه بمجرد ما تبدأ المعركة النهائية فإن المسيح سوف يرفعهم إلى السحاب وأنهم سوف ينقذون, وأنهم لن يواجهوا شيئا من المعاناة التي تجري تحتهم".
واعـتقد الإنجيليون التدبيريون "أنه لن يكون هناك سلام حتى يعـود المسيح وأن أي تبشير بالسلام قبل هذه العـودة هو هرقطة وأنه ضد كلمة الله وأنه ضد المسيح".
وقد زاد إيمان هولاء بخرافاتهم بعـد قيام دولة الصهاينة واعتبروه بداية تحقيق عـودة المسيح وحثوا حكومتهم عـلى تأيديها, وأن معـركة هر مجدون باتت قريبة.
وقد صاغـوا نظريتهم عـن الحرب بعـد اكتشاف الذرة وبروز الاتحاد السوفيتي كقوة عالمية, فقالوا أن معـركة هر مجدون سوف تكون معـركة نووية وأنها سوف تكون ضد الاتحاد السوفيتي والدول العـربية المتحالفة معه وأن ساحة المعـركة الرئيسية ستكون عـلى أرض فلسطين, وقد زاد إيمان هولاء بخرافاتهم كما زاد عـدد أتباعهم بعـد هزيمة العـرب في سنة 1967م, واعـتقدوا اعـتقادا جازما أن انتصار اليهود معجزة إلهية, وأن الله يحرس اليهود, وانه نصر شعـبه المختار في تدبير منه في خطة موضوعة لوصول البشرية إلى معـركة هر مجدون التي اقترب وقتها وأن دعـمهم لليهود هو قربة لله.
ولم يهمهم عـند تقديمهم الدعم لليهود ما يحل بالفلسطينيين أو أنهم يقدمون الدعم للبغي والعـدوان لأنهم يعـتقدون أنهم ينفذون مشيئة الله مقتنعـين بقول لوثر: "إن اليد التي تدير السيف الدنيوي ليست يدا بشرية وإنما هي يد الرب والرب لا الإنسان هو الذي شنق ويجلد بالسياط والرب هو الذي يشهر الحرب".
ولذلك اعـتبروا أن غـزو اليهود للبنان عـملا من إرادة الله وأنها حرب مقدسة تنسجم مع التوراة وتؤكد نظرياتهم حول النبؤات التوراتية الإنجيلية باقتراب هر مجدون.
وبعـد انهيار الاتحاد السوفيتي قاموا بالتركيز عـلى المسلمين والعـرب وخاصة العـراق عـلى اعـتبار أنه حسب نظرياتهم أن المسيح لن يعـود قبل بناء الهيكل عـلى أنقاض المسجد الأقصى وأن الهيكل لن يبنى قبل دمار بابل أي العـراق, ولذلك كان التركيز عـلى العـراق ليس كهدف استراتيجي من ناحية النفط والموقع والقوة وإنما لدوافع دينية للوصول إلى هر مجدون التي يعـتقدون بها.
ويقوم الإنجيليون التدبيريون بكل ما استطاعوا عـبر المحطات التلفزيونية والإذاعات والصحف ببث هذه الحماقات والتي يصل عـدد المؤمنين بها إلى أكثر من 60 مليون شخص في الولايات المتحدة.
ومن أبرز الذين يرجون لهذه الأفكار جيري فالويل وبات روبرتسون وجيمي سواغـرات وبيلي غـراهام وابنه فرانكلين وكثيرين غـيرهم من الذين يريدون دفع العالم إلى حرب نووية, وقد آمن بهذه الأفكار العـديد من الأمريكان من أصحاب المناصب والنفوذ السياسي والمالي في أمريكا كان من بينهم رؤساء من أبرزهم رونالد ريغان الذي قال: " إني أرجو أن أكون الرئيس الذي يضغـط عـلى الزر النووي" ومنهم بيلي غـراهام الذي كان يعـمل قسيس في البيت الأبيض وقد أقسم العـديد من الرؤساء الأمريكان أمامه قسم تولي الرئاسة وخلفه الآن في منصبه ابنه فرانكلين, كما يؤمن بهر مجدون العـديد من النواب الكونغرس وأعـضاء مجلس شيوخ وكذلك صحفيون ورجال أعمال وشرائح أخرى من المجتمع الأمريكي, والإدارة الأمريكية الحالية هي أكثر الإدارات الأمريكية تطرفا وإيماننا بهذه الخرافات, ويعـتبر الرئيس الأمريكي بوش هو أحد تلاميذ جيري فولويل, وقد قدم له الإنجيليون التدبيريون دعـما كبيرا أثناء ترشحه لرئاسة, ويقوم الآن باستقبال العـديد من الإنجيليين التدبيريين في البيت الأبيض.
ومن أجل الوصول إلى هرمجدون يقوم الإنجيليون التدبيريون اليوم بحملة لتحريض ضد المسلمين وقد طال حقدهم النبي محمد صلى الله عـليه وسلم مستهدفين في ذلك شن حملة على الإسلام والمسلمين والتمهيد لتوجيه ضربة للمسلمين وتهيئة الرأي العام في أمريكا وأوربا إلى ذلك.