الاقتباس من القرآن في الشعر العربي

[ريمه الخاني]

كتاب نضع له بعض نقاط قرأناها فيه لفتت نظرنا ووجدناها جديرة بالعرض
الكتاب لـ"عبد الهادي الفكيكي"وقد أهداه لمن اقتدى برسولنا الكريم.
قدم له "ناجي علوش"
كتاب من القطع الكبير يحوي173 صفحة ,وقد روب تبويبا ممتازا .
يقول في بدايته:
هذا كتاب طريف متخصص في موضعه ,لم يسبقنا إلى مثله غير أبي منصور عبد الملكبن محمد الثعالبي المتوفي سنة 429 هـ و هناك دراسات جانبية حول ذلك:
الفخر الرازي والسكاكي وابن الأثير ويحيى بن حمزة العلوي والخطيب القزويني وابن القيم الجوزية.
***********
الاقتباس لغة:
طلب القبس: والقبس شعلة من نار تقتبس "تؤخذ منها أو من معظمها وبهذا المعنى جاء في الآية من سورة (طه) على لسان موسى:إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس .
يتبع

[ريمه الخاني]

يقال أن لعائشة بنت سعد بن أبي وقاص بهذا المعنى:
بعثتك قابسا فلبثت حولا=متى يأتي غواثك من تُغيث؟
وكانت عائشة قد بعثت خادمها "فند"ليقتبس لها نارا ,فتوجه إلى مصر ,وأقام بها سنة كاملة ,ثم جاءها بنار وهو يعدو,فتبدد الجمر فقال:تعست العجلة! فقالت:بعثتك قابسا ....
قبست النار قبسا:إذا أخذت منها طائفة لحاجتك,وهي الجذوة أو الجمرة الملتهبة,ورد لامرئ القيس:
فأدبر يكسوها الرغام كأنه=على الصمد والأكاد جذوة مُقبس
واقتبس منه نارا وعلما ,إذ يستعارلفظ الاقتباس لطلب العلم والأدب فتقول ,اقتبست منه علما وأدبا ,أي أخذت واستفدت.
قال الكسائي:أقبسه وقبسه علما ونارا سواء.
واصطلاحا:هو أن يتضمن الشعر أو النثر شيئا مما جاء في القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف مع جواز بعض التغيير غير المخل.
يتبع

[ريمه الخاني]

مما ورد عن أبو علاء المعري بيته المشهور:
وإذا الأرض وهي غبراء صارت=من دم الطعن "وردة كالدهان"
وقال صفي الدين الحلي:
محمد المصطفى الهادي الذي اعتصمت =به الورى فهداهم أوضح الطرق
ومن "دنا فتدلى "نحو خالقه="كقاب قوسين أو أدنى"من العنق.
والاقتباس عند البلاغيين:ضرب من ضروب البديع الذي يكمل مع علمي (المعاني) و(البيان)قواعد البلاغة وعلومها الثلاثة,فهو أحدها .
الاقتباس النصي:وفيه يلتزم الشاعر بلفظ النص القرآني وتركيبه.
الاقتباس الإشاري:وهو أن يأخذ بلفظ النص القرآني مايشير به إلى آية أو آيات منه,من غير أن يلتزم بلفظها وتركيبها.
فمن الأول للإمام لشافعي قوله:
أنلني بالذي استقرضت مني=وأشهد معشرا قد شاهدوه
فإن الله خلاق البرايا=عنت لجلال هيبته الوجوديقولإذا تداينتم بدين=إلى أجل مسمى فاكتبوه)
وهي مقتبسة من 282 من سورة البقرة:يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم إلى أجل مسمى فاكتبوه.
وهي ابيات موجودة في كتاب "البرهان في علوم القرآن"للزركشي
وقد تنوعت الأغراض التي من خلالها مر الاقتباس ما بين الزهد والعظوالمدائح النبوية,والفخر والاستعطاف,وحتى الرثاء,والغزل والعتاب,والوصف والتشبيه,
ويخصص الباحث أبوابا لمن أكثر الاقتباس مثال:
المعري,شعر الاندلسيين والمغاربة.
الاقتباس في "بديع الاكتفاء"
يتبع

[ريمه الخاني]

الاقتباس في "بديع الاكتفاء"

الاكتفاء نوع من الإيجاز :وهو أن يقول الشاعر بيتا من الشعر قافيته متعلقة بمحذوف يتغاضى عن ذكره ليفهم المعنى بدلالة ما في لفظ البيت عليه,فيكتفي بما هو مقدر معلوم في الذهن مما يقتضي تمام معناه.
مثال ذلك من قصيدة للشاعر "ان سناء الملك"قوله:
دنوت وقد أبدى الكرى منه ما أبدى=فقبلته في الخد تسعين أو إحدى...
أي:أو إحدى وتسعين قبلة فحذف المقدر بعد كلمة (إحدى) مكتفيا ,مراعاة لوزن البيت,
فهل هذا يعتبر له علاقة بأمر:
بحساب الجمل والتشفير الشعري؟
للمزيد:
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=42511

[ريمه الخاني]

هذا وتعد الدراسة ق انصفت شريحة واسعة من شعرائنا ,حتى وغطت حقبة طويلة من الزمن ,كان فيه الاقتباس من القرآن أمر واضح السمة في الشعر بدأ يتراجع قليلا حتى عصرنا هذا حيث حفلت حقبة النصف الأول من القرن المنصرم بكثير من النماذج الواضحة,كانت تعد من البلاغة آنذاك,أما في عصرنا الحالي فقد قل من ضمن ذلك معنى سواء نصيا أو إشاريا ,ويمكننا الإشارة لساعر الكبير "مصطفى السنجاري الذي كان هذا واضحا في بعض نصوصه:
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=43233
ربما كان نصا نثريا لكنه واضح المعالم لافت التفاصيل.

[مصطفى السنجاري]

هذا المكان وارف بروعة التضمين والاقتياس

وهو نافذة تطل على جمال البيان والبلاغة

كل الشكر والامتنان لهذا الجهد المتميز

سيدة المكان ريمة الخاني

[ريمه الخاني]

شكرا لحضورك الكريم شاعرنا ومشرفنا العزيز:
وهذه إضافة هامة:
ورد في دراسة الدكتور وليد العرفي في بحث:التناصؤفي شعر "شرف الدين الأنصاري"ص 147 من مجلة "التراث العربي الفصلية, العدد 127
يشكل التناص في الأدب عموما وفي الشعر خصوصا ,ظاهرة أسلوبية تسترعي العناية والتامل ,كونها شكلا من أشكال التعبير ,الذييعكس الخبرات المتراكمة التي تحتضنها الذاكرة الجمعية لدى امة من الأمم, بكل ماتختزنه لديها من موروث تاريخي,
يمتد منذ بداية الوجود ,حتى اللحظة المنتجة للنص الوليد.
والتناص:ورد في المعجم الوسيط: تناص القوم بمعنى ازدحموا ويتفق هذا المعنى اللغوي حسب المعجم مع دلالته الصرفية: بزنة (تفاعل) التي تفيد المشاركة ,مما يعني وجود علاقات تشابه ,او عناصر تقارب,ووشائج تآلف بين نص حاضر وآخر غائب.
تقول انلاقدة البلغارية:طوليا كريستيفا:هو علاقة حضور مشترك بين نصين او عدد من النصوص بطريقة استحضارية.


من انواع التناص "ويرادفه الباحث مع الاقتباس":خاصة التناص الديني:
الاقتباس من القران:
اقتباس إحالي:يعمد فيه الشاعر استخدام عنوان السورة القرانية:
تلاف قلبا فيك اودى به=آخر لفظ من لإيلاف
اقتباس استبدالي:استبدال حرف او كلمة من لنص القرانيبحرف عطف :
ألم تسمع ملامة من تولى=ومن أعطى قليلا ثم اكدى
اقتباس محور الاستنادي:تحويرا يطال بنية التركيب اللغوي من تقديم وتأخير :
تكاد الأرض تنشق ارتجاجا=لأمرك والجبال تخر هدا
اقتباس التحوير الموقعي:تحوير يقتصر على موضع الكلمة :
رب بعيد ويبدي=ويستعان,ويعبد
الاقتباس المحوّر الاعتراضي:يقتبس الشاعر فيه النص القراني بشكل كامل مع اضافة تركيب جديد يشكل فاصلا في البنية اللوغية للآية:
لئن خوفتني من تجنيه عذَل=فإن مع العسر-الذي زعموا-يسرا
الاقتباس الدعائي:يلجا الشاعر هنا لأسلوب الدعاء من خلال استعادة صفة سلبية قديمة ملازمة لجماعة لتعبر عن جالة حاضرة:
وللواشين عنّا نو=م أهل الكهف في الكهف
تناص الحدث الديني:
مثال:استحضار عصا موسى:
ولاتسحرنّي بالملام فإنما=غرامي عصا موسى إذا عنّ ساحر
تناص المثل في شعر الانصاري:
أغنيت عن كل الملوك ببعض ما=تحوي وكل الصيد في جوف الفرا
وقد عرض الباحث فروعا للتضمين تقاطعت مع التشطير:
تضمين تام:يلجا الشاعر فيها لتضمين أعجاز بيت كامل:
أوهمت نصحا ,لو أن النصح مقبول=(لاألهينك إني عنك مشغول)
تضمين الاسلوب:تضمين أسلوب استهلالي:
خليلي!هاسقط اللوى قد بدا=فلا تعدواه,بل قفا نبك من ذكرى

[ريمه الخاني]

لدينا أمثلة من الاقتباس القرآني في الشعر العراقي وجدناه في كتاب نقدي للناقدة العراقية:فاطمة الشيدي.ص 99:
من أمثال سعد الياسري:
على قلق أنست النور في دربي
بلا أمر
بلا واد أقدسه فينبئني
على قلق أنستِ النار ياربي
ولكن ..أين أتباعي؟
فإذا بالصوت مؤتابا:
هو الإنسان في خسر!.